IMLebanon

إيران تريد الاستفادة من الاتفاق النووي.. من دون تغيير سياستها

لا يزال الغرب يؤكد لإيران أن لديه كل النية لتسهيل انتقال رؤوس الأموال والمصارف إليها، بموجب مفاعيل الاتفاق النووي. وهي لا تزال تعتبر أن الغرب عليه مسؤولية ايجاد حل تسهيلي لذلك، مع العلم أن اجراءات واسعة اتخذت لتسهيل هذه العملية.

إلا أن المستثمرين يتخوفون من الاتجاه اليها، نظراً الى دورها السلبي في المنطقة، وفقاً لمصادر ديبلوماسية.

وهي مستمرة في عرض الصواريخ، وهناك احتمال لعودة العقوبات عليها اذا لم تلتزم بالاتفاق. هناك انتخابات رئاسية في إيران السنة المقبلة والسؤال «من يضمن التزامها به في ضوء نتائجها؟»، وهناك أيضاً انتخابات رئاسية أميركية قريباً، وليس من ضمانات لتنفيذه، في ضوء الاعتراضات الداخلية عليه، الأمر يستلزم اجراءات بناء الثقة لعودة المستثمرين، ومن بين الاجراءات هذه أن تلعب إيران دوراً ايجابياً في المنطقة.

وتؤكد المصادر أن إيران تريد الاستفادة من الاتفاق النووي، لكنها لا تريد في الوقت نفسه تغيير سياستها الخارجية وحيال المنطقة، وهذه أيضاً أولوية توازي أولوية استفادة اقتصادها من الاتفاق. ذلك أن قرارها في السياسة الخارجية هو في يد الحرس الثوري وليس في يد الرئيس حسن روحاني أو وزير الخارجية محمد جواد ظريف.

إيران ليست مهتمة بالعلاقات مع دول الشرق الأوسط والدول الاقليمية. إنما يهمها حالياً تحقيق مكاسب الاتفاق النووي الذي وقعته مع الغرب والذي سرى تنفيذه منذ مطلع هذه السنة.

يهمها العلاقات مع الغرب وعودة المصارف الى التعامل معها لتعزيز اقتصادها بعد الانهيار الذي وصل إليه. وتعتقد طهران، ان العلاقة المتردية بينها وبين الخليج تحول دون قيام أي حوار برعاية الغرب، أو من دون هذه الرعاية، لمصلحة المنطقة. برزت في الآونة الأخيرة بعض الاشارات الايجابية من خلال دور فرنسي واعد في هذا المجال. لكن عملياً لم يتحقق شيء.

بالتالي، الهم الاقتصادي لدى إيران يأتي في سلّم أولوياتها، ثم الموضوع السوري والذي تعتبره مفتاحاً لمواضيع عديدة في المنطقة منها الملف اللبناني. إيران تريد في سوريا النفوذ والابقاء على النظام ثم الخروج بأقل خسائر ممكنة لاحقاً. والغرب متيقن من أن لا دفع للعلاقات الايرانية مع الاقليم قدماً وقد تبلور الادارة الأميركية الجديدة شيئاً ما على هذا الصعيد.

كانت لدى الغرب، إثر توقيع الاتفاق، النووي، خشية من أن توظف ايران الاموال التي ستحصل عليها نتيجة رفع العقوبات الخاصة بالاتفاق، في نفوذها في المنطقة وتقديمها لجماعاتها للتنكيل بالمنطقة وارهابها. إلا أن الغرب رأى أن إيران تحتاج فعلاً الى الأموال لأن لديها مشكلات اقتصادية داخلية وفي الوقت نفسه رأى انها غير قادرة على الخروج من المواقف السياسية التي تتخذها، والتي وضعت نفسها في اطارها. كما وجد أن قرارات ايران الاقليمية هي في يد مجموعة أخرى هي التي تحكم بصورة فعلية وليس الشخصيات التي تتمتع بالمراكز والتي تقوم بجولات خارجية وأوروبية. هناك «بلوكاج» في الموقف الايراني حيال المنطقة، من هنا يأتي اتهام طهران بالتدخل في شؤونها.

الأطراف الاقليمية متباعدة جداً ولن يحصل حوار في المدى المنظور. ولاحظت المصادر، ازدياد الزيارات الغربية الى طهران في الآونة الأخيرة، وان ايران خرجت من عزلتها، والوضع الاقليمي بالنسبة اليها يأتي في الدرجة الثانية، وتتساءل المصادر هل ان الخوف الخليجي من ايران والذي يضاهي الخوف الايراني من الغرب، يساعد أو يسمح بالتقدم الى الأمام في الحوار الاقليمي الموعود؟

وتوضح المصادر ان ايران استفادت من الاتفاق على الرغم من الصعوبات التي تواجهها في جذب التمويل والمصارف اليها. لقد خرجت من العزلة الدولية، ووضعت اطاراً لمشروعها النووي، بحيث كرّست خطة لذلك. كما ان الاتفاق والعزلة وضربها من الغرب، باتت كلها وراءها. وان ازالة العزلة باتت نتيجتها، امكان ان تصدر الى الخارج كذلك ان تصدر النفط، ويمكنها ايضاً أن تستورد حتى قطعاً أميركية للطائرات وهي باتت وجهة سياحية جديدة. كما انها تحاول معالجة موضوع التمويل والاستثمار والإحجام عن التعامل المالي معها. وقد زارت وفود مصرفية ايرانية دولاً أوروبية لبحث الدخول في المواءمة الايرانية مع القوانين المصرفية الخارجية. كما بحثت هذه الوفود دخول ايران في اتفاقيات منع تبييض الأموال الدولية وطرق الالتزام بها.

التأخير في الاستفادة، يعود، وفقاً للمصادر، الى الحاجة الى الدراسات اللازمة من جانب المصارف والمستثمرين. وقد تشهد ايران بداية السنة المقبلة اتضاحاً في صورة هذه الدراسات، واذا ما واكبتها بتغيير في سياستها، فهذا يريح المستثمر الى مستقبل استثماراته، وبذلك فإن الأمر يكون ايجابياً.

فضلاً عن ذلك، تلقت ايران بإيجابية قرار تحرير الأموال التي كانت مجمدة، وتبلغ نحو 150 مليار دولار منها 50 مليارا مربوطة باتفاقات مع الصين،.

ثم، الايجابي أيضاً، أن الاقتصاد لم يكن عرضة للانهيار أكثر، بل ان مشكلاته جمّدت، ولم يتراجع. ولو لم يوقع الاتفاق لكان البديل قد أوصل الى الحرب على ايران. كل ذلك نقاط ايجابية تنظر لها إيران.