IMLebanon

«اللبنانية».. بين إرهاب التطرّف وصوت فيروز

 

دق ناقوس «إرهاب كم الأفواه« ليحط مجددا في «الجامعة اللبنانية» التي تئن تحت قبضة من يحاولون قمع الفكر وفرض الرأي بالقوة، وترسخت سياسة الهيمنة داخل كلياتها كنمط مستدام تنتهجه مجموعات طلابية حزبية تسعى بين حين وآخر الى احتكار جامعة يُفترض انها صرح لكل اللبنانيين.

 

لم تبدأ المشكلة بمنع قيام التعبئة التربوية في حزب الله بث أغاني السيدة فيروز في مبنى كلية الهندسة التابع لـ»مجمع رفيق الحريري الجامعي» في الحدث تحت ذريعة أن بعض الناس لا يسمع الأغاني، وموجة الرفض التي رافقت تلك الحادثة جاءت كردة فعل على تراكم ممارسات تنتهك هوية الجامعة الأكاديمية والوطنية التي تم تحويلها الى ما يشبه «ثكنات» يتم فيها رفع الرايات الحزبية والشعائر الدينية واقامة المجالس العاشورائية من قبل مجالس طلابية تسعى الى طمس روحية التنوع والشراكة التي اغتنى بها لبنان كما جامعته، والسؤال يبقى ماذا بعد؟ وأين إدارة الجامعة من ما جرى ويجري، وماذا تنوي فعله إزاء كل ذلك أم سيكون الصمت كفيلا بالقبول بالأمر الواقع؟.

 

بدا جليا أن محاولات لف حبل مشنقة التطرف والرأي الواحد لخنق الجامعة والوطن لم ولن تنتصر لتُقوّض الرأي الحر، وهذا ما كشفته المواقف الشاجبة لمنع طلاب في كلية الهندسة من بث اغاني فيروز تكريما لزميل لهم قضى في حادث سير، وهذا ما أكده منسق مكتب طلاب بيروت في «تيار المستقبل» خالد الحاج لـ»المستقبل»، وأوضح « أن ما حصل هو ممارسة ميليشيا فكرية تسعى الى فرض ثقافة جديدة بعيدة عن المجتمع اللبناني وعن الجامعة التي هي رمز الحريات والمطلوب من سلطة الجامعة ورئاستها ان يكون لها موقف واضح من كل ممارسات تلك المجالس الطلابية «، لافتا الى أن تلك المجالس غير شرعية لأنها ليست منتخبة من قبل الطلاب».

 

حمل بيان التعبئة« التربوية« في «حزب الله» «التضخيم الاعلامي مسؤولية التفرقة والخلاف واعتبر أنه لمن المعيب أن يتم وضعنا مقابل أي جهة أو شخصية فضلا عن حزن العائلة«، مبررا «ما جرى بأنه محض تطبيق لاتفاق بين مجلس طلاب الفرع وإدارة الكلية والجهات الطلابية لتنظيم الأنشطة وأماكنها، وإن ما حصل يعني مجلس طلاب الفرع وإدارة الكلية، وهما الجهة التي تحدد التوجه لتنظيم الأنشطة»، الا أن ذلك لم يمنع من توالي المواقف الشاجبة لهذا التصرف.

 

فغرد النائب وليد جنبلاط عبر تويتر قائلا: «لا تحرمونا صلاة القدس صلاة فيروز. لاتحتكروا فلسطين. الارض لنا والقدس لنا«، وقد ارفق جنبلاط التغريدة بتسجيل لاغنية زهرة المدائن لفيروز والاخوين رحباني.

 

ونشر وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال الياس بو صعب على صفحته عبر «تويتر» تغريدة يقول فيها «بانتظار تفاصيل الحادثة، اؤكد ان لا علاقة لأغاني السيدة فيروز بها، الامر سيعالج ويجب صون الحريات للجميع وفق القانون«.

 

واعتبر رئيس «حركة التغيير» ايلي محفوض، أن «بيان التعبئة التربوية في حزب الله حول حادثة الجامعة اللبنانية، بيان تبريري ولزوم ما لا يلزم، وهو لا ينفي ما أقدم عليه طلاب الحزب«، لافتا الى أن «المطلوب تحقيق من قبل وزارة التربية، وقطع بوادر أي محاولة أخرى، وعدم السماح بتكرار ما حصل«.

 

واعتبر«اللقاء التقدمي للاساتذة الجامعيين» في بيان« أن «هذا السلوك هو بمثابة قمع للحريات الفردية المكفولة في الدستور، ومحاولة لتكريس هيمنة الفكرة الواحدة في الجامعة وضرب التعددية فيها وهذا ما يهدد استمراريتها وإرتقاءها«، مطالبا «رئيس الجامعة بوضع حد لهذه الممارسات التي ان استمرت ستؤدي إلى ضرب صورة الجامعة كمساحة وطنية مشتركة«.

 

واستغربت «منظمة الشباب التقدمي» في بيان، «حالة الصمت القاتلة التي يقابل بها الوضع الذي وصلته الأمور في الجامعة اللبنانية، مطالبا «بضرورة التسريع في إجراء الانتخابات الطلابية وفق القانون الانتخابي النسبي المتفق عليه من قبل جميع الافرقاء، ما يحفظ للجميع حقهم في إيصال صوتهم وإختيار المجلس الطلابي الذي يمثلهم«.

 

واعرب قطاع الشباب والطلاب في الحزب الشيوعي اللبناني، عن «قلقه البالغ إلى ما تؤول إليه الأوضاع في الجامعة «، واكد أنه «من غير المقبول أن يعطي أي طرف لنفسه حق ادارة حياة الطلاب ومصادرة حقوقهم بما يراه مناسبا له، فيسمح لنفسه بإحياء مناسباته ويمنع عن الآخرين حرياتهم«، مشيرا الى أن «المسؤولية الأولى عما آلت إليه أوضاع الجامعة على كافة المستويات تقع على إداراتها المتعاقبة، تلك التي جعلت ولاءها لمختلف زعمائها السياسيين وقدمت مصالحهم على ما عداها«.