IMLebanon

لبنان: حدود التسوية الممكنة!

قلنا قبل أيام هنا إن التسوية المرحلية في لبنان ممكنة، بعدما أعطى الامين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله اشارة علنية “ايجابية” بدعوته الى ما وصفها بـ”التسوية الشاملة” التي تتضمن الاتفاق على رئاسة الجمهورية، والحكومة المقبلة، وقانون الانتخاب المقبل. وقد لاقاه في الايجابية رئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري، وإن أبدى تمسكه بمبدأ ان انتخاب الرئيس هو مدخل أي تسوية. أكثر من ذلك، وفي زمن البحث عن “تسويات” تحت نيران المواجهة بين المجتمع الدولي و”داعش” من جهة، والصراع غير الواضح المعالم حول سوريا من جهة أخرى، يبدو لبنان في حاجة الى البحث عن تسويته الداخلية بمعزل عن القوى الاقليمية والدولية التي لا تبدو في عجلة من أمرها للجلوس والبحث عن حلول لأزمة لبنان العميقة.

بداية نقول إن كل من يعتقد بإمكان التوصل الى حلول لأزمات لبنان البنيوية، هو واهم. ان الحد الممكن نظرياً (من دون ضمانات) سيكون بمحاولة الارتقاء من مرحلة “التهدئة” التي ظللت الفترة الممتدة من تاريخ اغتيال الوزير محمد شطح الى اليوم، الى مرحلة “تسوية” هدفها معالجة الملفات كالرئاسة، وقانون الانتخاب. أما شكل الحكومة وتشكيلها ورئاستها فمتفق عليها في المبدأ على قاعدة ان رئاسة الحكومة تبقى في “أحضان” قوى ١٤ آذار، ولا سيما “تيار المستقبل” كما هو الحال اليوم بوجود تمام سلام، والحكومة تبقى حكومة ائتلافية تجمع الأضداد كما هو حاصل اليوم، ويجري ضم حزب “القوات اللبنانية” اليها ليكتمل المشهد الحكومي.

الاتفاق على اسم الرئيس المقبل ليس مستحيلاً، وخصوصاً أن كل الاطراف يدركون استحالة وصول رئيس من صلب الفريقين الكبيرين. فلا رئيس من ٨ آذار، ولا رئيس من ١٤ آذار. وأما لعبة الشائعات حول استبدال عون بفرنجيه كمرشح يمكن القبول به رئيساً من “تيار المستقبل” فمجرد شائعات لأسباب عدة أقلها ان فرنجيه، وإن يكن أكثر اتزاناً من عون في خطابه وسلوكه السياسيين، فإنه جزء لا يتجزأ من منظومة ٨ آذار محلياً واقليمياً، بل انه رمز كبير فيها، يصعب تصوّر تأييد “عصب” ١٤ آذار وصوله الى منصب الرئاسة. وأن من يتصوّر من فريق ١٤ آذار أنه يمكن الركون الى فرنجيه رئيساً في إطار “تسوية شاملة” يكون واهماً! وفي مطلق الأحوال إن اجتماع الحريري – فرنجيه في باريس أعطي أكبر من حجمه، ولا يصل الى حد البحث الجدي في اسم فرنجيه للرئاسة.

إن “التسوية الشاملة” التي أشار اليها نصرالله، هي من الناحية العملية “تسوية مرحلية” لأنها لا تتناول عمق الأزمة في لبنان، ألا وهي سلاح الحزب غير الشرعي، ولا تورّطه الدموي في الصراع في سوريا. ويقيننا أن لا حلّ في لبنان قبل نزع سلاح “حزب الله” كلياً، وتفكيك منظومته الأمنية – المخابراتية، وتحويله الى حزب مدني أسوة بالأحزاب الأخرى في لبنان. هذا هو الأساس، وكل حديث عمّا يسمى “تسوية شاملة” يبقى دونه ناقصاً. لذلك، اذا لاحت فرصة “تسوية مرحلية” على الرئاسة التوافقية، والحكومة الائتلافية، وقانون الانتخاب المنطقي، فلا بد من اقتناصها اليوم قبل الغد.