IMLebanon

كسروان ـ جبيل: «كِيف بتِــركَب» بين المستقلّين والأحزاب؟

 

تؤكّد المعطيات الدقيقة الواردة من دائرة كسروان – جبيل أنّ الفراق الانتخابي بين «التيار الوطني الحرّ» و»القوات اللبنانية» بات مرجّحاً حصولُه، لكن لن يبلغَ حجم الصِدام السابق، إذ إنّ تَوافقَهما السابق سيبقى ضابطاً للإيقاع.

حفلَت التحليلات سابقاً بكمٍّ هائل من التوقّعات تفيد بحدوث «تسونامي» حزبي في المناطق ذات الغالبية المسيحية، خصوصاً بعد إبرام التفاهم بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية».

ولطالما أطلَّ الخبراء الانتخابيون على الشاشات يُسقطون مفاعيل الأمر على معظم الأقضية وبالأرقام، مستنتجين عدم حاجة الحزبين الأكبر مسيحياً إلى عقدِ تحالفات من خارجهما، نظراً لقدرتهما على حصدِ غالبية فائقة من المقاعد.

حينها، كان الاعتقاد سائداً أنّ إمكانية الخرق صعبة ولن يكون هناك قانون انتخابي جديد، وعلى هذا الأساس أُجريَت الحسابات. أمّا اليوم، فالمعادلة باتت مختلفة تماماً في ظلّ النظام النسبي وسقوطِ عامل الحسم الأكثري الذي سيَحكم انتخابات 2018.

في دائرتَي كسروان – الفتوح وجبيل ووفق القانون القديم، وخارج أيّ تفاهم مع «القوات اللبنانية»، كان أكثرَ من طبيعي أن يشكّلَ «التيار الوطني الحر» لائحتين صافيتين له، بغضّ النظر عن حسابات الربح والخسارة.

وبعد توافقِهما، ووصول العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، أجمعَت التوقّعات على انّ التحالف بينهما سيَسود، و«القوات» ستتمثّل حكماً في كلّ من جبيل وكسروان. لكنّ المعطيات تغيّرَت مع إقرار القانون الجديد وضمِّ جبيل إلى كسروان في دائرة واحدة.

في القراءة الموضوعية للوقائع الانتخابية وخصوصية كلّ مِن القضاءَين، ومع النسبية، يبدو واضحاً استحالة الحسمِ الحزبي المشترك من جهة، كذلك لا يمكن استبعاد المستقلّين والعائلات من جهة ثانية. وفي الحسابات الانتخابية البحتة، قد يكون مفيداً لأكثر من طرف ولأسباب متعدّدة، الابتعادُ عن لائحة تَجمع المستقلين والعائلات مع الحزبَين الكبيرَين.

وإذا نظرنا إلى التحرّكات، يرجِّح مراقبون كثُر أنّ هذا ما سيَحدث، ليس في كسروان – جبيل وحسب، بل في أكثر من دائرة، وهذا لن يُفسد في الودّ قضية، إذ إنّه سيقع تحت سقفِ التوافق المبرَم بين «التيار» و«القوات».

ويقول مطّلعون على الشأن الانتخابي إنّ «أرض الواقع والإمكانات الحالية تنبئ بتشكيل ثلاثة لوائح جدّية، واحدة تضمّ «التيار» وآخرين للمرّة الأولى، يقابلها ثانية تضم «القوات» مع مستقلّين وعائلات، وثالثة تضمّ المستبعَدين من اللائحتين».

وفي دراسة للواقع، يبدو أنّ الأثقال الانتخابية ليست غامضة في هذه الدائرة بالنسبة إلى الأحزاب كما بالنسبة إلى الشخصيات التقليدية فيها، من دون تناسِي تأثيرِ واقع الثنائية الشيعية في قضاء جبيل. إلّا أنّه يسجَّل في الوقت عينه صعودُ أسماء من المجتمعَين المدني والعام لم يسبق لها أن خاضت المعترَك الانتخابي النيابي مباشرةً، وكثيرون باتوا يتحدّثون عن ظاهرة الثنائي افرام – الحواط، وما يشكّله من تحَدٍّ بالنسبة الى «التيار» وبقية المنافسين.

في هذا الإطار، وفي سياق المتابعات الدقيقة للتحرّكات التي تشهدها دائرة كسروان- جبيل، تكشف المعلومات أنّ رئيس «المؤسسة المارونية للانتشار» نعمة افرام سبق له بعد إقرار القانون الانتخابي الجديد أن تَوافقَ مع رئيس بلدية جبيل زياد حواط، الذي قدّم استقالته أخيراً لكي يترشح للنيابة، على خوض المعركة معاً، حيث إنّ التقاربَ العلني القائم بينهما من جهة وبين «القوات اللبنانية» من جهة ثانية، لم يعُد خافياً على أحد، بل إنه بات تحالفاً.

ولا يَستبعد المراقبون أن يشكّل افرام – الحواط – «القوات» نواةَ تحالفٍ مؤكّد للائحة، من السابق لأوانه معرفة بقيّة أسماء أعضائها. ويصف هؤلاء المراقبون هذا التحالف بـ«ضربة معلّم»، ومفاعيله الأوّلية على الأرض واضحة إنْ لجهةِ الحواط و«القوات» في جبيل، وإنْ لجهة افرام في كسروان المتمسّك دائماً باستقلاليته، وأيضاً لـ«القوات» عبر مرشّحها الحزبي في كسروان شوقي الدكّاش.

وفي الوقت الذي يُعمل على أفضل غربلةٍ لمرشّحين محتملين عن قضاء كسروان ينضمّون لنواة هذا التحالف بنحوٍ لا يُحرج أطرافَه ويلائم منهجية التفكير والأداء المتجدّدة، يَسود صمت مطبَق على توجّهات «التيار الوطني الحرّ» سواء لجهة تسمية مرشّحيه الحزبيين أو تظهير التحالفات مع غير الحزبيين.

ففي ظلّ النظام النسبي المُحدَث وبروز وجوه مؤثّرة وفاعلة من المجتمعين المدني والعام، من الواضح أنّ خريطة تشكيل اللوائح الكاملة في دائرة كسروان – جبيل لا تزال متأخّرة، والوقت إضافةً إلى التنازلات المتبادلة ما بين المستقلين والعائلات والأحزاب وحدهما كفيلان بحلحلتها.