IMLebanon

حزب الله مؤمن بان المسيحية المشرقية تتلاقى مع الرؤية الشيعية

هذا سؤال مطروح بشدة وقوة، في لحظة يفترض فيها أن يتم التحول الجذري بسياقه النوعي من حقبة اختلفت فيها القوى السياسية حتى الاحتقان وكاد أن يبلغ حد الانفجار حول الانتخابات الرئاسية إلى حقبة يجدر أن تصدر عنها تعابير جديدة ورؤى إيجابية تملك القدرة والطاقة بالمعاني المنطلقة من جوهر التسوية الميثاقية، لتسهيل التأليف بعدما تيسر التكليف فيتم إبراز تلك المعاني بكاملها حتى تبلغ اللحظة كمالها مع الشروع بمناقشة قانون انتخاب تتوفر فيه شروط الحياة السياسية الجديدة بمعاييرها الدقيقة ومصطلحاتها الرصينة والمتوازنة المكنونة بمبدأين أساسيين: النسبية الكاملة معطوفة على المناصفة الفعلية وفقا للمادة 24 والمادة 95 من الدستور اللبناني.

تكشف أوساط مسيحية بحرص شديد، بأن المصالحة بين المسيحيين وترسيخ ما اصطلح بتسميته «بالثنائية المسيحية» هي المستهدفة في الزمان الحاضر. بمعنى أن التلاقي بين القوتين المسيحيتين الممثلتين بالتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وهما الحزبان الحائزان على أعلى نسبة تمثيلية للوجدان المسيحي ليس حالة عابرة تتحرك في قلب المصلحة الآنية واللحظوية المنتفية صلاحيتها مع العبور إلى تأمين هذه المصلحة، بل هي حالة تكوينية جديدة تحاول أن ترتقي تدريجيا نحو المسارات الاستراتيجية المتخطية للحسابات الداخلية في محاولة حقيقية لتدبيج مقاربة تلتقط في طياتها الآفاق والنقاط من خلف الغمام وكومات الركام، ضمن تحلل بليغ من الماضويات الغابرة والتي يشاؤوها بعضهم عابرة ومعبرة عن ذاتيات متحجرة في أنماط حروفية  ومتأججة بقوالب إيديولوجية تكال منها تعابير ومفردات تستند على رهانات خاوية وجوفاء على أوراق صارت رمادا.

بالعودة إلى الثنائية المسيحية، تعتقد الاوساط المسيحية بأن الرهان السابق لمرحلة ما قبل الانتخابات الرئاسية هدف إلى استكمال الانقسام المسيحي بعدم الاتفاق على شخص الرئيس. كثيرون راهنوا رهانا كبيرا على فقدان المسيحيين قدرة التوحد والتوجه بقراءة واحدة في تأمين الخصوصية المسيحية وجذبها نحو التفاعل وترسيخها ضمن منطق الشراكة مع الشريك الآخر، أولهم الرئيس نبيه بري والنائبان فؤاد السنيورة ووليد جنبلاط، وظن هؤلاء بأن المسيحيين سيبقون مستولدين في كنفهم بحيث يتم التعاطي معهم كقوم منسيين ليسوا سوى أقلية قابلة للتهميش بعدما التهمهم التهشيم.

وبعد استعادة الرئاسة بمنطق الرئيس القوي الذي يمثل الوجدان المسيحي بأكثريته المطلقة، شعر الرئيس بري وبحسب تلك الأوساط بأن حلمه ذوى ودفن تحت تراب الواقع. استنهاض المكون المسيحي بكينونته اللبنانية وبوجود العماد ميشال عون على سدة الرئاسة لم يرتبط باتفاق إيراني- أميركي عضوي، وقد أتضح بأن الإيرانيين والأميركيين ما كانوا على اتفاق بقدر ما كانوا على تقاطع هامشي. وجود العماد عون على سدة الرئاسة كحالة مسيحية جاء من توافق إيراني روسي وفاتيكاني. ويغيب عن بال كثيرين ذلك البيان الشهير الصادر عن قمة هافانا الشهيرة بين البطريرك كيريل والبابا فرنسيس وتم فيه توصيف حالة المسيحيين المشارقة، وأكد على مواصفات نهوضهم وتفاعلهم مع الشريك الآخر. أليس مفترضا على الآخرين في لبنان أن ينتبهوا إلى تلك اللحظة الجديدة والتي ساهمت بانتخاب العماد عون رئيسا سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

واعتبرت تلك الأوساط بأن حزب الله فهم مراحل اللحظة الجديدة وأبعادها. والجدير ذكره أنه كان من أسسها وقد سعى إليها وقام بتعزيزها ليقينه بأن المسيحية المشرقية انطلاقا من لبنان ليست مجرد حاجة بل هي وجود راسخ تتلاقى آفاقها الفكرية  بكثير من نواحيها مع الرؤية الشيعية. وجسدها بدعمه العماد عون المؤمن يقينا بالحرب الاستباقية على القوى التكفيرية وبمقاومة إسرائيل. ويعمل بدقة على تسهيل تأليف الحكومة، وهو المدرك بعمق أن الخلاف البنيوي الدائر بين الرئيس عون والنائب سليمان فرنجية رسم كخيار استراتيجي لهدفين:

1- تعطيل مفهوم الوحدة المسيحية بمعناها السياسي في لبنان، لصالح الإسلام السياسي في المنطقة. وتعطيل الوحدة في لبنان إمعاناً في استمرار إفراغ المشرق العربي من مسيحييه.

2- لي ذراع حزب الله بتعميم الخلاف بين حليفيه المسيحيين ليسهل قضمه من الإسلام السياسي، وتتجوف الحرب الاستباقية من مضمونها المتنوع – الواحد.

ويعرف حزب الله وبحسب الأوساط عينها، بأن تعطيل التأليف يعبر عن استمرارية هذا الهدف. ويدرك الحزب بدوره بأن الانكباب المتراكم على وزارة الطاقة تحديدا يفرغ السياق الاستثماري من المسيحيين وهذا أمر مطروح منذ ثلاث سنوات وأكثر. فيعبر الانكباب على تقاسم ومحاصصة خالية من شفافية صافية  ومقمطة بضبابية آثمة.

وفي بعض المعلومات إن الحراك الأخير بين جبران باسيل ووفيق صفا وسليمان فرنجية وعلي حسن الخليل بلغ الحائط المسدود. واعتبرت بعض المصادر بأن رئيس الجمهورية قام بمبادرة أبوية ولكن الثنائي بري-فرنجية يذهب في شد الحبال مع الرئيس إلى تعطيل المبادرة. والسؤال الموجه هل عادت سياسة الرهانات على تغيير قواعد اللعبة في المنطقة لنقف أمام اصطفاف جديد يعيد الأمور نحو المربع العبثي؟

وفي النهاية تنصح تلك المصادر حزب الله بضرورة حماية هذا الإنجاز  وحسم النقاش في التأليف. فالمرحلة لا تسمح بالتسويف، والحزب ضنين بردم تلك الهوة السحيقة انطلاقا من مودودية واحدة تجمع، والمودودية بين القلب والعقل رحم لولادة الحياة الجديدة في لبنان.

وللأيام أن تثبت أن المسيحيين برمتهم سيقرأون في كتاب استراتيجي واحد وسيكون حزب الله شريكا في القراءة وكل ما يحصل إبطال لمحاولة الوصول نحو مقاربة واحدة وقراءة واحدة في كتاب واحد.