IMLebanon

اصرار حزب الله على النسبية الكاملة ليس للمساومة

تشي كل المعطيات المتجمعة في السماء اللبنانية بقرب هبوب عاصفة سياسية كبيرة في لحظة اقليمية حرجة، تتهيأ المنطقة للدخول معها حقبة جديدة قد تقلب موازين القوى القائمة في ظل تشابك مصالح وتقلب تحالفات، ينذر بعودة لبنان الى ان يكون صندوقة بريد اقليمية، وهو ما دلت عليه تطورات الايام الماضية، بدءا من كلام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وصولا الى الكلام الاستراتيجي للامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ردا على التهويل الاسرائيلي بوصفه سيناريوهات الحرب على لبنان، وبينهما التحذير الاميركي المتزامن مع التصعيد الاميركي الايراني عشية القمة الاسرائيلية الاميركية في البيت الابيض.

وسط ذلك يكشف مصدر دبلوماسي غربي أن الجهات الدولية تضغط باتجاه اجراء انتخابات نيابية في لبنان تحت أي ظرف وأي قانون كان. وترى أن الجانب المحلي اللبناني يدرك هذه الضغوط ويعي مخاطر عدم اجرائها وهو الأمر الاساس في دفع مختلف الأطراف إلى رفض التمديد للمجلس النيابي الحالي وإلى رفع الصوت بضرورة ايجاد قانون عادل ومنصف، ورفض التمديد للمجلس الحالي، رغم يقين تلك المصادر من صعوبة الوصول إلى قانون يرضي الجميع، فانها مقتنعة بأن القوى اللبنانية غير القادرة على معاكسة التوجه الدولي مضطرة في نهاية المطاف إلى الوصول إلى القانون الممكن والذهاب إلى انتخابات تلزم الاطراف كافة على انتاج مجلس نيابي جديد بغض النظر عن حساب الربح أو الخسارة لأي منها، كاشفة أن أبرز الجهات الضاغطة هما الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي وهما نفسيهما اللذان دفعا باجراء الانتخابات في العام 2005.

ويتابع المصدر بان التصعيد الاخير في المواقف، في جانبه الاقليمي والرسائل التي اطلقت باتجاه اسرائيل، ليست سوى بداية رد ايراني على التصعيد الاميركي، عسكريا عبر سلسلة المناورات في الخليج ، وسياسيا من لبنان، خاصة ان التهديد يستهدف تل ابيب التي عادت الى احتلال موقعها المتقدم كحليف اول لدى واشنطن، ما اوجب وضع معادلة ردع جديدة بخطوط حمراء عنوانها «ديمونا مقابل ايران»، حيث اضفى تسريب الاعلام الحربي امس عن سقوط خمس اصابات في ديمونا نتيجة حادث، مزيدا من الجدية عن المعلومات الدقيقة التي يملكها الحزب.

اما على الصعيد الداخلي، يرى المصدر ان حارة حريك ستذهب الى مزيد من التشدد على صعيد قانون الانتخابات، على اعتبار ان المعركة هذه المرة، على خلاف الـ 2005 و2009، سترسم مستقبل لبنان، من هنا ضرورة تغيير التوازنات القائمة، وهي مصرة على النسبية الكاملة وليس من باب المساومة، انما رفضا لاي مختلط قد يعطي «ثلاثي العهد» اكثرية مريحة للتحكم باللعبة السياسية في البلد، مبديا تخوفه من تكرار ازمة التعطيل الرئاسي في ظل ما يحكى عن سيناريو يعد له رئيس المجلس في حال عدم دعوة الهيئات الناخبة وحتمية حدوث فراغ برلماني.

من هنا تعرب أوساط سياسية متابعة عن خشيتها من ان يصبح قانون الانتخاب، في ظلّ تصاعد التوتر الأميركي – الايراني وتَحوّل لبنان الى ساحة للرسائل المتبادلة، بمثابة صاعق تفجير إما يفضي الى صيغة تضمن لمحور الممانعة  برلماناً يكرّس انتصاراته، وإما الى انزلاقٍ نحو فراغ في البرلمان يفتح الباب امام احتمالات إعادة النظر ببنية النظام وتوزيع السلطة،نتيجة فراغ طويل في الرئاسة الثانية.

ورغم قناعة الكثيرين بأن الظروف الداخلية اللبنانية والاسرائيلية على السواء غير مهيأة لاندلاع حرب على الجبهة الشمالية، رغم القصف الكلامي بين الطرفين، تتخوف مصادر متابعة من هزات داخلية، في ظل تصاعد الحديث عن اسابيع حرجة تنتظر البلاد في حال عدم التوصل الى اتفاق حول قانون انتخابات جديد، رغم استبعاد اي انزلاقٍ دراماتيكي من شأنه «قلب الطاولة»، اقله حاليا، في ظل ما ابرزته المواقف في احتفال ذكرى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، من ربط نزاع لا أكثر ولا أقل، باعتبار ان «المستقبل» لم يغير موقفه في أي أمر باستثناء القرار بانتخاب الرئيس ميشال عون، على ما تؤكد اوساط الازرق، المصرة على قانون انتخابات «لا قهر فيه أو عزل لأي من المكونات الوطنية».

قانون عكست اوساط في تكتل الاصلاح والتغيير تفاؤل حول قرب انجازه بحديثها عن طرح متقدم تحاط تفاصيله بالتكتم يعمل عليه مع معراب يوفق بين الاغلبية والنسبية يراعي معيارا واحدا، ويأخذ بالحسبان هواجس البيك الجنبلاطي، في الوقت الذي يلمح فيه مقربون من القوات الى ان الاخيرة غير موافقة على صيغة تقدم بها الوزير باسيل اتت لصالح فريق «اكثر من اللازم»، في الوقت الذي بات من المؤكد فيه ان رئيس الحكومة سعد الحريري سيوقع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة على ان يفتح الجدل واسعا حول صلاحية الرئيس عون في الامتناع عن ذلك، وسط الحديث عن عقم انتقال البحث في قانون الانتخابات الى طاولة مجلس الوزراء، لان الوزراء غير مكلفين من قبل احزابهم ببحث القانون وليسوا مطلعين على تفاصيل الاتصالات السابقة.

بين توقيع وزيرالداخلية مرسوم دعوة الهيئات الناخبة من باب الواجب الدستوري، والمواقف الدولية الاكثر تقدما ووضوحا من ضرورة اجراء الانتخابات في موعدها، دخل قانون الانتخاب عنق زجاجة التعقيدات والتجاذبات الداخلية وسط تضاؤل الفرص لاحداث خرق، رغم ان السباق المحموم بين قانون الانتخاب وقانون الموازنة، الذي وضعت القوى السياسية المشاركة في الحكومة الاسبوع المقبل سقفا زمنيا لانجازهما، كواجبين «شرعيين» و«اخلاقيين» في عهد الاصلاح والتغيير.