IMLebanon

خامنئي بين التشدّد واعتدال روحاني!

مرة أخرى، ماذا يجري في «إيران العميقة»؟ خلال الأشهر الثلاثة الماضية، كان التصعيد سيد المواقف الداخلية والخارجية في إيران. المرشد آية الله علي خامنئي لم يترك مناسبة إلا وعاد فيها إلى وصف الولايات المتحدة الأميركية بـ»العدو»، وفي ما وصف بـ»الوصية» طالب الأجيال القادمة بـ»عدم الثقة بهذا العدو». وكان أن تبارت جميع القوى في إسقاط كل الأوصاف السلبية والفشل في النهوض الاقتصادي على واشنطن وسياساتها، حتى الرئيس حسن روحاني دخل في الحملة ولو على استحياء. ولا شك في أن واشنطن أمدت هذا التصعيد بكل «الماء« اللازم لإدارة «طواحينه«، ذلك أن عدم رفع القيود المصرفية وغيرها من القيود أنتج تراجع الشركات الضخمة، خصوصاً الأوروبية منها، عن إنجاز العقود التي أبرمتها أو تفاهمت عليها مع طهران.

ذكرى الحرب العراقية – الإيرانية في 22 من الشهر الجاري، فتحت الأبواب أمام تظاهرة عسكرية غير مسبوقة. فقد أقام «الحرس الثوري» عرضاً عسكرياً خاصاً به في بندر عباس، تاركاً طهران للعرض السنوي للجيش. أما الرئيس حسن روحاني فقد اختار الأمم المتحدة ومشاركته في أعمالها عذراً للتغيّب عن العرضين. في الوقت نفسه مدّ يده للأميركيين من المنبر الدولي، إذ دعا الشركات

الأميركية للاستثمار في إيران، لأن واشنطن «تصحح مقاربتها» للاتفاق النووي، خصوصاً أن الأوروبيين ضغطوا بصفتهم «شركاء» على حل الخلاف الأميركي – الإيراني لتسهيل توقيع عقودهم المعلّقة.

عندما عاد روحاني إلى طهران، كانت الصورة «قاتمة» وكان «التصعيد» قد أنتج إحراجاً لإخراجه من موقعه في الرئاسة، بحيث يفشل إذا ترشح لدورة ثانية، خصوصاً أن «جناحه اليساري» في «جبهة الأمل«، أي الإصلاحيين، انتقدوه علناً. ما حدث بعد ذلك وبسرعة لم يتعود الإيرانيون حصوله في «إيران العميقة»:

* رسالة من الجنرال قاسم سليماني إلى المرشد يؤكد فيها بعد الاعتذار وفاءه والتزامه بتوجيهاته. وقد بدت الرسالة غريبة ومفاجئة في توقيتها ومضمونها، مما أثار الكثير من التفسيرات والأقاويل، لم يتم حسمها حتى الآن. لكن من الواضح أن شيئاً ما حصل في فضاء العلاقات الخاصة بين المرشد وجنراله. وقيل إن المرشد رفض أن يرشّح سليماني نفسه للرئاسة فكان رد «السليمانيين» أن «الجنرال يدير شؤون أربع عواصم عربية، فماذا تعني له رئاسة الجمهورية، خصوصاً أن له كلمة أساسية في إدارة السياسة الإيرانية؟«.

* أن المرشد طلب من الرئيس السابق أحمدي نجاد، خلال لقائه به، عدم ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية، مما أسقط «بديل» المحافظين المتشددين وأسقط معه آمالاً كبيرة في التصعيد الداخلي والخارجي مع الولايات المتحدة الأميركية. وقد شدد المرشد لنجاد إدانته لكل سياسته الاقتصادية أثناء ولايته الثانية، مما فسّر بأنه فتح الباب موارباً للتفاهم مع الرئيس الأميركي القادم.

الأبرز في تسريب لقاء المرشد بنجاد، أنه بلور خوف الأول من حصول انقسام داخلي على طريقة العام 2009، في وقت لا يمكن فيه فصل التطورات الداخلية عن الخارجية.

الرئيس حسن روحاني، الذي غادر طهران وكأنه أصبح خاتمي-2، عاد إليها «متسلحاً» بالتحولات داخل «إيران العميقة»، ليعود إلى «خطابه» بقوة وحسم. فقد اختار قزوين أمس ليدعو في مهرجان ضخم ومن جديد إلى الاعتدال في الداخل والخارج، فقال:

[ «الإسلام دين الوسطية والاعتدال».

[ «ليس هناك من خيار سوى الاعتدال لتحقيق تطوّر البلاد».

[ «نهجنا يجب أن يرتكز على الاعتدال في الداخل والخارج».

[ «إن إمكانية التطوّر والتقدّم لا يمكن أن تتحقق باعتبار كل العالم عدواً وخائناً«.

[ «إن حل الأزمة السورية يتم عبر الطرق السياسية وبالحفاظ على وحدة الأراضي السورية». وهذا تطور بارز ضد نهج «الحل العسكري» أو لا حل.

كما يقول المثل الشعبي «سنونوة واحدة لا تكفي لإعلان الربيع». هذا التصريح لروحاني مهم، خصوصاً أنه عكْس تيار التصعيد، الذي تواصل الى درجة تهديد السعودية بالحرب الشاملة، كما قال الجنرال محسن رضائي، لذلك يجب متابعة ترددات موقف روحاني واستتباعاته، خصوصاً الصادرة عن الرئيس هاشمي رفسنجاني.

في هذه الأثناء، يبدو المرشد آية الله علي خامنئي الذي أصبح يطلق عليه «آية الله العظمى« مساواة بآية الله العظمى السيستاني، يكثف من ظهوره كمرجع يدرّس عشرات الطلاب الذين بلغوا مرحلة متقدمة في دراساتهم، ولذا يتساءل البعض: هل يستعد خامنئي لإعلان «مرجعيته» على قم والنجف؟وما انعكاس ذلك على تسريع خلافته، خصوصاً أن تداول المرشحين لموقع المرشد أصبح علنياً في طهران وقم!؟