IMLebanon

الإنسان أصله وحش… مش قرد!

أصبح في إمكان المؤمنين من كلّ الأديان تنفُّس الصعداء الآن والاطمئنان، لأننا تَمكّنا من إثبات أنّ الإنسان أصله ليس قرداً، كما أشاع الحج «داروين» منذ أكثر من 150 عاماً، بعدما تأكّدنا من أنّ الإنسان أصله وحش.

يا حرام يا داروين، اضطرّ للسفر أشهراً وسنوات بحَيلها على متن سفُن شراعية وقطعَ آلاف الكيلومترات في محيطات العالم لإثبات أنّ الإنسان أصله قرد. ونحن بجلسة واحدة على كرسي مدولَب تحت المكيّف، وفي فتلةٍ على المواقع الإلكترونية العربية والغربية وعلى المحطّات التلفزيونية تَمكّنا من تأكيد أنّ الإنسان لا يمكن أن يكون أصله قرداً ولا حتى أيّ حيوان آخر، بل شيء أسوأ بكثير.

الكلّ يُجمع على أنّ الحيوانات لا تفعل شيئاً في حياتها سوى الأكل والشرب والنوم والتزاوج، وهي لا تضيف شيئاً إلى الطبيعة سوى وجودها. وكذلك غالبية البشر، ولكن مع فارقٍ وحيد وهو التهامُ الأخبار التي تحتوي في عناوينها على مصطلحات الجنس والإرهاب والقتل والدم. أكيد ليس معيباً أن يكون لدى الإنسان احتياجات جنسية وغرائزية، لكن المعيب أن يطلق على نفسه صفة الإنسان ولا يكون مهتمّاً بشيء آخر سوى الأمور التي تحرّك غريزته الحيوانية.

مشاهدةُ أسدٍ في الغابة يلاحق غزالةً ومن ثمّ يفترسها ويَغرق في دمائها من شدّة الجوع مشهدٌ مألوف وطبيعي، ومشاهدة زرافة تُمارس الجنس مع زرافة أخرى أمرٌ طبيعي.

لكن غير الطبيعي هو أن ترى أسداً يلتهم أسداً وزرافةً تتزاوج مع غراب… إلّا أنّه في مملكة الإنسان المتوحشِنة على كلّ صفاتها وقيَمها الإنسانية، لا نكتفي بكسر قوانين الطبيعة لنشَوِّه ونقتلَ بعضنا بسبب مباراة كرة قدم أو أحقّية مرور، ونتمادى في ممارسة الجنس مع كلّ بني البشر والحجر والبلاستيك والحيوان والأموات… لكنّنا نبرهن مع كلّ كبسة على عنوان موضوع ومع كلّ لايك على صورة غير طبيعية، أنّ الجنس البشري بأكمله آتٍ من مكان أرذل من عالم الحيوان.

عند متابعة العناوين الصحافية والتقارير التلفزيونية التي يلتهمها البشر بشراهة، وعندما نرى حماسة كثيرين منّا إلى عدم تفويت فيديو قطعِ رأس طفل مع الانتباه إلى قراءة كلّ الأخبار الواردة عن أكبر مؤخّرة في العالم بحرفيتها، نتمنّى لو كنّا في الأصل قروداً أو حتى ماعزاً أو ضفادع… كان من الممكن لتطوّرِنا الطبيعي أن يأخذنا إلى مكان أكثر إنسانية من الذي نحن الآن فيه… فحتى الوحوش تأخذ قسطاً من الراحة وتشمئزّ نفسُها مرّات من الجنس والدم، أمّا نحن فتَرانا داعسين بنزين على مستقبل نمارس فيه البوكيمون غو والدوعشة والزوفيليا.