IMLebanon

معركة «طواحين الهوا» بين الكتائب والقوات… الى اين؟

اختفت حرب القوات ـ الكتائب الاعلامية التي اندلعت فجأة بيانات ومواقف على المواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي وبقرار من قيادتي الفريقين بالهدنة ووقف المعركة التي استعملت فيها كل وسائل التجريح بالآخر، وتم نبش دفاتر الماضي والحاضر للطرفين بدون مهادنة وبكشف المستور في العلاقة وعمره سنوات من الخلاف في السياسة بين الحزبين الحليفين في فريق 14 آذار وللذين افترقا بعد التسوية السياسية التي غيرت كثيراً في معالم العلاقة  المضبوطة بينهما.

 فما حصل وفق اوساط المراقبين هو نتيجة متغيرات على الساحة السياسية قلبت المقاييس وغيرت في التحالفات والمواقع، وواقع الحال ان الافتراق في الخيارات بات واضحاً، مهما حاولت الصيفي وقيادة معراب  ضبط الخلاف الذي كبر بعد مصالحة معراب  التي اعتبرت استهدافاً واستبعاداً لحزب «الله والوطن والعائلة»، ولعل المراقبين لم يخطئوا  في ظنونهم عندما  اعتبروا ان زمناً آخر بدأ بين الفريقين بالنظر الى  تعيين الزميل شارل جبور خلفاً للوزير الزميل ملحم رياشي بان المواجهة الاعلامية باتت من اسلحة معراب الجديدة، وبان زمن تدوير الزوايا الذي أتقنه رياشي بات من الماضي، فجبور الخلف في إعلام معراب كانت له الطلات الاعلامية الصاخبة ولطالما اعتبر من الصقور في حزب القوات.

فمنذ ايام كان رد إعلامي واضح ضد احد البرامج التهكمية التلفزيونية وفي الأمس شن جبور حملة شرسة ضد حزب الكتائب عبر الفايسبوك أعقبه بتوضيح كان أعنف من الأصل، وفيه حمل جبور حزب الكتائب «الملف الأسود» للحرب اللبنانية، والخطير في كلام المسؤول الاعلامي للقوات هو نبش الذاكرة المؤلمة للحرب اللبنانية من مجزرة اهدن الى مجازر صبرا وشاتيلا وصولاً الى المواقف «الهوائية» لرئيس الكتائب في المسألة الحكومية وفي الانتخابات الرئاسية.

ويؤكد المراقبون ان كلام جبور لن يمحوه التوضيح وان الكتائب لن تسكت وان كانت المساعي قد نجحت في تهدئة النفوس وقطع دابر التواصل الاجتماعي الذي اشتعل سريعاً. فالكتائبيون يعتبرون انهم ضربوا من بيت ابيهم والكلام الذي رد فيه عضو المكتب السياسي سيرج داغر على التطاول القواتي لن يشفي الغليل ولن يعيد العلاقات القواتية ـ الكتائبية الى سابق كلام جبور واعتباره شيئاً لم يكن.

الكتائبيون يعتبرون من جهتهم ان ما أقدم عليه جبور هو عن سابق تصور وتصميم، فالجماعة يقصد «القوات»، «سكروا بزبيبة» لم يصدقوا ان حارة حريك ستفتح لهم طاقة للحوار فقررت معراب والكلام لكتائبيين فتح الابواب على مصراعيها عبر غسيل الأيدي والنوايا من الحرب اللبنانية ويسأل كتائبيون، من شارك في هذه الحرب؟ هل المكتب السياسي الكتائبي ام الشباب  الذين انتقلوا الى كنف القوات اللبنانية هم الذين كان لهم شرف الدفاع عن لبنان.لكن المعيب ان تنفض قوات اليوم وتنكر الماضي المقاوم النابض رغم الاخطاء القاتلة التي حصلت، وما يرتاب منه الكتائبيون ليس فتح الملفات التي ليس لهل فيها شيء بل ان الارتياب من الواقع الحالي بعد ان داخ المسيحيون من العراضات السياسية التي امتهنوا استغلالها حول سلاح حزب الله واصبح لكل خطاب للامين العام لحزب الله اطلالة مقابلة للرد، وهذا الموضوع لا يحصل مؤخراً، ـ وبحسب كتائبيين فالموضوع الاخير «لا يستأهل» او لا «يحرز» سوى ان هناك من قرر خوض معركة طواحين الهواء معنا، ويكاد جبور بحسب هؤلاء يؤكد ان الصبح لا يطلع اذا لم يستأذن معراب. هذه الثقة استمدوها بعد ان صدقوا ان الرئيس ميشال عون لم يصل الى بعبدا لولا موافقة ورضى الحكيم.

