IMLebanon

حزب الله لا يأبه لمن انزعج في الداخل من جولته الحدودية

في اللحظة التي حطت بها الطائرة العسكرية التابعة للجيش اللبناني، والتي اقلت رئيس الحكومة سعد الحريري الى مهبط طائرات قوات الامم المتحدة «اليونيفيل» في الناقورة، سُجل في ملفات الامم المتحدة انتهاك جديد للسيادة اللبنانية، بعد تحليق للطيران الحربي الاسرائيلي في الاجواء اللبنانية، وهو انتهاك سيُضاف الى لائحة طويلة من الانتهاكات الاسرائيلية.

كانت اشبه بزيارة رئيس حكومة، لدولة محايدة تمثلها الامم المتحدة، ولو على ارض لبنانية مستأجرة لمصلحة اعلى هيئة دولية تعنى بنزاعات الدول، فافتُرِش له السجاد الاحمر احتفاء، هذا ما تقتضيه البروتوكولات والاعراف المعمول بها، وانهمك الجنود السيريلنكيون العاملون في قوات الامم المتحدة في الاستعداد لاستقبال يليق برئيس حكومة يزور جنوب لبنان للمرة الاولى، للرد على «الرسالة» الذي صاغها «حزب الله»، وفي المكان نفسه!.

فعلى وقع «الصاعقة» التي احدثها «حزب الله» في جولة اعلامية الى تخوم الحدود الدولية اللبنانية ـ الفلسطينية، لم تخلُ من «المفاجآت» غير المرغوب فيها من قبل اطراف لبنانية على خصومة… او عداء مع المقاومة، زار الرئيس سعد الحريري المقر العام لقوات الامم المتحدة، وسط مناخ عام تم التسويق له، من ان ما قام به «حزب الله» يشكل خرقا واضحا للقرار الدولي رقم 1071، الذي على اساسه تم تعزيز القوات الدولية في الجنوب، والذي يمنع وجود مسلحين في مناطق جنوب الليطاني، علما انه يمنع ايضا كل هذه الخروقات الاسرائيلية المتواصلة، يدعو الى انسحاب الاسرائيليين من الاراضي اللبنانية في القسم الشمالي لبلدة الغجر ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا… وهي خروقات بدأت منذ العام 1967.

ثمة من يشير هنا الى سجلات الامم المتحدة وقواتها في لبنان، التي تُدوِّن آلاف الخروقات الاسرائيلية، باشكال وانواع متعددة، بحرية وجوية وبرية، وعشرات عمليات تجاوز الخط الازرق الذي رسمته قوات «اليونيفيل» الدولية على طول خط الحدود اللبنانية ـ الفلسطينية المحتلة، وخطف رعاة الماشية مع قطعانهم من البراري اللبنانية المتاخمة للحدود، واهم من كل هذه الخروقات، ان الامم المتحدة التي اصدرت في العام 1978 القرارين 425 و426، اللذين نصا على انسحاب اسرائيلي فوري من الاراضي اللبنانية ، لم تكن قادرة على الزام قادة الكيان الاسرائيلي على تنفيذهما، الى ان تحررت اجزاء واسعة من الجنوب في ايار العام 2000، بفعل تنامي وتطور العمليات العسكرية للمقاومة اللبنانية وتراكم مسيرتها في مواجهة الاحتلال، منذ الساعات الاولى للغزو الاسرائيلي للبنان، والذي وصل الى العاصمة بيروت، ليُطل امين عام الامم المتحدة ليقول، وبعد 22 عاما .. «لقد انسحبت اسرائيل من جنوب لبنان، تنفيذا لقراري الامم المتحدة!».

اخطر ما وصل اليه الشعور الوطني في لبنان، ان تحليق طيران معاد فوق الاجواء اللبنانية، حتى ولو بلغ في طلعاته الاستكشافية اجواء العاصمة بيروت، يتم التعاطي معه على انه امر عادي لا يستدعي احتجاجا لدى المحافل الدولية، وهو اضعف الايمان، لننقل المشهد الى دولة اخرى، كيف كانت ستتصرف سلطات هذه الدولة في حال تعرض سيادتها للانتهاك اليومي؟ وكيف سيُعلن الاستنفار وتُدق طبول الحرب ويطلق النفير العام؟ بماذا كانت ستتصرف، فيما لو احتلت دولة اخرى مناطقها، واستباحت الجو والبحر والارض؟

