IMLebanon

هل نُسِفَ التوافق في إنتخابات الرابطة المارونية؟

تُشكّل إنتخابات الرابطة المارونيّة إمتحاناً جماعياً للقوى المسيحيّة خصوصاً بعد أجواء المصالحة الأخيرة بين «القوّات اللبنانية» و»التيار الوطني الحرّ» ومحاولة إستثمار هذه الأجواء لما فيه خير المجتمع المسيحي.

في 21 آب 1952، وفي عزّ قوّة المارونيّة السياسيّة، قرَّرت النخب المارونية والشخصيات الفاعلة مأسسة الحالة السياسيّة والشعبية وبناء مؤسسات تحمي المجتمع وتبتعد من الشخصانية لأنّ التحدّيات الإجتماعية والسياسية التي ستواجه البلد المستقلّ حديثاً عن فرنسا ستكون كثيرة.

فقدّ قرّر الموارنة عام 1943 الإستغناء عن «الأمّ الحنون» وخوض معركة الإستقلال وإخراج فرنسا التي كانت منحتهم ضمانات وإمتيازات لبناء بلد حديث ومتطوّر مع الشركاء المسلمين.

وبعد نحو 9 سنوات من فقدان الرعاية الفرنسيّة والأوروبية، أبصرت أولى المؤسسات المارونية النور في وقت كان الموارنة يملكون فائض قوّة، ولديهم رئيس الجمهورية يمسك بمقاليد الحكم. وانتخبت أوّل جمعية عمومية جورج تابت رئيساً للرابطة المارونية، وفي تلك المراحل ربما لم يكن الموارنة يحتاجون الى مَن يتابع شؤونهم، فلم تكن هناك مشكلة الديموغرافيا، ولا أزمة بيع أراضي المسيحيين، بينما كان المسلمون يشكون من غياب دورهم في السلطة والحكم بعكس الوضع الراهن، في وقت كانت تزخر الساحة المسيحية بالشخصيات السياسية ورجال الفكر والإعلام والمخططين وأصحاب الرؤية، ولم يعانِ الموارنة من غياب رأس الدولة.

مرّت أزمات كثيرة على لبنان، وتغيّر وضع الموارنة في الدولة، والرابطة التي تضمّ في صفوفها حالياً رؤساء جمهورية سابقين، ونواباً ووزراء سابقين وحاليّين، وموظفي الدولة من الفئتين الأولى والثانية، وضباطاً متقاعدين، وقضاة، ورؤساء هيئات اقتصادية واجتماعية، ورؤساء مؤسسات، ورجال فكر من كلّ الاختصاصات، باتت مُطالَبة بلعب دور متقدّم في المجتمع، لا يقتصر على الزيارات والتهنئة وتسجيل المواقف السياسيّة، بل يجب أن يكون لديها مشروع إصلاحي وتضع خططاً مستقبَلية شبيهة بمراكز الأبحاث خصوصاً أنها قادرة على حصد التمويل للمشاريع نتيجة وجود عدد كبير من المتموّلين الموارنة الذين يعملون وفق خطّة منهجية وليس كيفما كان.

وفي هذا الإطار، كان الإتجاه في الإنتخابات المقبلة نحو تشكبل لائحة تحقّق الأمنيات المتوخاة، وفيما كان التوافق يسير بشكل طبيعي بين الأحزاب المسيحية والقوى الفاعلة وتمّ التوافق على إسم «الكتلاوي» المحامي أنطوان قليموس رئيساً للرابطة، برز خلاف على بعض الأسماء المطروحة في الهيئة الإدارية خصوصاً بعد تسمية النائب السابق عبدالله فرحات المحسوب على النائب وليد جنبلاط أميناً عاماً للرابطة.

وفي هذا السياق، علمت «الجمهورية» أنّ رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون وحزب «القوّات اللبنانية» وأحزاباً مسيحيّة أخرى ونخباً مارونية قرّروا خوض المعركة الإنتخابية لإحداث التغيير المطلوب إذا لم يتمّ النظر في الأسماء التي تدور حولها علاماتُ إستفهام.

وفي التفاصيل، أنه بعد إتفاق الجميع على إسم قليموس، تواصل العاملون على خطّ التوافق مع النائب نعمة الله أبي نصر صاحب النفوذ الكبير في الرابطة، متمنّين عليه تسهيل التوافق تماشياً مع أجواء المصالحة المسيحيّة، وقد وافق أبي نصر، لكنّ طرح إسم فرحات وتسليمه أدقّ منصب وهو الأمين العام إستنفر الأحزاب المسيحية وجعلها ترفض هذا الأمر، وقد قال عون كلاماً واضحاً مفاده «أنه إذا إستمرّت العرقلة وعدم وضع رؤية تطويرية وإنتخاب هيئة إدارية صاحبة نظرة مستقبلية وتملك الكفاءة، فسنخوض المعركة التصحيحية مع بقية الأطراف، ولن نرضى بهيئة لا تمثلنا ومخروقة من بعض الأطراف».

وقد وصل تحذيرُ عون وكلامُه القاسي الى مسامع مَن يطرح هذه الأسماء، علماً أنّ «القوات اللبنانية» ونخباً أخرى تؤيّد موقف عون وتنسّق معه وفيما بينها، وهم اليوم يؤيّدون قليموس لكن ليس الأسماء المطروحة معه.

وبناءً عليه، وإذا لم يتمّ التوافق قريباً على اللائحة كاملة، فإنّ مجموعة تضمّ أعضاء من اللجنة التنفيذية الحالية للرابطة المارونية والجمعية العمومية تتحضّر لعقد مؤتمر صحافي الأسبوع المقبل، تعلن فيه عن مشروعها للرابطة بعد دراسة أعدّتها شركة مختصّصة تشرح ما يترقّبه الرأي العام الماروني من الرابطة ويطلبه منها.

وعُلم أنه إذا لم ينجح التوافق الذي يهدف الى الإتيان بأصحاب الرؤية والتخطيط والتحديث، فسيكون لهذه المجموعة موقف ديموقراطي مرتبط بالإنتخابات. علماً أنّ هذه المجموعة تضمّ شباباً أصحاب خبرات وعلاقات كفيلة بنقل الرابطة ممّا يصفه البعض «نادي المستوزرين وأصحاب المصالح الشخصية» الى مجموعة قادرة على التخطيط والتطبيق.

وقد تواصلت هذه المجموعة مع المراجع المعنية بالتوافق المسيحي والكنيسة وحظيت على بركة للتحرّك إذا لم تكن نتيجة اللائحة التوافقية بالمستوى المطلوب.