IMLebanon

في حضرة «حكيم لبنان» انتخاب الرئيس بعد أشهر قليلة

لبّينا بالأمس في معراب مع مجموعة من الزملاء الصحافيين دعوة كريمة من الزميلة العزيزة أنطوانيت جعجع، كانت جلسة مع»حكيم معراب» و»سيّد قلعتها» الدكتور سمير جعجع، جلسة غلب عليها الطابع الوديّ اتسّع فيها صدر الرّجل لأسئلة كثيرة، بعضها طرح عليه بصيغ متعددة، بعضها بريء وبعضها خبيث تمحورت في معظمها حول حديث الساعة اللبناني ومصير انتخاب رئيسٍ للبلاد، وموقف حزب الله من ترشيح حليفيْه الجنرال ميشال عون والنائب سليمان فرنجية وموقف حزب الله ومصير جلسة 2 آذار، وبعضها استعاد «لطشة» البيال من حليفه الرئيس سعد الحريري وما تلاها، بعضها دار ولفّ حول مواقف أجوبتها عند أصحابها وليس عند «الحكيم»، بعضها حملَ مخاوف حقيقيّة من عودة الاصطفاف الطائفي إلى «مسلم ـ مسيحي»، وبعضها تساءل عن 14 آذار وما تبقّى منها، وبعضها حمل هواجس المرحلة إقليمياً من سوريا إلى إيران إلى روسيا إلى جيش التحالف الإسلاميّ وترقّب دخول بريّ إلى سوريا، أسئلة كثيرة تراكمت على الطاولة بيننا وبين الحكيم، الذي حرص على إجابتنا على كلّ أسئلتنا التي طرحناها في جلسة تولّى تنظيم فوضانا فيها الزميلان العزيزان ملحم رياشي وأنطوانيت جعجع، وللأمانة الدكتور سمير جعجع ذو حظٍّ عظيم بفريق عمله بدءاً من أول رجل حرس في فريقه الأمني عند بوابة قلعة معراب انتهاء بسيّدة شؤونها وشجونها الإعلامية صديقتنا أنطوانيت جعجع.

كلّ واحد منّا جاء محمّلاً بأثقال الواقع السياسي اللبناني المرهق، وحاملاً هويّة مؤسسته الإعلاميّة وهويّته السياسيّة اللتين لا تتواءمان إلى حدّ بعيد، والدردشة التي بدأت بسؤاله عن حاله مع زمن الصوم وتلاها كلّ ما كتب عمّا تلا تلك اللحظة في البيال وما كتب عنها بدءاً «ضحكة الحكيم» وصولاً إلى ما الذي قد يكون قاله السفير السعودي في بيت الوسط، حتى انخرطنا جميعاً في الملفّ الرئاسي واضعين أمامه ملفّ كلّ فريق وموقفه وآخرها آخر إطلالة لأمين عام حزب الله حسن نصرالله التي تجاهل فيها لبنان كلياً، والتي أبدى الدكتور سمير جعجع أسفه وتأثره لخطاب استغرق ساعة ونصف تحدّث عن دول كثيرة ولم يتكلّف عناء الحديث عن أزمة انتخاب رئيس للجمهورية وتجاهله، ثم آخر ما صدر الأربعاء الماضي عن نائب أمين عام حزب الله نعيم قاسم وقوله «تعيِّرون غيركم أنه لم ينزل إلى المجلس النيابي خوفاً من أن تأخذوا البلد غيلةً إلى مقامٍ لا يصح ولا ينفع ولا يحمي لبنان»، كان جعجع واضحاً وحاسماً: «فليتفضّل حزب الله وينزل إلى  مجلس النواب حتى لا يؤخذ البلد غيلة إلى المقام الذي تحدّث عنه»، لم يجد الحكيم في هذا الكلام إلا ذرّاً للرّماد في العيون، أكّد أنّ تيّار المستقبل ذاهب إلى الجلسة لتأمين النصاب والرئيس سعد الحريري جدّي جداً في موضوع انتخاب رئيس للجمهوريّة، وأكّد أنه لو كان محلّ حزب الله لذهب مباشرة إلى مجلس النوّاب بُعيد لقاء معراب وترشيحه للجنرال ميشال عون لرئاسة الجمهوريّة، وأفضت بنا الأسئلة إلى التوقّف مليّاً عند ما يريده حزب الله الذي تحوّل في لغة حليف الحكيم الرئيس سعد الحريري من معطّلٍ لانتخابات الرئاسة إلى مستمهل..

ولكن؛ وجدنا أننا لا بُدّ أن نسأله عن مصير جلسة الثاني من آذار ومعظمنا مدركٌ أنّ مصيرها كسابقاتها، فهل هناك من أمل في انتخاب رئيس للبنان وسط هذا الأفق المسدود؟ أجاب الدكتور جعجع «بتقديري خلال أشهر قليلة»، لم يشأ «الحكيم» أن نحبسها في أعداد… سُئلَ الحكيم عن سيناريو يقلب المشهد، ماذا لو قام الجنرال بترشيحك للرئاسة لكسر جدار التعطيل، قال: لمَ لا لربما نشهد سيناريو كهذا، سئل عن قرنه المصالحة التاريخية بينه وبين الجنرال ميشال عون وترشيحه الأخير للرئاسة، فأكّد أنه كان لا بدّ من قرنهما معاً لأهميّة موضوع إنهاء الشغور الرئاسي.

