IMLebanon

الإيرانيون يقترعون للأمل بالتغيير

هل يفوز «الأمل» اليوم في إيران، ويقع «التغيير» الذي يطمح إليه الشعب الإيراني، وخصوصاً الشباب منه؟ 

الرئيس حسن روحاني ختم الحملة الانتخابية مخاطباً الشعب الإيراني بقوله: «لنحوّل اليوم الجمعة أملاً نبني به مستقبل إيران». هذا المستقبل يريده هاشمي رفسنجاني مفتوحاً على «التعاون مع العالم».

المرشد آية الله علي خامنئي خاطب الإيرانيين بالمفردات ذاتها التي يردّدها منذ ربع قرن، وكأنّ إيران لم توقّع مع الولايات المتحدة الأميركية الاتفاق النووي، فقال: «نريد برلماناً لا يخشى أميركا».

55 مليون إيراني سيقرّرون إلى أي ضفّة من «النهر» سيبنون فيها مستقبلهم. الجديد أنّ كل القوى دعت إلى الاقتراع لاختيار مجلس النواب والخبراء بكثافة. المرشد آية الله علي خامنئي والمحافظون المتشدّدون يريدون في كثافة الاقتراع «شهادة شعبية ودولية بديموقراطية النظام». الرئيس حسن روحاني والشيخ هاشمي رفسنجاني والسيد حسن الخميني والرئيس الأسبق محمد خاتمي، يريدون أخذ «تفويض« شعبي ضخم وغير مسبوق لبناء التغيير الذي وعد به روحاني ودعمه جميع هؤلاء، دون عراقيل مجلس نواب يسيطر عليه المتشدّدون، والذي سمح لهم منذ عقدين بالإمساك بمواقع السلطة والاقتصاد وتحويل «الحرس الثوري» إلى «امبراطورية اقتصادية» وليس فقط قوة عسكرية لحماية الثورة.

«مجلس صيانة الدستور» الذي يهيمن عليه المرشد لأنّه هو الذي يعيّن أعضاءه المؤلفين من ستة «فقهاء» و»ستة» محامين ورجال قانون، أدّى دوره فألغى ترشيح أكثر من ثلث المرشحين تسعون في المئة منهم من «الإصلاحيين» والمعتدلين وأبرزهم السيد حسن أحمد الخميني. علماً أنّ إبعاد حفيد الخميني حقّق هدفاً مهمّاً وهو رفد المعتدلين الروحانيين والرفسنجانيين بحملة شعارها «المتشددون وضمناً خامنئي يحاربون عائلة الإمام الخميني». مما رفع منسوب التعاطف والدعم للوائح المناهضة للمتشدّدين.

رغم دور «المصفاة» الدستورية، فإنّ رفسنجاني «ثعلب» السياسة الإيرانية نجح مع روحاني وخاتمي في تمرير عشرات المرشحين المجهولين من المعتدلين الذين ليست أسماؤهم مهمّة وإنّما التزامهم هو الأهم. ولا شك أنّ «السلاح الأقوى» بيد قوى الاعتدال الشباب الإيراني الذين يشكّل أعمارهم أقل من 35 سنة ما نسبته 75 في المئة، أو أنّ مَن هم أقل من 30 سنة نحو 60 في المئة. ومن الطبيعي جداً أن تكون همومهم وتطلّعاتهم وطموحاتهم مختلفة جداً عن الطبقة السياسية «الهرمة».

هذه الدورة الانتخابية الخامسة والثلاثون تبدو الأهم والأكثر تأثيراً. وهي عملياً عمليتا انتخاب: واحدة تتناول مستقبل نجاح عمل وخطط الرئيس روحاني، والثانية تتعلق بالمستقبل، أي مجلس الخبراء الذي سينتخب أعضاءه حكماً المرشد القادم، لانّ فترة ولايته ثماني سنوات. وقد اختلط على الكثير من المراقبين التعامل مع ورود أسماء مرشحين على أكثر من لائحة في تحديد مواقع كل مرشح، وما ذلك إلاّ لأنّ النظام الانتخابي الذي يعتمد على اللائحة والنسبية يفتح المجال أمام هذا النوع من الاختلاط. لكن يبدو واضحاً أنّ هناك جبهتين: واحدة متّحدة والثانية منقسمة:

[ الأولى: تضم مروحة واسعة من المعتدلين والإصلاحيين وصولاً إلى المحافظ المعتدل علي لاريجاني.

[ الثانية: تضم المتشدّدين، لكن مشكلتها الأولى والتي سبّبت انقسامها العلني هي في أحمدي نجاد الذي تبيّن أنّه ما زال قوياً لأنّه يعتمد ايديولوجياً على طرحه «المهدوي»، لذلك فإنّ لائحته «الصحوة» أو «بايداري» تمثّل 43 في المئة، في حين أنّ غلام حداد عادل حصل على 30 في المئة والمؤتلفة على 10 في المئة. ويبدو أنّ طموح نجاد لتسجيل تقدم واضح على حلفائه سيلعب دوراً مهماً في التأثير على نتائجها.

يبقى أنّ طهران ستشهد «أمّ المعارك» في المجلسَين النيابي والخبراء. على صعيد المعركة الأولى فإنّها تدور بين المعتدلين والإصلاحيين بزعامة محمد عارف الذي انسحب في الانتخابات الرئاسية لروحاني، فأعطاه قوة دفع أنتجت فوزه، والمتشدّدين بزعامة غلام حداد عادل الذي تربطه علاقة مصاهرة بالمرشد، إذ إنّ مجتبي خامنئي (الرجل القوي في بيت المرشد) متزوج من ابنته. وفوز المعتدلين في طهران على غلام حداد عادل الطامح لترؤس مجلس النواب القادم مكان علي لاريجاني، يشكّل ضربة مباشرة لخامنئي وابنه مجتبى معاً.

وبالنسبة إلى مجلس الخبراء، فإنّ المعركة طاحنة ونتائجها مؤثّرة على المدى الطويل. إذ تدور بين هاشمي رفسنجاني وحسن روحاني، من جهة ضدّ الترويكا المشكّلة من: أحمد جنتي ومحمد يزدي (الذي دفع خامنئي إلى فوزه وهزيمة رفسنجاني في رئاسة المجلس المنقضية مدته) ومحمد تقي مصباح يزدي المعروف باسم آية الله الطالباني لكثرة تشدّده وطموحه لخلافة خامنئي، والعمل لتحقيق هدفه الذي طواه مؤقتاً، كما يُقال في طهران، وهو تحويل إيران من «جمهورية» إلى «إمارة» على غرار افغانستان، ويعمل رفسنجاني علناً لتحقيق فوز شعبي كاسح حتى يلغي طموح المتشدّدين إلى خلافة خامنئي.

غابت عن الحملة الانتخابية السياسة الخارجية، فالشعب الإيراني مهموم بالاقتصاد وكيفية تطويره بعد أن انتشرت البطالة والتضخّم رغم جهود روحاني، وما ذلك إلا بسبب العراقيل التي وضعها المتشدّدون على طريقه. بدوره فإنّ روحاني يؤكد يومياً خلال الحملة الانتخابية أنّه يريد تنفيذ وعوده للشعب الإيراني كما نجح في توقيع الاتفاق النووي. وهو في مواجهة الخطاب الخامنئي قال: «مخطئ مَن يعمل لتضخيم الاستعمار العجوز القديم وتحقير الشعب الإيراني، غداً سيصنع الشعب الأمل».