IMLebanon

في حلب.. والأوباميين

ما يجري في حلب، يفسّر (حرفياً!) الجملة القائلة بـ»ترتيبات خاصة بمنطقة حلب» التي وردت في اتفاق 9 أيلول في جنيف بين وزيري الخارجية الأميركي والروسي جون كيري وسيرغي لافروف، مثلما يفسر حرص الإدارة الأوبامية على إبقاء بعض بنود ذلك الاتفاق سرية، في مقابل تنطّح موسكو إلى ابتزازها من خلال التهديد بنشرها على الملأ، ثم القيام بذلك فعلياً.

ميخائيل بوغدانوف نائب لافروف نشر بداية قصة تخلّي الأوباميين عن البحث في «مصير» الرئيس السابق بشار الأسد، أو في «المرحلة الانتقالية».. وأراد بذلك الضغط لدفع هؤلاء إلى تنفيذ ما التزموا به ووقّعوا عليه، ومن ضمنه وضع تلك الخريطة المشتركة للأهداف المطلوب قصفها بعد إتمام الفصل بين قوى المعارضة المصنّفة إرهابية وتلك المصنّفة معتدلة. وعندما تبيّن أن هؤلاء (الأوباميين) نجحوا في جعل بلادهم شبيهة بالدول الفضفاضة أو الملتبسة (لبنان مثلاً!) وليس العكس، أي فيها أكثر من «قرار» مركزي واحد تبعاً للخلاف المعروف بين «البنتاغون» ووزارة الخارجية إزاء «التنسيق» العسكري والأمني مع الروس.. إلخ، أطلق فيتالي تشوركين مندوب روسيا في الأمم المتحدة القنبلة الثانية، وكشف بنداً سرياً آخر يقول «إن روسيا وأميركا تعملان معاً لإشاعة الاستقرار في سوريا مع ترتيبات خاصة بمنطقة حلب!».

في هذه الزاوية، قبل أيام، طُرح سؤال عن سبب خشية الأميركيين من كشف ستر وسر تلك الجملة التي أعلنها تشوركين والبادية عادية جداً! وعن سبب رغبتهم بعدم إذاعة كل ما اتفق عليه في جنيف في الإجمال! ومن باب التحليل طُرح الافتراض الأسوأ القائل بأن الأميركيين بصموا على ما يبدو على خطة تصفية الوضع المعارض في حلب، في سياق استراتيجي لا يضمر سوى الشر للمكوّن الأكثري العربي والإسلامي على طول الخريطة الممتدة من أقصى الجنوب العراقي إلى الشمال السوري.. ويتبيّن اليوم أن في وقائع نكبة حلب وأخبارها جواباً عن السؤال، وتصديقاً للتحليل الافتراضي!

بل المخزي هو أن الأوباميين لا ينقصهم فعلياً وواقعياً وحرفياً، سوى المشاركة المباشرة في المذبحة الهستيرية الجارية في حلب، وذلك لن يكون مفاجئاً لأحد: خلافهم الداخلي على جزئية التنسيق العسكري مع الروس، لم يعنِ سوى تعليق العمل «المشترك» باتفاق جنيف، لكن مع عدم الممانعة بمباشرة روسيا تنفيذه أحادياً من جانبها!

وذلك في كل حال، لا يخفف من وطأة الموقف بل يزيده ثقلاً و»تاريخية».. هؤلاء الأوباميون علّقوا على الرف، وقبل الآن بكثير، كل القياسات الخاصة بالحرية و»حقوق الإنسان»، وكل القيم التي شكّلت على مدى عقود ركائز السياسات الأميركية ضد الطغاة والمستبدين والأنظمة الشمولية القميئة والماعسة كرامة البشر بالأرض.

واحدة من أبرز «إنجازات» هذه الإدارة، هي أنها تمكنت أخيراً من جعل أميركا تصطف إلى جانب كل نقيض لها! وأن توسع الاستثناء الإسرائيلي ليشمل إيران وروسيا! وهل هناك أكثر خزياً وجرصة من أن تصل إلى حد الاعتذار لبشار الأسد عن قصف مواقعه؟!