IMLebanon

العجز اللبناني  وموعد القفز إلى الهاوية

أسوأ ما في الأداء الحكومي أنَّ سياسة التهويل لا يمارسها الوزراء على بعضهم البعض بل على الناس، ففي المحصِّلة أنَّ الناس هم الذين يدفعون الأثمان سواء في الإهتراء الذي يضرب إدارات الدولة وصولاً إلى الفساد الذي يضرب قطاعاتها.

وتبلغ سياسة التهويل أعلى درجاتها حين يلوِّح رئيس الحكومة بأنَّه سيستقيل أو سيعتكف أو سيُصرِّف الأعمال، هذا الأمر مراهقة سياسية، فإذا كان سيستقيل فلمَن يُقدِّم إستقالته؟

وإذا كان سيعتكف فهو الآن في حال اعتكاف، وإذا كان سيُصرِّف أعمال فهو منذ الشغور الرئاسي في حال تصريف أعمال، فلماذا سياسة تهبيط الحيطان على الناس؟

ألا يكفيهم ما هُم فيه من تعبٍ وإحباطٍ وإختناقٍ جرَّاء هذه السياسة العشوائية والإرتجالية التي تُمارَس في حقِّهم حتى يُضربون بالتهويل أيضاً؟

إنَّ حكومةً تعجز عن جمع النفايات، كيف لها أن تجمع شمل اللبنانيين؟

كانت تُدرك أنَّ إستحقاق 17 تموز آتٍ لا محالة وهو موعد إقفال مطمر الناعمة، فلماذا بقيت حتى اللحظة الأخيرة تتصرَّف وكأنَّ هذا الإستحقاق لن يأتي؟

هل كانت تعتقد مثلاً أن الزمن سيتوقَّف؟

لم يتوقّف الزمن، وها هي تواجه الإستحقاقات، فماذا ستفعل؟

تعرف الحكومة أنَّ جبل النفايات هو فضيحة الفضائح لأنه الأغلى في العالم. في الدول النفطية يتمُّ التنقيب عن النفط لتحقيق الأرباح، في لبنان يتمُّ التنقيب عن النفايات لتحقيق الأرباح. يقول العالمون بالأَرقام أنَّ أرباح الشركة بلغت في عشرين عاماً ملياري دولار، فهل من نفايات في العالم تحقق هذا المستوى من الربحية؟

أكثر من ذلك فإن هذه الأموال هي مقتطعة من عائدات البلديات، فهل تُسأل بعد ذلك البلديات لماذا لا تُحسِّن مناطقها؟

إنَّ البلد يعيش في حلقةٍ مفرغة، والناس يعيشون في دُوار، وليس في الأفق ما يشير إلى حلحلةٍ في الأزمة بل إلى تصاعدها، فالمشكلة غير محصورة بالنفايات بل هناك قنابل موقوتة ستنفجر تباعاً وقد اقترب وقتها، فمجلس الوزراء من اليوم وحتى السابع من آب، موعد تسريح رئيس الأركان في الجيش، لن يعقد أكثر من جلستين، فإذا ما عجز عن تعيين رئيسٍ جديدٍ للأركان فإنَّ التمديد لرئيس الأركان الحالي سيكون هو المعتمد، من خلال فتوى تأجيل التسريح، وهذا التدبير الذي اعتُمد بالنسبة إلى المدير العام لقوى الأمن الداخلي، سيُطبَّق لاحقاً بالنسبة إلى قائد الجيش في حال تعذَّر توافق الثلثين في مجلس الوزراء على تعيين قائدٍ جديدٍ للجيش، هذه الخطوة ستجعل العماد عون يقلب طاولة مجلس الوزراء على الجالسين حولها، فماذا سيحصل في هذه الحال؟

إنَّ تعيين قائد جديد للجيش يحتاج إلى موافقة ستة عشر وزيراً وهذا غير متوافر، وعليه فإنَّ الأنظار إلى ما بعد 7 آب، فهل يكون هذا التاريخ هو موعد القفز إلى الهاوية؟