IMLebanon

هل أصبح سعد يحتاج  الى فحص دم حريري ؟!

بكلام بسيط ومباشر وصادق وشفاف: الانتصار المدوي الذي حققه اللواء أشرف ريفي في طرابلس هو حدث استثنائي ونادر في تاريخ الانتخابات في لبنان، وبخاصة لأنها انتخابات بلدية وملتصقة مباشرة بنبض الناس، وليست نيابية ومرتبطة بالتحالفات السياسية وألاعيبها. ولا يضير أشرف ريفي أن تكون بدايات وصوله الى السلطة قد تمت على أربعة أكتاف حصراً: كتفان أولاً للرئيس نجيب ميقاتي، وكتفان ثانياً للرئيس سعد الحريري… فالسياسة سباق، ومن سبق شم الحبق. وليس في لبنان من يمارس السياسة بطوباوية وبتقديس المعايير الأخلاقية، ربما باستثناء بعض الحالات النادرة التي يعد أصحابها – ليس على أصابع اليد الواحدة – وانما ربما على اصبع واحد أو اصبعين فقط! وفي قصص الأساطير الرمزية أن الوحش معذرة للتعبير الذي تربيه في بيتك عندما يكبر، فإن أول ما يفعله هو أن يأكل صاحب البيت!

***

كان الشامتون بالهزيمة المنتشرون في أنحاء الوطن، أكثر عدداً بكثير من الفرحين بانتصار أشرف ريفي، المنحصرين في الأحياء الفقيرة لطرابلس وأزقتها وساحاتها. واتجهت الأنظار لتحميل مسؤولية الفشل حصراً الى الرئيس سعد الحريري، لا لشيء الا لأنه يحمل الرقم واحد في التمثيل في بيئته وعائلته الروحية… المسؤولية في الواقع هي غير ذلك تماماً. والمهزوم الفعلي والحقيقي في معركة المواجهة مع ريفي هو حصراً الرئيس نجيب ميقاتي، وهو ابن المدينة والمقيم فيها، ومهندس ألاعيبها، ويمارس السياسة من بوابة الرشوة المقنّعة التي تسمى ب عمل الخير، وليس من خلال العمل الانمائي العام الذي يعمم الفائدة على المحتاجين كمواطنين أسياد في وطنهم، وليس كفقراء يتسولون الصدقة!

***

مع ذلك، فإن اللواء أشرف ريفي وجّه أول سهامه بعد الفوز المؤزر، الى الرئيس الحريري وليس الى الرئيس ميقاتي وصحبه! ولا بد من كلمة حق وانصاف بحق سعد الحريري في هذا المجال… ولاحظ كثيرون بعد غيابه الطويل عن لبنان، أنه عاد وقد تغيرت فيه ملامح كثيرة. السطحيون لاحظوا أنه أصبح أكثر سلاسة وتناسقاً في خطابه المرتجل. غير أن التغيير كان أعمق من ذلك بكثير… فقد أظهر أنه بلغ مرحلة النضج في الفكر والسلوك السياسي، وتعمق اقتناعه بلبنان المتعدد، والاعتدال والتسامح والحوار والقبول بالآخر، وبالمشاركة. وقبل ذلك في البدايات وزمن المراهقة السياسية كان يعتمد خطاباً متطرفاً ومتشدداً على غرار خطاب اللواء ريفي اليوم!..

***

سيدرك اللواء ريفي في يوم ما في المستقبل، ما أدركه الرئيس سعد الحريري في غربته الطويلة. والخطاب المتشدد لشد العصب المذهبي الذي أوصل ريفي الى الفوز المبين، سيقود الى سجن ظاهرة ريفي وراء أسوار طرابلس، ولن يتعداها الى رحاب الوطن، الكبير بتعدده وعيشه المشترك في ظل الديمقراطية والتسامح. وسيدرك ريفي يوماً ما أن عليه أن يعتمد خطاباً وطنياً جامعاً للخروج من وراء الأسوار. وعندما يفعل ذلك، سيخرج له في طرابلس من يشهر في وجهه خطاباً متشدداً، ويذيقه من الكأس نفسها التي شرب منها الحريري وغيره… كأس ريفي اليوم!

***

أكثر ما يصدم في خطاب النصر للواء ريفي هو اتهامه للرئيس سعد الحريري بأنه خرج عن خط رفيق الحريري!.. فهل أصبح سعد في حاجة الى فحص دم حريري؟!