IMLebanon

في الافتراء..

 

مرّ سريعاً كلام الجنرال قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» عن الأميركيين الذين «لم يفعلوا شيئاً« لوقف تمدد «داعش» باتجاه الرمادي.. لكن ذلك المرور السريع لا يلغي أهميته، لا في معناه المباشر الخاص بالميدانيات العراقية، ولا في معناه غير المباشر الخاص بالعلاقات «العامة» بين واشنطن والراعي الأول والحليف المركزي الوحيد لـ»حزب الله».

كلام سليماني يمكن وضعه بين منزلتين: أكثر من عتاب وأقل من تقريع، خصوصاً وأنه تضمن سؤالاً مباشراً موجهاً إلى أوباما شخصياً، (وهو سؤال من عارف ومجرّب)، عن «المسافة الفاصلة» بين الرمادي و»قاعدة الأسد» الجوية التي تتمركز فيها طائرات أميركية.. ليخلص صاحب السؤال الى استنتاج مفاده أن بقاء تلك الطائرات على الأرض لا يعني سوى «مشاركة في المؤامرة»!

الواضح، أن الجنرال الإيراني بداية، يضع الوجود الأميركي في العراق، في الخانة نفسها لوجود «المستشارين الإيرانيين» أي «حماية العراقيين» على حدّ تعبيره، ولا يتوقع تبعاً لذلك، أقل من مشاركة طيرانهم الحربي في أي معركة تجري تبعاً لما هو قائم فعليّاً منذ حزيران الماضي وسيطرة «داعش» على الموصل.. أي أن ما كان ضرباً من سابع المستحيلات صار واقعاً: الطيران الحربي الأميركي يشتغل كسلاح جو لـ»فيلق القدس» وملحقاته العراقية! وعدم تصدّيه لتقدم «داعش» صوب الرمادي، كان «خطأ» لا يجوز تكراره!

وهذا تفصيل صغير ومعقّد لما هو أشمل وأكثر تعقيداً، أي لـ»تطور» العلاقات الإيرانية الأميركية باتجاهات مناقضة لما كانت عليه على مدى العقود الثلاثة الماضية.. وهذا في حِرفة التحليل ليس فتحاً ولا إبداعاً، إنما تكرار لما هو معروف ومعلوم، ولم يبقَ ابن امرأة في هذه الأرض غافلاً عنه.. لكن «التذكير» به، يدخل ضمن المبارزة (الفكرية؟!) الخطيرة الجارية عندنا الآن في لبنان بعد الكلام الأخير للأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله عن من وصفهم بـ»شيعة السفارة».

والسؤال بسيط وبريء: إذا كانت إيران عموماً، وأحد أبرز جنرالاتها وأكثرهم قرباً من «حزب الله» خصوصاً، يدلّلان على مدى الانخراط الميداني مع الأميركيين في جبهة العراق، حيث أن الطرفين «يقاتلان» جنباً الى جنب هناك (أم ماذا؟)! فلماذا يغصّ الحزب بعلاقات (سابقة) مدنية ومفتوحة ومكشوفة بين بضعة شيعة لبنانيين وسفارة واشنطن؟! وهي عدا عن أنها علاقات مفتوحة ومكشوفة، تبين أنها «معلّقة« منذ نحو عام، في شقها المادي؟

مداراة الحال واللغة تلجم الاستطراد في هذا المقام، لكنها لا تلجم السؤال عن المدى الذي سيصل إليه هذا الافتراء المحلي الجنوني؟. وقبل ذلك، عن المعني الفعلي والحقيقي في الكلام عن «شيعة السفارة»: هم، أم شيعة النيابة والوزارة؟!

في كل الحالات، لم يوصل الافتراء والتجنّي إلى تغيير القناعات سابقاً، ولن يوصل اليوم ولا غداً إلى ذلك. ونقطة على آخر السطر.