IMLebanon

زعامة في زعامات

معظمهم أخطأوا.

وأكثرهم لا يحبّون، أو لا يودّون الاعتراف بالخطأ.

لكن الكارثة وقعت في طرابلس.

والتصحيح أكثر صعوبة من التوضيح.

وأبعد من الاستدراك أو الاعتذار.

إلاّ أن الانتخابات البلدية مغايرة للانتخابات النيابية.

ولو استمر الرئيس سعد الحريري في المعركة وحده، لقالوا انه عنيد.

حتى اذا ما خسر المعركة، لصرخوا في وجهه: لقد وقفت ضد زعماء كبار.

ولا بد من أن تدفع ثمن الانكسار.

كان أمام سعد الحريري الذي يحتفظ بزعامته على العاصمة الثانية، بعد خسارته أمام حزب الله طريقان: إما مواجهة الجميع، أو التعاون مع الجميع لتفادي الانكسار الشامل.

إلاّ أنه كان مع الخيار الثاني.

كان على سعد الحريري ان يسْبر أغوار الوحدانية، أو ان يتواضع وينفتح على الزعامة الجماعية.

ولذلك فقد بسط يديه، وتحالف مع زعماء المدينة الكبار، وهو واحد منهم، وتجاهل العنعنات مع الأصدقاء وفي مقدمتهم الوزير المستقيل أشرف ريفي.

لا أحد كان يصدّق، ان لائحة طرابلسية تضم سعد الحريري، نجيب ميقاتي ومحمد الصفدي والكراميين فيصل كرامي وأحمد كرامي، معطوفة على الجماعة الاسلامية والأحباش يمكن أن تهزم.

كانوا في طرابلس، يقولون ان الرئيس نجيب ميقاتي والرئيس سعد الحريري يختصران المعارك السياسية، وان الجماعة الاسلامية من المتعاطفين مع تيار المستقبل، وان الأحباش سوريو الأهداف والمبادئ.

وأكثر من ذلك، كان كثيرون في العاصمة الثانية يقولون ان الرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي، أضعف من مواجهة فيصل كرامي، فكيف اذا كان الفيصل وأحمد معاً على لائحة واحدة مع سعد الحريري ونجيب ميقاتي.

كان السؤال يصل الى حدّ السخافة، خصوصاً وان الخصم هو الوزير المستقيل أشرف ريفي هو الناهض لمنافسة زعماء المدينة.

***

تردّد سعد الحريري على بعض العواصم العربية، خلال المعركة، وحذا الرئيس نجيب ميقاتي حذوه، لأن المعارض ضدّهم ليس قوياً، ولو كان في موازاته النائب السابق مصباح الأحدب.

إلاّ أن أشرف ريفي الخارج من حظيرة الحريرية السياسية بقي في المعركة، يقود منافسة شرسة مع زعيم اللائحة المعارضة أحمد علم الدين…

وانتهت المعركة بفوز ستة عشر عضواً من اللائحة المؤيدة من أشرف ريفي وثمانية من قائمة زعماء المدينة.

إلاّ أن المعركة لم تتوقف عند الانتخابات البلدية، بل انفتحت أمامها معركتان قاسيتان الأولى مع المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي، والثانية فتحها بدوره سياسياً وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، والاثنان وصلا الى الحكم، بمبادرة من الرئيس سعد الحريري بالذات.

والوزير المشنوق طلع بمواقف عاتبته عليها السفارة السعودية، لكنه ظلّ عند آرائه والمواقف.

هل انفخت الدفّ بين الحريريين أم ان الأوضاع سائرة الى التسويات بين الجميع، أم ان حلف الأصدقاء بات على المحكّ.

سؤال دقيق على أبواب تطلعات جديدة، ومواقف غير معتادة بين جماعة الصفّ الواحد.

إلاّ أن الرابط الأقوى بينهم هو الشهيد الغائب رفيق الحريري الذي ترجع اليه قيادة الطائفة السنّية في لبنان.