IMLebanon

«حزب الله» و«لعبة» إفراغ.. الموقع المسيحي الأول

سنتان ونصف السنة من الفراغ الرئاسي، تخللها تعطيل «حزب الله» لخمس وأربعين جلسة رئاسية، وبالتالي افراغ الموقع المسيحي الاول في الدولة، والوحيد في منطقة الشرق الأوسط، لمدة زمنية تاريخية تخطت كل التوقعات، والامعان في تسريب الفراغ الى باقي المراكز المسيحية التي تعد عملية ملئها من صلاحيات رئيس الجمهورية. كل «دروب» المبادرات التي شهدها الملف الرئاسي منذ سنتين، قادها الحزب بخطى ثابتة الى «طاحونة» التعطيل. رسخ مخاوف المسيحيين بفعل ارتكاباته اللادستورية، وزاد توجسهم «المحق» من خلال اصراره على تجريدهم من دورهم القيادي التاريخي في لبنان وحتى في المنطقة، مبرهنا بخطواته المتتالية والتي غالبا ما تفتقد معطياتها الى الحد الادنى من الحجج السياسية والوطنية الصادقة، ان الشغور الرئاسي بات من الركائز الاساسية التي يعتمد عليها الحزب لاراحته في تحركاته الداخلية والخارجية، عدا امتداد تأثير الملف اقليميا وتحوله الى ورقة ضغط فعالة سخرتها ايران لمصلحتها حاذية حذو النظام السوري ايام احتلاله للبنان.

لن يحتاج المسيحيون الى براهين اكثر، ذهولهم بمن قاوم حتى تحرير الارض من اشرس الاعداء تبدد بعد اظهاره لوجهه الحقيقي على مدى السنوات التي تعاقبت. لم يأت كل هذا التوجس فجأة، لا من الاصرار على المجيء برئيس من 8 آذار، ولا بالتخلي عن النائب سليمان فرنجية وافشاله لتسوية ترشيحه بالتعنت في دعمه للنائب ميشال عون والتمسك بموقفه المعطل للجلسات، ولا حتى باشراك حلفائه بتبني خياره الرئاسي والذهاب فورا الى انتخاب عون رئيسا، ولا بالحملات الاعلامية المنظمة التي تساق ضد المراكز المسيحية العليا في الدولة كقائد الجيش وحاكم مصرف لبنان.

«انانية» تعاطيه في الملفات الوطنية، وتقوية موقفه بدعمه «الصوري» لعون مقابل استحصاله منه على مواقف سياسية داعمة لمخططاته، تارة تحت غطاء الميثاقية وطوراً بالتبجح بالمطالبة بحقوق المسيحيين، رمى على المسيحيين انفسهم كل عبء الفراغ وما بعده وما بعد بعده، وبات عليهم تلقي موبقاته التي تخطت بممارساتها اقصى الظروف التي مرت على مسيحيي لبنان عبر التاريخ. ابتدع الحزب اسسا جديدة تتماشى مع واقع حاله، وفرض الفراغ والتمديد على ارفع مؤسسات الدولة التي لا تؤمن استمراريتها الا بتداول السلطة وممارسة الصلاحيات الدستورية دون التلاعب بالمفاهيم القانونية بغية «تذويب» هيبة المواقع المسيحية شيئا فشيئا.

يتخوف المسيحيون اليوم على وجه الخصوص من اطالة امد الفراغ اكثر فاكثر وصولا الى الاعتقاد بشبه استحالة ملء الكرسي الرئاسي. ربما تكون دوافع الحزب في هذا الاطار معروفة وقديمة – جديدة تبدأ بالمحاولات البائسة لـ»فرسنة» البلد ولا تنتهي بشهر سيف المؤتمر التأسيسي.