IMLebanon

في اي حلف يقف الحريري اليوم؟

ثمة ضجة سياسية تسري منذ فترة لا يمكن عدم ملاحظتها  ويشير اليها غالباً اخصام بعبدا والسراي حول مسار العلاقة  المتجاوبة او «المتمادية « والتي لا سقف لها بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، فالأخير حريص على تمتين علاقته بالعهد وعدم افتعال اي خلاف سياسي مهما كانت الاسباب او الموجبات إذ يتفق الرئيسان على كل التفاصيل تقريباً في النقاش الانتخابي او التعيينات التي مرت بهدوء ويحرص الحريري على ترييح عهد عون في ولايته الرئاسية الصاخبة بالاصلاح بدون ان يقطع الجسور مع المختارة او عين التينة وبدون ازعاج حزب الله وايقاظ غضبه، لكن هذا لا يمنع من ان يغرد وليد جنبلاط في «لطشات» الى السراي من فترة الى اخرى عندما يشعر الزعيم الاشتراكي باشتداد اواصر علاقة الرئاستين ومخاطرها على زعامته وهو الذي يخشى ان ينجرف الحريري في تيار عون فيصيبه ويصيب الحلف القديم بإصابات قاتلة في القانون الانتخابي وهو الذي غرد مؤخراً محذراً «اذا كان مشروع الاشتراكي مضيعة للوقت فالتأهيل الطائفي ضرب للوحدة الوطنية ولتيار ما يسمى المستقبل». فالتغريدة اكثر من رسالة للحليف في المستقبل، والزعيم الاشتراكي مستاء من الانحياز الكامل من المستقبل لرئيس الجمهورية، فالحريري لا يرفض اي مطلب باعتقاد جنبلاط لرئيس الجمهورية في قانون الانتخاب او في تعطيل مجلس الوزراء عندما تدعو الحاجة، هذا الواقع يستنفر جنبلاط فيطلق تغريداته او يحمل سماعة الهاتف معاتباً هو الذي يشعر بوشك فقدان اوراقه  السياسية والانتخابية وبعد ان سقط وأهمل الجميع مشروعه الانتخابي. وفي حين تستمر  عملية شد الحبال بين القوى السياسية بتقاذف كرة التعطيل والاتفاق على قانون بين بعضها البعض من اجل التمديد للمجلس النيابي او فرض «الستين» كأمر واقع، وتشهد العلاقة بين بعضاً القوى السياسية ازمات حادة على خلفية القانون العتيد خصوصاً بين التيار الوطني الحر وعين التينة والمختارة، فان تيار المستقبل يبدو كأنه خارج كوكب الأرض انتخابياً او خارج العصر الانتخابي، مغرداً وحده بهدوء عن صخب الانتخابات وخلافات التيار الوطني مع حلفائه مع انه قضى ردحاً من الزمن وهو يشاكس البرتقالي، فلا يعبر عن اعتراضات واسعة النطاق في ما خص الطروحات الانتخابية ولو كان القانون المطروح يصيبه في الصميم، فيبدو في نظر المنتقدين للمستقبل «ملتحقاً» بمركب رئيس الجمهورية وما يقرره حليفه التيار الوطني الحر الذي يعتبره لا يزال مؤتمناً على التسوية الرئاسية،  فـ«المستقبل» لا تلائمه طروحات باسيل بمجملها لكنه يفضل ان ينأى بالنفس ويترك الملعب للآخرين لرفع الصوت واللعب في ملعب القانون.

فالمستقبل الذي يعرف جيداً ان رأسه على المقصلة في القوانين المطروحة، ليس مرتاحاً لما هو معروض من قوانين واي قانون مهما كان شكله او صيغته ليس ملائماً له نظراً لوضعية المستقبل غير الممسوكة منه بعد بالكامل على غرار الأيام الماضية، كما  انه من جهة ثانية يتعاطى مع الملف الانتخابي على قاعدة «ترك الجميع «يتناتشون» ويتسابقون في غير ملعبه طالما ان هناك من يرفض ان يطلق يد الثنائية المسيحية في صياغة القوانين، وعليه يتصرف الحريري من منطلق «فلتكن المعركة معركتهم» والنأي بنفسه عن الغوص في مشاكل الآخرين ولعبة تصفية الحسابات. رئيس الحكومة حريص على عدم توتير علاقته بالعهد ،  او ان  يتسبب بشرخ في العلاقة التي أسسها نادر الحريري وجبران باسيل على خلفية القانون الانتخابي. فرئيس المستقبل يدور في حلقة أزمة القانون او الدوامة نفسها، يتخبط في كل الصيغ الانتخابية التي تطرح ولكنه يحاذر السقوط، والخلاف مع التيار الوطني الحر غير وارد حالياً او خط أحمر وعلى الطرفين اكمال المشوار الانتخابي بأقل الخسائر الممكنة. بدون شك فان الحريري  في الصميم لا يطمئن الى مختلط باسيل ولا الى مشروعه التأهيلي، حاول التلطي بمعارضة بري ثم بمعارضة جنبلاط له ثم انتظر حزب الله، لياتي الرفض من الحليف في الضاحية وليس من رئيس الحكومة وخصوصاً ان حزب الله أبلغ بعبدا والتيار الوطني الحر تحفظات وطالب بمعايير معينة تحفظ حلفاءه في المعركة الانتخابية في الشمال وبعض النقاط.

يحاذر الحريري ويحرص على علاقته برئيس الجمهورية، تلك العلاقة التي نشأت على اساس التسوية والتي  لم تعرف شبيهاً او مرادفاً لها في تاريخ رئاسة الجمهورية او الحكومة، ولطالما سارت الأمور في شهور  الحكم بين رئيسي الجمهورية والحكومة بشكل جيد، فلا يوجد عقد امام حكومة الحريري إلا قانون الانتخاب، فالحريري لم يستجمع شتات ساحته السنية بعد او يلملم شظايا تمرد اركانه وكوادره السابقين بالكامل الذين يستدرجونه الى المعركة  لكنه لا يبدو انه يشاكس رئيس الجمهورية او يعارضه، ومسار الاتصالات في كل التفاصيل  لا تؤشر الى خلافات او تصعيد، ويبدو ان الحريري يبدو كمن قرر الانسحاب من المعركة وترك التيار الوطني الحر يقلع شوكه بيديه خصوصاً ان المعركة بدأت تتخذ منحى طائفياً بعد ان ظهرت كل الاطراف وكأنها تعمل على حماية مكتسباتها، فرئيس الحكومة يحاول ان يبدو وكأنه خارج اطار المعركة، لا يتردد الحريري في الايحاء انه خارج اطار الصورة الخلافية ، فهو لا يريد تقويض علاقته مع حزب الله او رئيس المجلس او رئيس الحزب الاشتراكي كما هو خائف على تعطيل الحكومة لذلك يحاول ان  ياخذ الامور التي تهمه الى مكان آخر، فرئيس الحكومة لا يرغب بالمواجهة مع رئيس الجمهورية اذ يتطلع الى حكومة العهد الثانية  التي ستكون الحكومة الفعلية بعد «بروفا» الحكومة الاولى. في قناعة المستقبل  ان التسوية التي سار فيها الحريري  مع بعبدا لا رجوع عنها وان رئيس تيار المستقبل عندما انجزها أعطي رئيس الجمهورية شيكاً على بياض  بدون توقيع، ذلك ان ثقة الحريري بعون هي بدون حدود فالرجل وفيّ لالتزاماته وتحالفاته، من هذا المنطلق يتفادى الوقوع في فخ الخلاف السياسي والانتخابي معه.