IMLebanon

هل الى القانون الجديد من سبيل؟!  

 

أعادت تطورات الثماني وأربعين ساعة الماضية مسألة قانون الانتخابات النيابية العتيد الى »مربع التخمينات« و»الكباش السياسي« بين أبرز مرجعين، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومن يمثل ورئيس مجلس النواب نبيه بري ومن يمثل.. حيث اشتعل التوتر الدستوري على خلفية سياسية لم تعد خافية على أحد، بين بعبدا وعين التينة..

لأيام مضت اتسمت الأجواء السياسية بكثير من التفاؤل حول اقتراب التوافق بين الأفرقاء كافة على قانون للانتخابات النيابية جديد، وقد عزز من ذلك ما حكي عن دور لحزب »القوات اللبنانية« بشخص نائب الرئيس النائب جورج عدوان، الذي تمكن من  اقناع الرئيس بري بصيغة النسبية الكاملة على قاعدة تقسيم لبنان الى 15 دائرة فقبلها بري بعدما كان يرفض هذه الصيغة على ما قال في مؤتمره الصحافي أول من أمس.. وبعدما كانت سادت أجواء تشاؤمية حول ذلك..

لا يخفي عديدون مفاجآتهم، بل تساؤلاتهم حول معنى ان يبادر رئيس مجلس النواب الى تأجيل الجلسة التي كانت مقررة أول من أمس، الاثنين 29 الجاري الى الاثنين في الخامس من حزيران المقبل.. وقد برر بري هذه الخطوة بعدم الوصول الى اتفاق على قانون الانتخاب »وخشية ان يحصل تمديد..« لاسيما وأنه »لم يكن هناك تباشير خير حول قانون جديد..« فبادر الى الاتصال برئيس الجمهورية (على رغم ما يقال عن برودة في العلاقات وغياب الكيمياء الموحدة) وأطلعه على الأمر.. كما بادر الى الاتصال برئيس الحكومة سعد الحريري وأخبره بما حصل وبأنه يأمل ان يأتيه »مرسوم فتح الدورة الاستثنائية اليوم قبل الغد..« لكن المرسوم لم يصل على رغم ارسال الحريري مشروع المرسوم الى الرئيس عون.. وقد تساءل بري عن الدوافع والأسباب التي أدت الى عدم توقيع مرسوم الدورة الاستثنائية؟! على رغم ان ما فهمه من الرئيسين عون والحريري »ان المرسوم على الطريق..«؟!

في قناعة عديدين ان المسألة سياسية بالمقام الأول، وان استندت الى اجتهادات دستورية.. وقد ظهرت تباينات في الاستناد الى مواد في الدستور لتعزيز موقف هذا الفريق او ذاك.. خصوصاً حول مسألة صاحب الصلاحية في فتح الدورة الاستثنائية؟! حيث أكد »العونيون« ان »لا اجتهاد في موضع النص، في المواد 31 و32 و33 من الدستور التي تحدد كيفية فتح الدورة الاستثنائية وبدايتها ونهايتها وجدول أعمالها..؟! وان مرسوم فتح الدورة، ليس في يد رئيس مجلس النواب، بل يصدر عن رئيس الجمهورية بعد الاتفاق مع رئيس الحكومة؟..

في المبدأ، بات الجميع متفقون على »النسبية الكاملة« في قانون الانتخابات العتيد، الذي يتطلع اليه اللبنانيون، وقد بات حكماً.. وبين ليلة وضحاها تفجرت خلافات التفاصيل، حيث تكمن شياطين الحسابات والمصالح السياسية والفئوية ومن بينها، بل من أبرزها اصرار »التيار الوطني الحر« على »نقل عدد من المقاعد المسيحية في مناطق ذات غالبية مسلمة الى مناطق أخرى مسيحية.. وهي نقطة اشعلت الرئيس بري الذي سارع الى اعلان رفضه، »شكلاً وأساساً« ورفع الورقة الحمراء في وجهها على خلفية وطنية معتبراً ذلك أنه »فرز مقلد لمشاريع التقسيم القائمة في المنطقة.. وأكثر من ذلك أقول إن هذا الأمر سيصبح، اذا ما سرنا به، باباً ومنفذاً لطوائف أخرى من أجل المطالبة به أيضاً..« أي تمهيد الطريق نحو الكانتونات الطائفية والمذهبية.. هذا في حين ان البعض يحاول التخفيف من هذه المسألة بتأكيده ان المقاعد المطلوب نقلها هي أربعة فقط.. ومن بينها أيضاً كيفية تقسيم الدوائر الـ15، وكيفية احتساب »الصوت التفضيلي في القضاء، أعلى القاعدة الوطنية أم على القاعدة الطائفية والمذهبية«.

ليس من شك في ان الفريق المحسوب على رئيس الجمهورية لعب دوراً لافتاً في تعزيز الارباكات الحاصلة، وفق المشاريع التي دأب على اطلاقها ولم تلقَ قبولاً من غالبية الأفرقاء السياسيين.. وفي قناعة متابعين للحوارات من الداخل ان »التيار الوطني الحر« يرفع سقف مطالبه عالياً في القانون »التأهيلي« وهو يتطلع الى ان يحصد 55 نائباً كحد أقصى او 42 نائباً على الأقل.. وهو (أي »التيار«) يدرك ان المسألة لا يمكن ان تخاط بمثل هذه السهولة التي يتطلع اليها، الأمر الذي قد يقود الى طي صفحة البحث عن قانون جديد والعودة الى »الأمر الواقع« مع قانون الستين، المرفوض شكلاً من عديدين، والمقبول ضمناً، على نحو ما صرح بذلك الرئيس العماد ميشال عون خلال لقائه الثلاثاء الماضي (23 ايار) وفد »نادي الصحافة« حيث شدد على ان لا داعي للتهويل بالفراغ، لأنه اذا حل موعد انتهاء ولاية المجلس النيابي من دون التوصل الى قانون انتخابي جديد »فإننا سنعمل بهدي الدستور وما ينص عليه لجهة دعوة الشعب الى الانتخابات ضمن مهلة التسعين يوماً وتكون هذه الانتخابات على أساس القانون النافذ (أي الستين) اذا لم يقر المجلس قانوناً جديداً..«؟!

الواضح، ان تطورات الأيام الأخيرة أحدثت بلبلة لافتة غطَّت على موجة التفاؤل بولادة قانون جديد قبل نهاية ولاية مجلس النواب في 20 حزيران المقبل.. لكنها لم تقفل الأبواب بشكل نهائي، لاسيما وأن بري لم يقطع الخيط مع الرئيس عون، وهو أفصح في مؤتمره الصحافي عن مضمون اتصاله برئيس الجمهورية منبها من »ان هناك محاولات مضنية للايقاع بيني وبينك.« إضافة الى ما أعلنه الرئيس الحريري بعد ساعات قليلة من اطلالة الرئيس بري، محذراً من ان »العودة الى قانون الستين او التمديد سيشكلان هزيمة لنا جميعاً أمام قواعدنا الشعبية ويعبر عن اهتراء سياسي لا يصب في مصلحتنا ومصلحة البلد..«؟! فهل الى القانون الجديد من سبيل؟