توقّف «الحكيم» عند نقطة «المرشحين الأربعة الأقوياء» وما يقال عن أنّهم هم الذين فرضوا هذه المعادلة، أجب بدقّة شديدة فأعادنا بالذاكرة إلى أيام الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير وكيف كان لا يحضر اجتماعات بكركي التي تطرح الأسماء فهو لا يُحبّذ تقييد أسماء المرشحين للرئاسة.. لم تخلُ الجلسة التي استغرقت ساعة ونصف من خفّة ظلّ الحكيم وتمريره لتعليق من هنا ودعابة من هناك، ولا من تساؤلات بعض الزملاء عن معايدته للجنرال ميشال عون ولا عن أزمة النفايات وما إذا كانت بلغت المنطقة، ولا عن هواء معراب النقيّ، ولا عن الحظوظ الرئاسية التي ينتظرها الرئيس أمين الجميّل، ولا أيضاً عن اعتبار الرئيس سعد الحريري تصريح المرشّح سليمان فرنجية من بيت الوسط عن مراجعته لحلفائه حزب الله والجنرال عون في موضوع ترشيحه، فاعتبر الرئيس الحريري أن كلام فرنجية من ذهب، فردّ علينا الحكيم بأن الشيخ سعد كان ينظر إلى أسعار الذهب في تلك اللحظة…

فتحنا الملفّ الإقليمي، سألناه عن تقديره لما يقال عن دخول برّي إلى سوريا مع إعلان ولي ولي العهد السعودي قائداً لهذا الجيش وإعلان أسماء جنرالاته ومهامهم وأعداد الطائرات والمدرعات والجنود، هنا كان رأي الدكتور جعجع أنّ المملكة العربيّة السعوديّة اشترطت للدخول البرّي إلى سوريا لمحاربة الإرهاب مشاركة أميركية جديّة في هذا الأمر، وأنّه لا يرى إمكانية لحدوث هذا الأمر طالما باراك أوباما على رأس الإدارة الأميركيّة، وعن الواقع السوري المؤلم وما تردد عن تقسيم سوريا لمنطقتين واحدة تحت الرعاية التركية السعودية وأخرى تحت السيطرة الروسية الإيرانية، وعن جديّة التوصل إلى وقف إطلاق نار، وإلى أين قد يُفضي واقع الأزمة السوريّة، وماذا لو انتصرت روسيا؟

خلاصة كلام «الحكيم» وما يراه على أرض واقع الحرب السوريّة، أنّه قد تنتصر روسيا أو إيران، ولكنّ هذا الانتصار لن يُبقي بشّار الأسد، وأنّ واقع المعارك في مرات كثيرة  خضع للكر والفر فتارة انتصرت المعارضة وتارة الميليشيات وبقايا جيش الأسد، مستبعداً فرضية تكرار تجربة حل الجيش العراقي في سوريا، بل سيتم المحافظة على هيكلية الدولة السوريّة وإحداث التغيير من ضمنها.

حضرت الأشرفية بقلق مع سؤال عن حادث طعن أحد أبنائها اعتبر الحكيم أن هذا النوع من الحوادث قد يقع في أي دولة مشيراً إلى حادث الثأر في كفرسلوان ورأس المتن، سألته إحدى الزميلات بقلقٍ عن مخاوف كثيرة من تحوّل لبنان إلى بلوكات شيعيّة وسُنيّة ومسيحيّة، رفض الحكيم كل هذه المخاوف مؤكداً أنّه لا عودة أبداً إلى اصطفاف مسيحي ـ مسلم كما كان الحال عليه عشيّة الحرب الأهليّة في لبنان، ذاهباً في هذا الرفض إلى النهاية.

ماذا بقي من الجمهوريّة القويّة؟ بل ماذا بقي من الجمهوريّة؟ أجاب الحكيم بثقة: الجمهوريّة ما زالت قويّة وباقية، في السياسة دائماً تشتبك الأمور وتتعقّد، لكن لا بُدّ من حلّها، علينا أن نجلس مع بعضنا لنرى كيف سنحلّها.. هنا عدنا إلى الملفّ الأوّل: مصير انتخاب رئيس للجمهوريّة..

ماذا يريد حزب الله، هو لا يريد هذه الجمهوريّة، ولكن ما البديل عند الحزب؟ لم يخفِ الحكيم أن مشروع حزب الله هو «مشروع الأمّة». غادرت «القلعة» في معراب بعد جلسة مثمرة بالنسبة لنا، تمنيت فقط لو قلت للحكيم «لسنا أمّة واحدة نحن وحزب الله، حتى لسنا أمّة الإسلام الواحدة عند الحزب، هو «أمّة حزب الله» بحسب بيانه التأسيسي، وعلى هذا التعريف يبني الحزب إمبراطورية فارس على أنقاض شعوب وأوطان العالم العربي!!