IMLebanon

«حزب الله» يمضي بإرهابه في مضايا

«يُبدع« «حزب الله» في ممارسة سياسة القهر والحصار، فبعد عامين تقريباً على رفعه الحصار ولو بشكل جزئي عن عدد من مناطق الضاحية الجنوبية عقب التفجيرات التي كانت استهدفتها، بعد الصرخات التي أطلقها سُكّان هذه المناطق من جرّاء تضرّر مصالحهم وأرزاقهم، ها هو الحزب يُمارس مُجدداً سياسة الحصار والتجويع معاً بحق بلدة «مضايا» السورية وأهلها ويزيد عليها اليوم الإغلاق من جميع الجهات عبر سواتر ترابية وأسلاك شائكة حتى اصبحت أشبه بمعتقل تتجاوز مساحته الأربعة كيلومترات.

ما عادت أخلاقيات الحرب ركناً أساسياً من أركان «حزب الله» القتالية ولا حتّى العقائدية، ففي لحظة تتكشّف أوراقه وتسقط عنه ورقة «المقاومة» التي كان يتلطّى خلفها لتكشف عن زيف مصطلحات وشعارات ومُمارسات بحق شعب ارتكب خطيئة كُبرى يوم دعم خيار الحزب في مغامرته في العام 2006 ووقف الى جانب جمهوره وفتح له أبواب منازله من «القلمون» إلى «الزبداني» وصولاً إلى «مضايا» التي تحوّلت بالشكل والمضمون إلى معتقل سياسي يُشبه إلى حد ما، معتقليّ «الخيام» و»أنصار»، لكن مع فارق أن المحتل هذه المرّة هو فريق يدّعي «المقاومة» ويبرع في توجيه دروس في الوطنية والعروبة.

هي ليست المرّة الأولى التي ينتهك فيها «حزب الله« وحليفه النظام السوري شرعة حقوق الإنسان، فللحزب وحلفائه تاريخ من الانتهاك والقمع وارتكاب المجازر، سواء في العسكر أو بالممارسة السياسية أو حتى الدعائية والإعلامية تماماً كما فعل جمهور الحزب يوم قام بتوزيع صور لأنواع من المأكولات تحت عنوان «مع حصار مضايا» الأمر الذي جعل العديد من النشطاء السوريين يؤكدون أن هذا الفعل السيئ من الحزب وجمهوره هو جرح لن يندمل في العلاقة بين السوريين وقسم كبير من اللبنانيين حتى ولو انتهت الحرب.

يعض أهل «مضايا» على جوعهم بعد أن وصلت صرخاتهم إلى العالم أجمع، وعلى محاصرتهم بعدما حوّلهم «حزب الله» إلى رهينة بيده وهو الذي سيّج بلدتهم بشريط شائك بارتفاع 5 أمتار وبطول ثلاثة كيلومترات كما زرع حولها 6000 لغم أرضي وأكثر من 4000 مثلها من جهة الكروم، ما جعل أهالي «مضايا» يُطلقون صرخاتهم ويناشدون المجتمع الدولي فتح الطريق ليس طلباً للمساعدات الغذائية، بل من أجل إخلاء مصابين وصفت حالتهم بالحرجة وآخرين تعرضوا لإصابات بحالات سوء تغذية خصوصاً أن البلدة ما زالت تشهد كل يوم حالات وفاة من جراء الحصار القاتل.

يؤكد أهالي «مضايا» خلال نقل أحاديثهم على شاشات التلفزة أو عبر اتصالات بأقرباء لهم من خارج البلدة، أن بلدتهم أصبحت خالية تماماً من أي وجود مسلح وبأن أصوات المسلحين التي كانت تُسمع بين الحين والآخر استبدلت بأنين الأطفال وبُكاء النساء وصلوات العجائز. ويلفتون إلى أن الغاية من الحصار هي إجبارهم على مغادرة منازلهم لاستيطانها من قبل «الميليشيات الطائفية« وفقاً لخطة التغيير الديموغرافي التي تسعى قوات الأسد وحلفاؤها وتحديداً «حزب الله»، إلى تطبيقه على غرار ما كان حصل في كل من بلدة «القصير» وبعض قرى «القلمون» ومؤخراً في «الزبداني». 

اليوم يُنهي «حزب الله« في «مضايا» آخر سطور إدعاءات تدخله في الحرب السورية والتي قامت على حجة حماية «المقامات« أو «الجهاد» تحت راية «التكليف الشرعي« و»الواجب الجهادي«، فهو اليوم يُحاصر بلدة اضطر أهلها الى الاستعاضة عن كسرة الخبز، بأكل القطط والحشائش وشرب مياه الصرف الصحي بعدما تحكّمت عناصره بأسعار المواد التي تُباع في الأسواق وبنوعيتها، فللمرة الألف يؤكد الأهالي في «مضايا« أن الحزب ما زال يتحكم بمصيرهم وبأسعار المواد الغذائية من أرز وسكر وحبوب. وأبعد من هذه الممارسات، يُمارس عناصر الحزب سطوتهم وجبروتهم على الأهالي، فيُخضعونهم ويجبرونهم على بيع ممتلكاتهم لقاء مبالغ زهيدة، وذلك في مناطق تُعتبر هي الأغنى زراعياً في سوريا في وقت تؤكد المعلومات أن السعر الحقيقي يتجاوز السعر المعروض بعشرات المرات.

قضية «مضايا» فتحت باب الأسئلة الشرعية والإنسانية على مصراعيها، تماماً كما فتحت باب التساؤلات عن حزب لا يُوفّر قادته مناسبة إلا ويتحدثون خلالها عن مظلوميتهم والبيئة التي أجبروها على التآلف معهم. هناك من سأل: كيف يمكن لجماعةٍ رفعت على مدى عقود، شعار المظلومية والاضطهاد والحرمان والضعف والهوان، أن تتحول الى جماعةٍ معبّأةٍ بالحقد والكراهية، جماعةٍ متحجّرة ِالمشاعر، انتُزع من داخل أفرادها كل إحساس بالشفقة والرحمة والتعاطف الإنساني مع آلام الآخرين؟. وكيف يمكن لجماعة استبيحت أرضها وتذوّقت إجرام الاحتلال وويلات الموت والاعتقال والأسر، أن تتحول الى جماعةٍ عدوانيةٍ يغلب على أفرادها العنفُ المذهبي والعمى الأخلاقي؟