IMLebanon

لو كنت مكان الرئيس سعد الحريري

تُـحمّل «الثنائيّة الشيعيّة» بشلّها للحياة السياسيّة وتعطيل الدستور بالتكافل والتضامن وتوزّع الأدوار بينها، لبنان ما لا يُطيق وطن تحمّله، ولا يضحكنَّ أحدٌ علينا بأنّ هذا التعطيل المتمادي بريء من شُبَهِ المثالثة والانقلاب على الطائف المُعطّل منذ إقراره في العام 1991، ولا يضحكنّ أحدٌ على المواطن اللبناني بادّعاء أن الذهاب بالعماد ميشال عون اسماً وحيداً إلى مجلس النواب لانتخابه هو تعيينٌ وليس انتخاباً، مع أنّه  أمرٌ سبق وارتكبه الجميع في أيار العام 2008 يوم ذهبوا وبرعاية دوليّة إلى المجلس النيابي وانتخبوا العماد ميشال سليمان بعد سابقة اتفاق عليه مرشحاً وحيداً.

ثمّة سؤال على اللبنانيّين طرحه اليوم، من هو الرّافض الأوّل لانتخاب العماد ميشال عون رئيساً؟ أليْس هو رئيس المجلس النيابي نبيه بري؟ وهل صحيح أنّ حزب الله يترك مساحة الرّفض هذه لبرّي من دون أن تقتضي «الثنائيّة الشيعيّة» موقفاً موحّداً لإنقاذ لبنان، أم أنّ لعبة توزّع الأدوار تفرض نفسها بالقوّة على لبنان؟ وهل هي فعلاً ثنائيّة، أم أن ضرورات القبض على خناق لبنان تقتضي فرض وهم «الثنائيّة» هذا؟ وثمة سؤال بعد: هل يجرؤ رأس الرئاسة الثانية على مخالفة إيران وحزبها وسياستها وأجندتها في لبنان؟!

لو كنتُ مكان الرئيس سعد الحريري لعرّيتُ هذه «الثنائيّة الشيعيّة» وأسقطتُ ورقة توزع الأدوار الذي تتبادله كالكرة ما بين حزب الله الذي يريد ميشال عون رئيساً متفق عليه قبل الذهاب إلى مجلس النواب وبين الرئيس نبيه برّي وتأييده  لـ»عين» السيّد حسن نصرالله النائب سليمان فرنجيّة؟! لو كنتُ مكان الرئيس سعد الحريري لذهبتُ حتى النهاية وألقيْتُ عن كاهلي عبء تحميل فريقي منفرداً مسؤوليّة التعطيل، ولضربتُ هذه الطينة بتلك العجينة وصعدتُ إلى «الرابية» أو إلى «معراب» وألقيتُ كرة النّار إلى حيث مقر التعطيل الرسمي لانتخاب رئيس في «عين التينة»، ولأعْلنتُ أن لا مانع لديّ من وصول العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا، وتركتُ حريّة الاقتراع لنواب كتلة المستقبل، تماماً مثلما تخفّف النائب وليد جنبلاط من تبعة تعطيل الرئاسة من دون حتى أن يسحب الحديث عن ترشيحه للنائب هنري حلو للرئاسة!!

ولو كنتُ مكان الرئيس سعد الحريري لأجبتُ الذين يهوّلون بتأثّر شعبيّته في حال موافقته على انتخاب ميشال عون رئيساً، لو كنتُ مكانه لأجبتُ «أنا الغريق فما خوفي من البلل»، بل أكثر من ذلك لأجبتهم أنّ تقديم التضحيات سياسة لطالما انتهجتُها وكان أقساها ما صرحتُ به في لاهاي ومن على باب المحكمة الدوليّة!!

إنّ أفضل ما يمكن أن يفعله الرئيس سعد الحريري قبل أن تطلع شمس غد الأربعاء هو رمي كرة النار بين يديْ «الثنائيّة الشيعيّة» المعطّل الحقيقي لانتخابات الرئاسة والساعي الرئيسي لتغيير النظام اللبناني، على الأقلّ هكذا خطوة إن لم تفضِ إلى انتخاب رئيس فهي ستحرّك مستنقعها الرّاكد، وستقلب بالجميع ظهر المجنّ، لأنّها ستفضح حقيقة رفض حزب الله ومعه حليفه الرئيس نبيه بري انتخاب رئيس للجمهوريّة، وأن غايتهم الحقيقيّة هي الوصول إلى المثالثة، وقد شبع اللبنانيّون من توزّعهم الأدوار منذ خريف العام 2004 تاريخ صدور القرار 1559، ومنذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري في شباط العام 2005…

يعرف الجميع أن الرئيس سعد الحريري قدّم الكثير من رصيده الشعبي لإنقاذ لبنان، فيما يمارس الرئيس نبيه بري مرة تلو الأخرى مناورة الدّعوة إلى الحوار لتمرير الوقت، وهو لم ولن يملّ من هذه اللعبة، ما دام هناك من يزال يمنحه ترف الظهور بمظهر «المنقذ» من كيس سواه، لو كنتُ مكان الرئيس سعد الحريري لأخرجتُ الأرنب من «الكمّ السحريّ» ورميتُ قنبلة انتخاب ميشال عون رئيساً في وجه المعطّلين الحقيقيين، وسوى ذلك هو استمرار في المراوحة واقتراب أكثر من هاوية القضاء على لبنان وإسقاط اتفاق الطائف!

 * أعتذر عن غياب الهامش القسري، وأشكر كلّ الذين تفضّلوا بالسؤال عن صحتي، والحمد لله على منّة العافية.