لكن بالمقابل القوات اللبنانية حاولت ان تضبط النفس وتلتزم الهدوء وتضبضب محازبيها قدر الامكان بتعليقاتهم اللاذعة، فمعركة الكتائب ليست معنا يقول القواتيون بل كنا «فشة خلق» لسوء ادارة الملفات في الآونة الاخيرة، وهنا تسأل القوات عن الظروف والاسباب التي أدت الى البلبلة الكتائبية على اكثر من صعيد، فالمواقف الاخيرة التي اتخذها الحزب كانت سبباً في الفوضى التي خلفتها الكتائب، فحالة الهذيان الكتائبية بدأت في الهمروجة التي افتعلتها الكتائب خلال اعتصام برج حمود ومن ثم فك الاعتصام دون ان يدري المعتصمون السبب الحقيقي للاعتصام واسباب انفراطه. فما كاد الكتائبيون يستوعبون ما حل بهم في برج حمود حتى صدرت الاوامر بالانسحاب الفوري من الحكومة، وزيران رفضا الامتثال وثالث انصاع لكنه بقي يداوم في وزارته. ومن ازمة الى ازمة كان الانتقال الى مأزق الانتخابات الرئاسية فالصيفي قررت خوض المعارضة، وانتخاب ثورة الأرز، مخالفة الاجماع اللبناني على انهاء الفراغ وانتخاب ميشال عون ومن بعدها قررت الكتائب المشاركة في الحكومة رغم موقفها المعارض لكن السجادة الحكومية سحبت من تحتها وفي الامتار الاخيرة قبل الاعلان عن التشكيلة الحكومية رفض الحزب المشاركة لان منصب وزير الدولة ليس على قياس طموحها. فخرجت الكتائب مجدداً الى المعارضة لكن الكتائب قررت معارضة القوات اللبنانية بدل ان تعارض الحكومة وهنا وقع الاشكال. ويرى اصدقاء القوات ان على الصيفي ربما ان تعود الى حكمة الحرس القديم خصوصاً ان الرئيس أمين الجميل لا يزال يمتلك السحر الكتائبي في مواجهة الشبيبة.

هل انتهت الأزمة وانتهت مفاعيل التصاريح العنيفة التي لم تشهد لها مثيلاً العلاقات بين الصيفي ومعراب؟ المطلعون على الاجواء يؤكدون ان غيمة الصيف انتهت والامور عادت الى مكانها الطبيعي والاتصالات الحثيثة نجحت في لجم التفلت من هنا وهناك. ويؤكد المطلعون ان محاولات ستحصل لارساء ما يشبه تفاهماً انتخابياً ربما، او اتفاقاً في شأن الانتخابات النيابية. فالكتائب في ضوء تفاهم معراب مهددة بفقدان كل مقاعدها في بعبدا والمتن والشمال وعاليه وربما زحلة وحزب الكتائب يشدد على هامش مراوحة او مساحة من تفاهم معراب بحيث لا تلغيه ورقة التفاهم او تزيحه عن الساحة المسيحية، فالتسريبات والتوقعات الانتخابية بان التفاهم الانتخابي بين القوات والتيار الوطني الحر سيقضي على الكتائب، بحيث يصعب على الكتائب تحقيق اختراقات، وما يزعجها ما يتردد عن اتصالات تحصل بعيداً عن الاضواء وما يحكى عن احتمال اتفاق مع نديم الجميل وسجعان قزي تعمل عليه معراب.