IMLebanon

لبنان وحيداً في مواجهة إعلان الحرب الروسي؟ المظلّة الدولية غير كافية من دون خطة احتواء للجوار

صبيحة الاربعاء الماضي، تلقى مكتب الرئيس نبيه بري اتصالاً من السفير الروسي ألكسندر زاسبكين طالباً موعداً عاجلاً من رئيس المجلس ينقل اليه رسالة مهمة من قيادة بلاده بوصفه أعلى سلطة دستورية في البلاد اليوم.

أعطي الموعد على عجل، ليسمع بري من الديبلومسي الروسي رسالة مفادها أن روسيا أعلنت الحرب على التنظيمات الارهابية في سوريا وقررت خوضها عبر الغارات الجوية.

انتهت الرسالة عند حد الابلاغ، ولم ينقل زاسبكين أي كلام آخر يحمل تطمينات روسية حيال تداعيات اعلان الحرب هذا على دول الجوار وفي مقدمها لبنان الذي يعيش تحت وطأة الحرب السورية منذ اندلاعها، كما يعيش تداعيات اللجوء السوري، فضلا عن تداعيات الكباش الاقليمي الحاد على سوريا، والذي يجمّد الوضع اللبناني ويمنع انتخاب رئيس جمهورية ويشل سلطتيه التنفيذية والتشريعية.

خرج زاسبكين من عين التينة، واقتصر الاعلان على الرسالة التي حملها بسطر واحد، هو في الواقع، وبحسب قراءة اوساط سياسية مطلعة، اعلان يغيّر المشهد السياسي الداخلي ويقلبه رأساً على عقب، الى حد اعتبار أن ما بعد اعلان الحرب الروسية هو غير ما كان قبله.

فلبنان الذي كان يعوّل على جملة مؤشرات تحلحل العقد الداخلية تمهيدا لتسهيل انتخاب رئيس، صُدم بسقوط كل المعطيات المتفائلة. ففي حين كانت الانظار متجهة الى نيويورك حيث كان متوقعا حصول تواصل ايراني مع دول مجلس التعاون الخليجي، فضلا عن لقاء ثنائي مرتقب بين وزيري خارجية السعودية وايران، جاءت حادثة الحجاج في منى لتطيح هذه التوقعات وتعطي الرئيس الايراني العذر للمغادرة والانسحاب من اجتماعات الامم المتحدة.

هذا الانسحاب قضى أيضا على فرصة لقاء ثنائي لبناني – ايراني كان يعوّل عليه رئيس الحكومة اللبنانية للطلب من طهران المبادرة الى تسهيل انجاز الاستحقاق الرئاسي، اذ ألغي الاجتماع الذي كان مقررا بين روحاني وسلام. كما تردد أن اجتماعات مع مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى ألغيت كذلك.

حتى اجتماع سلام بالرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لم يفض الا الى تأجيل زيارة الاخير للبنان والتي قد يستعاض عنها بزيارات لمسؤولين فرنسيين رفيعين في المرحلة المقبلة، تواكب، الى جانب حركة ديبلوماسية دولية في اتجاه لبنان، الاحتضان الدولي له ومنعه من الانهيار.

وعلى المقلب الآخر للدعم الدولي، لم تنجح مجموعة الدعم الدولي في التقدم خطوة عملية واحدة في اتجاه ترجمة الدعم السياسي الى دعم مالي يقي لبنان مخاطر الانهيار، وهي مخاطر لم تعد بعيدة جدا في ظل الاعباء الكبيرة التي ينوء تحتها الشعب اللبناني بفعل تداعيات اللجوء السوري وتراجع الاقتصاد والاستثمار وفرص العمل.

ليس رئيس الحكومة العائد من اجتماعات نيويورك بعيدا من هذه الصورة القاتمة التي رسمها أمام الوفد الاعلامي المرافق له، خصوصا أن الرجل العائد من أعلى منبر أممي إصطدم فور نزوله من الطائرة باكياس النفايات التي لا تزال تحاصر حكومته، معطوفاً عليها ملف الحسابات الداخلية الضيقة المتعلقة بآلية عمل من هنا وترقيات خاصة من هناك، لا تأخذ في الاعتبار حجم الاخطار المحدقة بلبنان نتيجة مرحلة الانتظار الطويل التي سيعيش لبنان تحت وطأتها طيلة مرحلة المخاض السوري، والتي ستكون، بحسب الاوساط، أشد وطأة وثقلا من مرحلة الرهان على الاتفاق النووي!

وأكثر ما تخشاه الاوساط ألا يصمد الحوار الوطني الداخلي في وجه المواجهة الشرسة القائمة على الارض السورية اذا لم يجر تحصين للوضع الداخلي، مشيرة الى ان القوى السياسية مدعوة اليوم، وبعدما اتضحت الرعاية الدولية للتدخل الروسي في سوريا، الى البحث الجدي في خطة احتواء الوضع الداخلي بما أن ساحة لبنان مكشوفة بالكامل على الساحة السورية.

ورأت أنه يجب البناء على ما عاد به رئيس الحكومة من نيويورك من تشديد على أن المظلة الدولية لا تزال قائمة، ويجب البحث عن آليات تحصين هذه المظلة بآليات تحفظ الاستقرار وتفعَل العمل الحكومي والتشريعي وتعيد الانتظام الى عمل المؤسسات الدستورية، والا فإن هذه المظلة لن تكون كافية لحماية الاستقرار.