IMLebanon

هل دقت الساعة لنهاية النأي بالنفس؟

مجلس الوزراء محكوم بأن يمارس التطنيش كأنه رأس الحكمة. وهو يعمل كالمعتاد تحت سقف الخلاف على جوهر الموقف اللبناني من تحييد البلد عن صراعات المنطقة. فلا شيء يعطل خيار الحفاظ على الحكومة كمصلحة لكل أطرافها خوفا من خطورة أزمة حكومية في هذه المرحلة. لا الخلاف على زيارات وزراء الى دمشق. ولا الانقسام بين اطراف حريصة على العلاقات مع السعودية وبقية الدول الخليجية العربية وبين اطراف تصر على مهاجمة السعودية وتلعب أدوارا في دول خليجية اخرى من ضمن الاصطفاف مع محور الممانعة بقيادة ايران.

ذلك ان النأي بالنفس وخصوصا عن الصراع في سوريا هو السياسة الرسمية للحكومة، واقحام النفس، وخصوصا في حرب سوريا هو السياسات العملية لأطراف في الحكومة يتقدمها حزب الله. ولا مجال للهرب من التساكن الذي تريده اطراف في اطار الستاتيكو الحالي، وتريده اطراف اخرى على الطريق الى تغيير الستاتيكو. لا من يخرج على سياسة الحكومة يخرج من الحكومة. ولا من يحتج على تحدي السياسة الرسمية المعلنة يخرج من الحكومة أو يرى ان الوقت مناسب والمصلحة الوطنية تقضي بقلب الطاولة.

والمخرج بسيط على الطريقة اللبنانية: لا مجلس الوزراء يمنع وزراء من زيارة دمشق بدعوات رسمية، ولا هو يمنح الزيارات الصفة الرسمية.

لكن المسألة أبعد من قصة الزيارات الى دمشق والدعوات الى التنسيق معها. ففي الأجواء نوع من أمر اليوم خلاصته ان الساعة دقت للخروج من سياسة النأي بالنفس ومراجعة المواقف التي جرى النص عليها في البيانات الرسمية، لأن الظروف تغيرت. والسؤال هو: الى أي حد كنا نمارس بالفعل سياسة النأي بالنفس؟

مهما يكن الجواب، فان خطاب حزب الله مباشر وحاسم بالنسبة الى ما هو ابعد من معركة جرود عرسال ودوره في حرب سوريا، وبالتالي من توظيف ذلك في لبنان وحده. ولا حاجة الى القراءة بين السطور. فما يراه حزب الله هو انتصار محور المقاومة في الصراع الجيوسياسي الكبير في المنطقة وعليها، والسقوط النهائي الوشيك ل المشروع الدولي والاقليمي الذي استخدم مختلف الجماعات الارهابية التكفيرية ضد محور المقاومة. وما يطالب به هو التكيف مع الواقع الجديد.

لكن اللعبة الاقليمية والدولية أشد تعقيدا من ذلك. والمسألة ليست ان حزب الله سريع في قراءة التطورات وسواه بطيء في القراءة. فالتطورات سيالة في حروب لا أحد يعرف متى تنتهي وكيف. حتى الروس والاميركان، فانهم يحاذرون القول إن إعادة تشكيل المنطقة باتت مكتملة.