IMLebanon

 «القوات» شريك «العهد»… خطوة في اتجاه «تصفير المشاكل»

يدخل حزب «القوات اللبنانية» شريكاً إلى السلطة في حكومة الرئيس سعد الحريري بعد أن كسب رهانه بدعم وصول العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية. هي المرة الأولى منذ خروج رئيس الحزب سمير جعجع من السجن عام 2005 التي يمكن القول إن «القوات» أصبح جزءاً من اللعبة السياسية التقليدية في لبنان القائمة على تقاسم الحصص و«الخدمات». فرض نفسه أخيراً كجزء أساسي من «الطبقة الحاكمة» بعد فترة طويلة من «الغياب» نتيجة مواقفه «المبدئية» والرافضة للجلوس مع «حزب الله» حول طاولة واحدة. تلقف بحسن نيّة كلام الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله تجاهه فبادر إلى وقف السجال «الإعلامي» حول المواضيع الخلافية. وقف على خاطر الزعيم الدرزي وليد جنبلاط في ما خص قانون الانتخاب فكان أن رد له التحية.

يحاول «القوات» من خلال تجربته الجديدة الوصول إلى سياسة «صفر مشاكل» بعد دفن الخلافات التاريخية بينه وبين التيار «الوطني الحر» وولادة «تفاهم معراب»، إضافة إلى الإشارات الإيجابية المستجدة مع «حزب الله» والانفتاح على «الأطراف».

أدرك من خلال تجربة تشكيل الحكومة الأخيرة أن الدخول إلى «جنة السلطة» يقتضي طي صفحة الخلافات ومد الجسور مع الخصوم. لا يختلف اثنان على أن ثمة تغيراً جوهرياً في كيفية مقاربة «القوات» لخريطة التحالفات. هو «نيو لوك» لحزب سئم الانتظار في ثلاجة «المبدئية» ففضل «كسر الجليد» ورفع «حرارة العلاقات».

لا يخفي عضو كتلة «القوات» النائب انطوان زهرا «تناغم» حزبه «في الكثير من المرات مع وزراء ونواب حزب الله لمناقشة القضايا المطروحة إن كان في مجلس الوزراء أو اللجان النيابية». كلام يردد للمرة الأولى في محاولة للفصل بين البنية السياسية للحزب التي تتعاطى الشأن العام ومنظومته الأمنية والعسكرية التي لا تتوانى عن إقحام نفسها في صراعات المنطقة خدمة لأهداف خارجية.

«لم نغيّر موقفنا إنما خففنا من التركيز على الموضوع» هكذا يعلل نائب البترون خفض النبرة تجاه الحزب. يضيف: «نحن نشهد انطلاقة عهد جديد وسيد العهد يعتبر موضوع السلاح إقليمياً، وأنه مرحلياً ملتهٍ في الخارج ولا يتعاطى الشؤون الداخلية ونحن نتماهى مع ذلك».

يتابع: «لا نركز على الحزب بشكل يومي لتسهيل عمل المؤسسات الدستورية فنحن دخلنا مرحلة جديدة. هناك حكومة جدية تحاول أن تنتج ومجلس نيابي عاود نشاطه بالتشريع والمحاسبة. في النهاية نريد أن نسهل هذه الأمور وأن لا نتوقف عند الملفات الخلافية بشكل يمنع إنجاز المواضيع التي نتوافق عليها».

يذهب رئيس دائرة الإعلام والتواصل في «القوات» شارل جبور أبعد من زهرا ليقول إن «حزب القوات لم يرفع شعار رفض المساكنة مع حزب الله قبل خروجه من سوريا فهذا شعار رفعته قوى 14 آذار مجتمعة، والقوات كان آخر فريق سياسي تخلى عن هذه الفكرة».

لا يتردد في القول إن حزبه تخلّى عن عناوين سياسية كبيرة خاض في ظلها معظم معاركه السياسية. ويلفت إلى أن «حزب الله هو من اعتمد سياسة التبريد الإعلامي مع القوات وهو ما بادلناه اياه فنحن نتعايش تحت سقف الدولة اللبنانية ونأمل أن تكون المساحة المشتركة التي جمعتنا تحت عنوان انتخاب رئيس وتشكيل حكومة، مساحة تجمعنا باتجاه الاتفاق على قانون انتخابي جديد».

طمأن جعجع النائب جنبلاط فطالب بصحة التمثيل لجميع المكونات السياسية اللبنانية. يعلم أنه كان هناك إجحاف بحق المسيحيين وفق قانون الستين ولذلك لا يريد أن يصحح الخلل الحاصل من خلال خلق خلل في مكان آخر. اخذ في الاعتبار الهواجس وعمل على تبديدها فقال إنه لا يوافق على قانون لا يحظى برضى زعيم «المختارة».

لا تقتصر تغيرات «القوات» في طريقة تعامله مع المكونات فقط بل ذهبت لتطال بيته الداخلي بعد إعلان زهرا عزوفه عن الترشح إلى الإنتخابات النيابية المقبلة. يضع البعض هذه الخطوة في إطار «البيع والشراء» بينه وبين التيار «الوطني الحر» نتيجة «تفاهم معراب». أما الآخرون فيعزونها إلى رغبة القيادة في ضخ دم جديد تماشياً مع «المتطلبات».

ينتهج «القوات» في المرحلة الحالية طريقة مغايرة لسياق عمله في الشأن السياسي في السنوات الماضية، يهادن الخصوم ويبدد هواجس «حلفاء الضرورة». يعتبر البعض أن هذه استراتيجية «حكيمة» لمحاولة كسب ما لم يتمكن الحزب من كسبه في فترة «العداء» وما الاستحقاقات المقبلة إلا امتحان لذلك.