IMLebanon

«حزب الله» يحوّل مضايا إلى «سوق مجاعة».. سوداء

يزداد الوضع في «مضايا» سوءاً، ومعه تنخفض فرص النجاة عند الاطفال والنساء والشيوخ الذين يُعانون حصاراً خانقاً منذ سبعة أشهر. وحدهم عناصر «حزب الله» والنظام السوري، يُشاهدون عن قرب حجم مأساة اجمعت المنظمات الحقوقية والانسانية على أنها الأسوأ منذ بداية الحرب في سوريا، والأكثر ضرراً في نفوس عائلات تمنت الموت لأطفالها بدل أن تراهم يموتون من الجوع والعطش.

أمس الأول ومع اعلان دخول أول قافلة مساعدات إلى «مضايا» خرج من تمكن من أهالي البلدة التي يُحاصرها الجوع ليستقبلوا المساعدات الغذائية وفي بالهم أسئلة عدّة: هل سيكفي الطعام كل أبناء مضايا؟ هل سنكفّ عن أكل القطط والحشائش وسنشرب مياهاً نظيفة غير التي شربناها طيلة الفترة الماضية؟ لكن إجابة واحدة وصلت إلى أهالي البلدة منعتهم من الاستمرار بفرحة لم تكتمل كل فصولها وهي أن البلدة ستبقى محاصرة إلى أن يُقرّر جيش نظام الأسد و«حزب الله» فكّه. 

«لا تقارن المعاناة في مضايا بكل ما شهدته طواقم العمل الانساني في باقي سوريا». بهذه الكلمات اختصر مسؤول في الامم المتحدة الوضع بعد زيارته البلدة. لكن مقابل هذا الكلام من مسؤول اممي، يُصرّ «حزب الله» ومعه النظام السوري على ان الصور التي عُرضت من داخل البلدة والتي يظهر فيها أطفال يُشبهون بأجسادهم الهياكل العظمية، هي محض مُفبركة. وتتوالى حملات وفبركات الحزب على لسان قادته الذين يقودون حملة مذهبية مبرمجة بحق دول عربية، بينما يتناسون قتلهم للأبرياء في سوريا وغض طرفهم عن كل المجازر التي يرتكبها النظام ابتداء من «الغوطة» مروراً بـ«اليرموك» و«دوما»، وصولاً إلى مجازر ريفي «حلب» و«إدلب» وما يقومون به اليوم في «مضايا» حيث يفرضون فيها الموت المحتم على الحجر والبشر.

يوم كانت مدفعية النظام و«حزب الله»، تدّك بلدة «الزبداني» جارة «مضايا» في العزّة والصمود، كثر الحديث حينها عن أن «مضايا» سوف تكون الهدف المقبل، لكن «الحلفاء» ارتأوا أن الصاروخ أو القذيفة لم تعد تؤتي أكلها ولن تنفع أمام شعب قرّر أن يموت في سبيل أرضه، فكان أن تم استبدال سلاح البارود والنار، بسلاح الجوع والعطش، سلاح جعل والدة ترى طفلها يموت بين أحضانها من دون أن تتمكن من فعل أي شيء، ووالداً يخرج من منزله بحثاً عن بقايا طعام في النفايات، لكن رصاصة قنّاص وضعت حداً لحياته قبل أن يُبشّر أبناءه بيوم جديد كان سيُكتب لهم فيما لو كان عاد اليهم حيّاً ليُشفي غليل إنتظارهم ويُطفئ نار جوعهم وعطشهم.

في «مضايا» أنهى «حزب الله» آخر سطور إدعاءات تدخله في الحرب السورية بحجة حماية «المقامات» وبتوجيه «التكليف الشرعي» و«الواجب الجهادي» إلى آخر المعزوفة «العقائدية»، بعدما حوّلت قيادته العسكرية هناك مركز القيادة إلى متجر وعناصرها إلى تُجّار مواد غذائية يتحكمون بالأسعار وبنوعية المواد التي تُباع في الأسواق. يؤكد الاهالي في «مضايا» أن قيادة الحزب في سوريا هي التي تتحكم بمصير بلدتهم وهي التي تتحكّم أيضاً بأسعار المواد الغذائية من أرز وسكر وحبوب، في وقت لا يمون عناصر النظام على ادخال «حبة قمح» الى البلدة ما لم تكن هناك موافقة من عناصر الحزب الذين أوصلوا سعر كيلو الآرز مطلع الاسبوع الماضي إلى 135 دولارا.

أمّا ممثل رئيس المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة سجاد مالك، فقد لفت إلى أن «ما رأيناه في مضايا مروع. لم تكن هناك حياة. كل شيء كان هادئا للغاية وما رأيناه لا يقارن بمناطق اخرى من سوريا»، مؤكداً ان «الاطفال كانوا يقتاتون من اعشاب يقتلعونها من اجل البقاء على قيد الحياة وانه لم يعد لديهم ما يأكلونه سوى الماء الممزوج بالتوابل».

لا بد لكلام سجاد إلاّ أن يُقارن مع قمّة الفضائح التي يرتكبها عناصر الحزب في هذه الحرب، ففي بلدة «بلودان» السورية، عمد هؤلاء العناصر إلى تهديد الأهالي الذين نزحوا اليها من بلدتي «الزبداني» و«مضايا»، من خلال اجبارهم على بيع أراضيهم ومنازلهم بأبخس الأسعار، لكن وبعد رفضهم عملية الإبتزاز هذه، تمت إعادتهم إلى داخل «مضايا» المحاصرة، ليواجهوا مجدداً الحصار والجوع والعطش، فما كان من بعضهم إلّا أن رضخ للإبتزاز مقابل تزويده بمواد غذائية، وإمّا مقابل حفنة من الأموال بالكاد تكفي لإخراجهم من البلدة التي حوّلها الحزب إلى عنوان للموت.