IMLebanon

الجرّاح يطلب سلفة على مشروع موازنة 2017: العودة إلى ممارسات السنيورة

في خرق دستوري لم يقم به إلا فؤاد السنيورة، قرّر وزير الاتصالات جمال الجراح الطلب من مجلس الوزراء الموافقة على منح هيئة أوجيرو سلفة بقيمة 225 مليار ليرة من قانون برنامج لا يزال قيد الدرس في لجنة المال والموازنة ضمن مشروع موازنة 2017، لا بل إن غالبية أعضاء هذه اللجنة لا تزال تدقق في جدوى إنفاق هذا المبلغ الذي سينفق خلال الأسابيع الباقية من 2017!

رفع وزير الاتصالات جمال الجراح، كتاباً إلى مجلس الوزراء يطلب فيه منح هيئة أوجيرو سلفة خزينة بقيمة 225 مليار ليرة، مشيراً إلى أن هذا المبلغ أقرّ في مجلس الوزراء في مشروع موازنة وزارة الاتصالات لعام 2017، ولا سيما المادة 32 التي تتعلق بقانون برنامج لتطوير وتوسعة الشبكة الثابتة ومتمماتها والخدمات المرافقة.

ويقول الجراح إن الهدف من السلفة البدء بتطبيق مشروع الفايبر أوبتيك (FTTC) ومتمماتها والخدمات المرافقة لها من ضمن برنامج تطوير وتوسعة الشبكة الثابتة.

في الواقع، تندرج خطوة الجراح في سياق التصريح الأخير لمستشاره نبيل يمّوت في نهاية الجلسة الأخيرة للجنة المال والموازنة. في تلك الجلسة جرى نقاش واسع وتدقيق بمشاريع الوزارة ومزاعمها عن الإنفاق وكلفته والفترة الزمنية التي ستنفق الوزارة خلالها مبلغاً كان مقرّراً بنحو 750 مليار ليرة قبل أن يجبر الوزير على تقديم حسم بقيمة 150 مليار ليرة. يومها قال يمّوت: «إذا لم يمرّ قانون البرنامج كما ورد فإن الموازنة لن تمرّ أيضاً».

ما يجري اليوم هو أكثر مخالفةً للقانون والدستور مما كان يقوم به السنيورة

تهديدات يمّوت، الذي يعدّ بمثابة وزير الظل في وزارة الاتصالات واليد اليمنى لرئيس الحكومة سعد الحريري، تُرجمَت اليوم من خلال الكتاب المرفوع إلى مجلس الوزراء. يتضمن هذا الكتاب طلب الموافقة على إنفاق لم يقرّ بقانون صادر عن مجلس النواب، أي إنه مخالف للمادة 88 من الدستور التي تنصّ على أنه «لا يجوز عقد قرض عمومي ولا تعهّد يترتب عليه إنفاق من مال الخزانة إلا بموجب قانون». لا بل إن المادة 32 المذكورة، لا تزال قيد النقاش في لجنة المال والموازنة منذ أسابيع، ولم تنل أي موافقة في اللجنة، رغم إبراز وزير الاتصالات لائحة بالمشاريع المنوي تنفيذها. الشكوك التي اعترت أعضاء اللجنة، تمثّلت في التأخير الكبير الذي تطلّبه إعداد هذه اللائحة في وزارة الاتصالات، ثم تردّد وزير الاتصالات في تقديمها للجنة قبل أن تظهر عليه بوادر الضغط في الجلسة الأخيرة، حيث خلط بين المشاريع التي تنفذها الوزارة، والتراجع من القول إن أحد المشاريع ينفذ على يد أوجيرو، إلى القول إن تنفيذه يجري في الوزارة من دون أن تكون لديه القدرة على تبرير عدم تنفيذه من خلال إدارة المناقصات. كذلك أقرّ الجراح بأن التلزيم حصل من دون اعتمادات مالية، وهذا ما دفعه إلى القول إنه «تلزيم أولي»… ليعود وينكر هذا الأمر في مؤتمر صحافي أمس!

إزاء هذه المخالفة والطريقة التي يسير فيها الملف، قد لا يجد رئيس الجمهورية ميشال عون حرجاً من الطلب إلى مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة اليوم، سحب كتاب الجراح، على اعتبار أنه يشكّل مخالفة دستورية خطيرة الهدف منها الالتفاف على النقاشات الدائرة في لجنة المال والموازنة، والعودة إلى ممارسات الرئيس فؤاد السنيورة أيام كان رئيساً للحكومة. ففي ذلك الوقت، كان السنيورة يخالف المادة 88 من الدستور، بالقول إنه ينفق الأموال بالاستناد إلى مشاريع موازنات لم يقرّها مجلس النيابي، لكن جرى تبريرها في ديوان المحاسبة بعبارات لا ترقى إلى المستوى القانوني. لكن السنيورة كان يتحجّج بأنه يقوم بهذه المخالفات مضطراً، نظراً إلى أن مجلس النواب معطّل… لكن ما يجري اليوم هو أكثر مخالفة للقانون والدستور مما كان يقوم به السنيورة، إذ إن مشروع الموازنة موجود وقائم ولا يزال قيد النقاش في لجنة المال والموازنة، ويتوقع أن ينتهي منه قريباً.

هذه العملية الالتفافية ستكون محور نقاش اليوم في موقعين: في مجلس الوزراء الذي يعقد جلسة اليوم برئاسة رئيس الجمهورية، وفي لجنة المال والموازنة التي تعقد جلسة مؤجلة من يوم الاثنين الماضي.