IMLebanon

هل المجتمع الدولي صادق في دعمه استقرار لبنان أم أنه يريده مرآباً للنازحين؟

هل المجتمع الدولي صادق في دعمه استقرار لبنان أم أنه يريده مرآباً للنازحين؟

ما جرى في «القاع» حافز لترتيب البيت الداخلي والإقلاع عن السجالات البيزنطية

الجيش يحتاج إلى دعم سياسي ومالي ولوجستي لا الإكتفاء بالإلتفاف حوله..

بغضّ النظر عن أن ما حصل في بلدة القاع البقاعية يفتح الأبواب على احتمالات أمنية كثيرة، سيّما وأن هذا النوع من الأعمال الإرهابية لم يكن مفاجئاً، بل إن مختلف الأجهزة الأمنية تملك معلومات ومعطيات مسبقة عن أمكانية حصول ما حصل وربما في أكثر من منطقة وكانت قد اتخذت إجراءات أمنية ونفّذت عمليات استنفار واسعة في العديد من المناطق التي من الممكن أن تكون هدفاً لأي عمل إرهابي، فإن هذا الحدث الخطير بكل أبعاده يفترض أن يشكّل حافزاً قوياً للقوى السياسية لإعادة النظر بحساباتها وترتيب أولوياتها كون أن الخطر على لبنان بات داهماً وهو يتفاقم يوماً بعد يوم، ولم يعد هناك من مبرّر أو إعذار عند أي طرف في التعاطي غير المسؤول مع الاستحقاقات والملفات الداخلية التي يشكل الخلاف حولها ثغرة مهمّة يمكن للجماعات الإرهابية النفاذ من خلالها لتنفيذ مخططاتها الأمنية الرامية إلى زعزعة أمن واستقرار لبنان، ويفترض بالقوى السياسية أن تعيد الوضع السياسي والحكومي على وجه التحديد إلى جادة الصواب ليكون في قدرة لبنان التعامل مع هذا الواقع الأمني الذي له دلالاته وأبعاده في هذا الظرف حيث المنطقة برمّتها محاطة بزنار من النار.

إن القيّمين على الوضع السياسي عليهم التعاطي مع الشأن الداخلي على قاعدة أن ما قبل السابع والعشرين من حزيران مختلف عمّا بعده، وعلى هؤلاء الذهاب في اتجاه ترتيب البيت الداخلي وتحصينه في وجه الرياح العاتية التي بدأت تتّجه صوبه منذرة بإحداث أضرار جسيمة على مختلف المستويات.

وفي تقدير مصدر وزاري أن ما جرى في القاع وما يتهدّد لبنان من مخاطر أمنية يفرض على طاولة الحوار الوطني إتخاذ موقف وطني جامع لدعم صمود الدولة في وجه محاولة جرّ لبنان إلى آتون الصراع القائم في المنطقة والتأكيد على الوحدة الوطنية والعيش المشترك، حيث أن هذين العنوانين اللذين يتميّز بهما لبنان هما المستهدفان أولاً وأخيراً.

وفي رأي المصدر الوزاري أن على مجلس الوزراء كما هيئة الحوار الوطني مناشدة المملكة العربية السعودية إعادة مفعول الهبتين اللتين كانتا مخصصتين للجيش اللبناني، هذا الجيش الذي يحتاج في هذا الظرف لشراء الأسلحة المناسبة والقوية التي تمكّنه من التعامل مع أي حدث أمني مهما كان نوعه، إذ يُخشى أن تستفيد الجماعات الإرهابية من هذا الأمر وخوض معركة مع الجيش على طول الحدود التي تتواجد فيها وهو ما من شأنه خلق وضع مُربك يمكن تفاديه من خلال العمل على تسليح الجيش لأن الإكتفاء بالإلتفاف حوله من دون تسليحه وتوفير الغطاء السياسي له لا يكفي لتمكينه من مواجهة هذا الإرهاب.

وإلى جانب ذلك فإن المصدر الوزاري يعتبر أنه حان الوقت كما أن الظرف مؤاتٍ لكي يُصار إلى تفعيل عمل الحكومة ومجلس النواب والخروج من السجالات البيزنطية التي لا تقدّم ولا تؤخّر لا بل ترتد سلباً على الوضع اللبناني الداخلي، حيث أن حالة التشرذم والتفكك السياسي من العوامل التي تفيد الخصم في أية مواجهة، كما أن الظرف الراهن يستدعي فتح قنوات تحت أي عنوان كان في سبيل إخراج الاستحقاق الرئاسي من عنق الزجاجة والتوجّه نحو انتخاب رئيس للجمهورية، لأن هذا الأمر يُعيد الروح إلى المؤسسات ويُعيد الإنتظام العام لها.

ويُعرب المصدر الوزاري عن اعتقاده بأن ما يتعرّض له لبنان حالياً يشكّل امتحاناً حول مدى مصداقية المجتمع الدولي حيال لبنان، فجميع الدول تؤكد وقوفها إلى جانب لبنان ودعمه للحفاظ على أمنه واستقراره، فالوقت قد حان لترجمة هذه المواقف بشكل فعلي عن طريق مساعدة الجيش اللبناني، والعمل على إيجاد المخارج للأزمة الرئاسية، فهل يريد المجتمع الدولي حقاً أن يرى لبنان مستقراً أم أنه يريد أن يبقى لبنان مرآباً لوجود النازحين السوريين؟

وفي هذا السياق فإن المصدر الوزاري يسأل لماذا لا يُصار إلى إتفاق لبناني على ورقة عمل تقضي بالبدء الفوري بتقليص أعداد النازحين السوريين في لبنان ووضع حدّ للإنتشار العشوائي لهم على مساحة لبنان، ولو تطلّب ذلك فتح قنوات تواصل وتنسيق مع النظام السوري، خصوصاً وأن العلاقات الدبلوماسية اللبنانية – السورية لم تنقطع، كما يوجد علاقات وتبادل معلومات أمنية وهذا الأمر حاصل عند بعض الدول الأوروبية أيضاً حيث أن هناك دولاً طالها الإرهاب تقوم بالتنسيق الأمني مع سوريا بهذا الخصوص.

ويؤكد المصدر الوزاري أن من يعتقد بأن ملف النازحين السوريين من الممكن أن يُعالج ويعود من نزح إلى لبنان إلى أرضه في سوريا، من دون التعاطي مع النظام السوري هو واهم ولديه قصر نظر في مثل هذه المسائل التي لا يمكن أن تعالج من طرف واحد، اللهم إذا كان هناك من يظن أن هذا الموضوع ممكن معالجته من خلال «داعش» أو غيرها من الجماعات الإرهابية.

ويكشف المصدر الوزاري بأن اعتماد هذا النمط الجديد من العمليات الانتحارية يؤشر إلى محاولة الجماعات الإرهابية من رفع وتيرة عملياتها، وأن هذا التوجه بات معلوماً من قبل الأجهزة الأمنية وكذلك من قبل جهات دبلوماسية أجنبية متعددة سبق وأن حذّرت لبنان من إمكانية حصول عمليات إرهابية على أرضه، وهذا الأمر يستدعي استنفاراً سياسياً وأمنياً وترك الخلافات على هذا الملف أو ذاك جانباً، لأن الخطر كبير ونتائجه ربما تكون مخيفة ما لم يتم تدارك ذلك من خلال الوحدة والالتفاف حول الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية التي يجب التنويه بعملها في ملاحقة العناصر الإرهابية في كل مكان وفي الليل والنهار.