IMLebanon

في العنوان وتفرّعاته!

ذهب بنيامين نتنياهو الى واشنطن والتقى الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وسيذهب غداً الى موسكو ويلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وفي الزيارتين عناوين كثيرة وخطيرة، لكن أبرزها على ما تقول الحكايات والروايات والتصريحات هو إيران: دورها وأدواتها ووجودها عند «حدود» إسرائيل.. و«أخطار» ذلك الوجود.

ينقل عارفون ومطّلعون ومهتمون، عن زوّار واشنطن العارفين والمطّلعين والمهتمّين، أنّ من بين كل ثلاث كلمات ينطق بها مسؤول أميركي في هذه الأيام، هناك كلمة أو اثنتان عن إيران! بما يؤشر الى شيء من الأجواء والمناخات التي سادت واشنطن عشيّة قرار جورج بوش الابن شنّ الحرب القاضية والحاسمة على صدام حسين!

ولا تعني المقارنة استدعاء التاريخ. ولا افتراض تكرار حوادثه ووقائعه. إيران اليوم غير العراق أيام صدام. والأميركيون برغم إنقلاب مواقفهم عما كانت عليه خلال ولاية باراك أوباما، لا يبدو أنهم في وارد العودة الى أسلوب بوش الابن. بل الواضح هو أنهم في الطريق الى «شيء آخر» يؤدي الى قصقصة الجوانح الإيرانية بعد انفلاشها خارج كيانها بالطول والعرض، وبالطريقة التي يعرفها أهل الجوار منذ سنوات! والتي جاء اليوم مَن يقول في واشنطن، إنّ تعامل إدارة أوباما معها، كان كارثياً على المصالح الأميركية كما على مصالح الحلفاء ودول المنطقة وشعوبها واستقرارها.

على الجانب الآخر في موسكو، لا عارفين ولا مطّلعين ولا مَنْ يحزنون أو يفرحون. بل كلام علني مباشر قاله نتنياهو بالأمس وفحواه أنّه «سيطلب» من بوتين تضمين كل إتفاق يتمّ التوصل إليه في سوريا، «إنسحاب القوات الإيرانية منها»!.. أي إنّ الإسرائيلي يملك ما يكفي من «الثقة» بالقيادة الروسية، ويعرف حجم «رصيده» عندها، ويمكنه استناداً الى ذلك، أن «يطلب».. ويُلبّى طلبه!

لكن، «انسحاب القوات الإيرانية» من سوريا جملة مطّاطة وفيها شيء من الخداع! لأنّ المقصود ليس إيران مباشرة، بل أدواتها! وتلك ممتدة من صعدة الى جنوب لبنان، ومن البصرة الى حلب! وفي لعبة الدول ومصالحها وتشابكها.. كما هو الحال (مثلاً) في العلاقات «الجيدة» الروسية – الإيرانية والروسية ـــ الإسرائيلية، تدفع الأدوات الأثمان. وتعوّض الحرب عليها عن المواجهات الدولية الضخمة، غير المأنوسة! وغير المفيدة!

ولذلك، يبدو نتنياهو وكأنه يتحدث عن إيران لكنه يقصد لبنان! و«حزب الله» في لبنان، وفي سوريا! .. ويبدو كأنه أخذ أكثر مما يريد، من «تفهّم» أميركي لموقفه. ويريد في موسكو تكبير الحجر كي يضرب الحصى!.. ولم تعد خافية (مرة أخرى!) تلك التهديدات الواضحة والكبيرة (جداً) التي وصلت الى بيروت أو التي طارت منها!

والواضح أنّ العبرة في التاريخ (القريب): إيران تفرّجت على حرب العام 2006 من دون أن تطلق رصاصة واحدة دفاعاً عن «حزب الله»! وسبق لها أن فعلت الأمر نفسه في العام 1996 إبّان حرب «عناقيد الغضب»! ولا شيء يدلّ على أنّها ستغيّر عادتها هذه في أيّ حرب آتية! في حين أنّ «حزب الله» وقع في الجبِّ ولا يعرف كيف يخرج منه! خرج الى سوريا وادعى دوراً أكبر منه! وذهب الى أدوار مدمّرة في اليمن والبحرين والعراق وإزاء الخليج العربي في الإجمال، ونسي أنّه برغم أهميته القصوى بالنسبة الى إيران، فهو لن يكون أهم أو أغلى من «أمنها» و«استقرارها» عند صنّاع القرار فيها: دوره ودور أمثاله، في اليمن والعراق وسوريا وغيرها هو «حماية» ذلك الأمن وليس العكس!

.. صحيح أنّ المقارنة بين العراق عام 2003 وإيران اليوم ليست في محلّها وخصوصاً لجهة الحرب المباشرة (الأميركية) لكن الصحيح في المقابل، هو أنّ هناك شيئاً من الشبه بين أداء صدام حسين وأداء القادة الإيرانيين: كان في مقدوره تجنّب الحرب لو تواضع في تفكيره ووضع قدميه على الأرض لكنّه لم يفعل! وربما في مقدور قادة طهران هذه الأيام، تجنّب الأسوأ لو انهم يتواضعون في طموحاتهم ويعيدون النظر في سياساتهم إزاء المنطقة والعالم بأسره، لكنّهم يفعلون العكس!