IMLebanon

«حزب الله» وحرب عرسال؟!

 

عندما يدعو الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الى الحشد الشعبي يكون قد اختار عملية عسكرية بمستوى اثبات الوجود، ليس لان الجيش اللبناني لا يريد ولا يرغب في مؤازرة الحزب في حربه على النصرة في عرسال، بل لان الحزب يخشى  من ان تتطور معركة عرسال الى مواجهة مع الاصوليين المنتشرين في اكثر من منطقة لبنانية، لاسيما في الشمال حيث الثقل السني، ومثله في بيروت، وعندها لن تكون الامور محسومة باتجاه الخلاص من عقدة عرسال، اضافة الى كون الحزب «مزنوقا» في مناطق سورية اخرى دخلها على اساس الدفاع عن المواقع الدينية، لكنه وصل الى اقحام نفسه في حرب نظام بشار الاسد لاثبات وجوده؟

والذين يرون ان نظام الاسد في مواجهة غير حتمية مع «داعش» يؤكدون انه لم يحدث مرة صدام واحد بين الجيش العربي السوري مع تنظيم الدولة الاسلامية، ما يؤكد في المطلق ان النظـام ليس على خصومة مع داعش بقدر ما يستفيد من داعش في قتال الجيش الحر، وبالتالي يمنع التنظيم من ان يسمح للجيش الحر من التمدد باتجاه دمشق، مع العلم ايضا انه في حال فشل الحرس الثوري الايراني في اثبات وجوده في مواقع قتالية حساسة لما فيه مصلحة داعش، معنى ذلك حصول حرج في مواقف حزب الله الذي ينسق مع الايرانيين!

وفي عودة الى عرسال، يبدو الامر واضحا بين خيارين: الاول وضع الجيش اللبناني امام امر واقع، فاما ان يضرب امكنة انتشار النصرة في عرسال ومحيطها، حيث لا يعقل ان تحصل مواجهة مع النصرة كي لا تنطلق شرارة المواجهة الى الاماكن ذات الغالبية السنية، وهذا مرشح الحصول ليس لان النصرة غير قادرة على الحركة، بل لانها مغطاة بكثافة بشرية يستحيل معها خوض حرب كر وفر، مع العلم ان مواجهات النصرة مع داعش لم تتوقف يوما، الامر الذي يؤكد ان نظام الاسد بحاجة ماسة الى جيشه النظامي بمستوى حاجته الى حزب الله والحرس الثوري الايراني وداعش في وقت واحد (…)

السؤال المطروح: اين اميركا من هذه المعادلات السياسية والعسكرية على الارض، خصوصا عندما يتحدث سياسيوها عن مشروع تقسيم سوريا الى ثلاث دول، وما هي الفائدة من ترك الاسد يواجه مصيره الحتمي قبل ان تتضح الصورة التي سيكون عليها تقسيم سوريا، بالتزامن مع تقسيم العراق، واللافت في خصوص تراجع قوات الاسد من تدمر فان الغاية ترك المواجهة مفتوحة في اماكن الشمال السوري، حيث تخلى النظام نهائيا عن حلب وحماه وجسر الشغور، فيما لا تزال المعارك قائمة في حمص والمناطق المتاخمة للحدود العراقية حيث يقال ان داعش قد سيطرت على تلك المنطقة.

وما يثير التساؤل في هذا الصدد ان ما يقال  عن تماسك مواقع الجيش النظامي في محيط دمشق غير واضح المعالم، لاسيما ان مناطق ريف دمشق قد اصبحت نظيفة من النصرة، بعد ارتكاب المزيد من المجازر بواسطة الطيران الحربي الذي لم يتوقف عن طلعاته على مدار الساعة، فيما لم تحصل مواجهة  اثر تخلي الجيش العربي السوري عنها بفارق عشرين ساعة فقط لا غير؟

من هنا يتكرر السؤال عما ترغب فيه اميركا والدول الغربية جراء معاناة الشعب السوري المنكوب بنظام لا يتأخر عن استخدام مختلف انواع الاسلحة الحربية للفتك به، بدليل تكرار مجازر  ريف دمشق مع عمق الشمال السوري حيث انعدمت وسائل المواجهة المباشرة بين جيش النظام والجيش الحر، حيث يقال ان كل شيء قد انيط بتنظيم داعش المكلف دعم قوات الاسد من غير حاجة الى تأكيد مثل هذا التوجه لابقاء الصورة قائمة على اساس تماسك النظام السوري ليس الا (…)

والذين يرون في التطورات السورية الاخيرة ما يمنع سقوط النظام مقابل توزيع المسائل الحربية بين قتال مباشر مع جيش المنطقة الحدودية مع لبنان، حيث اصبح لا بد من معركة اثبات وجود بين حزب الله وبين النصرة، على رغم الصعوبة الميدانية التي تحتم على الحزب جر الجيش اللبناني اليها من دون طائل؟!

ومن الان الى حين ظهور بوادر حرب مباشرة بين حزب الله والنصرة سيبقى سؤال عن موقع الجيش اللبناني في المواجهة، وما اذا كان الحزب سينجح في جر الجيش الى ما لا رغبة لديه لفعله خشية الانعكاسات السلبية الداخلية حيث من الصعب تجاهل ذلك، اقله بالنسبة الى ما هو مرجو في الوقت الحاضر من ضرورات لتجنب سلبيات الحرج الذي يعاني منه الحزب على الحدود مع سوريا، بما في ذلك ظروف الحرب في الداخل السوري؟!