مشهد يوم الثاني عشر من تموز عام 2006، يوم تمكنت فرقة كومندوس من «حزب الله» من اسر جنديين اسرائيليين عند خط الحدود، واعقب العملية حرب اسرائيلية، يومها اعلن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة «براءة» الحكومة من عملية الاسر، ودعا الى اطلاق سراحهما فورا، بدا مشابها مع مشهد الامس، بعد ان اكد رئيس الحكومة سعد الحريري براءة حكومته من المشهد الحدودي، مع ان الحريري ظهر متماسكا، لم يجد ضرورة لذرف الدموع، كما فعل السنيورة قبل احد عشر عاما، وما لن يكون مرغوبا، انخراط المرجعيات الدينية ومؤسساتها في الصراع القائم بين معسكرين، الاول لا يؤمن الا بالمقاومة المسلحة للعدو الاسرائيلي لحماية لبنان، والثاني لا يؤمن الا بالدبلوماسية القاتلة، التي تضع حقوق لبنان بالسيادة على ارضه في ثلاجة الامم المتحدة لعدة عقود، وتُرهن القرارات الدولية بالمصالح الاسرائيلية،  والا لماذا يطل احد ابرز المرجعيات الدينية، ليتحدث عن «العنعنات» التي تخلق الذرائع للعدو؟!. يهمس البعض، في السر وفي العلن…. «سجِّلوا على «حزب الله» انه خرق القرار 1701، شكرا «حزب الله» لخرق القرار الدولي نفسه الذي يستبيحه الاحتلال منذ الرابع عشر من آب العام 2006».

 العدو: جولة «حزب الله» استثنائية للغاية

في جولة الاعلاميين على خط الحدود… بضيافة المقاومة، التي ازعجت العديد من الاوساط السياسية اللبنانية، نجح «حزب الله» في احداث «ازعاج» الى بعض الداخل… وبعض الخارج، ما يعني ان الرسالة وصلت، المُزعج في هذا «الازعاج»، ان «حزب الله» لم يأبه لمن انزعجوا في الداخل، بقدر ما كانت بوصلته نحو الاسرائيليين والى ما بعد.. ما بعد الاسرائيليين.

فكيف كانت صورة «الانزعاج» الاسرائيلي من الحدث الذي حصل على بعد امتار قليلة من مواقع الاحتلال في مستوطنتي «حانيتا» و«شلومي»؟:

فقد كتب موقع القناة العاشرة في تلفزيون العدو .. ليس كل يوم نشاهد ضابطا في «حزب الله» يرتدي بزة عسكرية ويتحدث بطلاقة عن تشكيل الدفاع لدى الجيش الإسرائيلي، على مسافة تماس من الحدود مع إسرائيل(؟)، لكن حدث كهذا حصل في جنوب لبنان، في منطقة اللبونة المقابلة لمستوطنتي شلومي وحانيتا، ونقل الموقع عن قائد فرقة الجليل في جيش الاحتلال العميد أمير برعام، التي تتبع لها المواقع العسكرية الاسرائيلية القائمة على الحدود مع لبنان، كلاماً حذر فيه من الهدوء السائد ظاهرياً في المنطقة، وأن الهدوء النسبي في المنطقة بحسب ما يبدو للمتفرج من الخارج، من غير المسموح أن يضللنا، ونوايا عدونا خلف السياج لم تتغيّر، هذا هو الواقع الاستراتيجي في الشرق الأوسط الذين يجعل المواجهة غير جديرة بالنسبة إليهم حالياً، لكنهم يستعدون.

ووصف المحلل العسكري للموقع الجولة الاعلامية على الحدود بـانها «استثنائية للغاية»… لقد بدا قائد في المنظمة (حزب الله) وهو يتحدث عن ثغرات الحدود وظروف الأرض في المنطقة،  وأيضاً عن منظومة الحماية الإسرائيلية، وهذا القائد أشار بيده إلى مناطق ميتة على طول الحدود، وأيضاً إلى فتحات مكشوفة على السياج الحدودي. وتحدث عن منظومة الحماية الإسرائيلية، وإلى استخدام تقنيات مختلفة مثل المنحدرات الصخرية، والقنوات وبلوكات باطون، وضعها بحسب كلامه، الجيش الإسرائيلي، في الفترة الأخيرة، وفي تعليق له على الجولة، قال العميد الصهيوني في الاحتياط آفي إيتام… إن «حزب الله يتجول على الحدود ويُظهر «دولة» إسرائيل على أنها دولة منكفئة».