IMLebanon

لئلا تنتقل العدوى إلى كل استحقاق إسقاط سلاح التعطيل حماية للمؤسسات

لم يعد معقولاً ولا مقبولاً أن يصبح تعطيل المؤسسات سلاحاً في يد داخل لمآرب ذاتية وسياسية وشخصية، أو لخارج خدمة لمصالحه واستراتيجيته، وبات من الضروري والملح تعطيل هذا السلاح الذي بدأ استخدامه في الانتخابات الرئاسية فعطّلها سنة ونصف سنة حتى الآن، وفي مجلس الوزراء الذي عطل جلساته وزراء بإفقاد نصابها اذا لم تستجب مطالبهم، وتعطيل جلسات مجلس النواب أيضاً اذا لم تستجب مطالب لنواب باتت شروطاً لا يعودون عنها واعتماد سياسة الابتزاز مع من يهمه استمرار عمل المؤسسات.

ويخشى أن يستخدم هذا السلاح عند طرح المشاريع المهمة على مجلس النواب مثل مشروع قانون الانتخابات النيابية الذي لا يقل أهمية عن الانتخابات الرئاسية لأن الصراع عليه هو صراع على السلطة، فكل حزب أو تيار أو تكتل يريد قانوناً على قياس مصالحه ليضمن الفوز بأكثرية المقاعد النيابية فيستطيع عندئذ أن يتحكم بتشكيل الحكومات وبمصير المشاريع وبالقرارات المهمة في مجلس الوزراء، لا بل بسياسة الدولة كلاً. وهذا ما حال دون التوصل الى اتفاق على هذا القانون على رغم مرور وقت طويل على درسه، وقد يكون تقسيم الدوائر هو بيت القصيد تحقيقاً للمناصفة بين المسلمين والمسيحيين، فضلاً عن قانون استرداد الجنسية خصوصاً بعدما تبين أن إشراك اللبنانيين المقيمين في الخارج في الانتخابات دونه صعوبات تقنية ولوجستية جعلت عدد من تسجلوا للمشاركة فيها ضئيلاً جداً حتى الآن.

الواقع ان المشترع عندما صاغ دستور الطائف لم يفكر في أنه سيأتي يوم يلجأ فيه نواب الى التغيب عن جلسات انتخاب رئيس للجمهورية من دون عذر مشروع لتبقى سدة الرئاسة شاغرة الى أجل غير معروف، وان يستغل أي خارج معني بالموضوع ذلك ليربط مصير انتخابه بتحقيق مكاسب له إن لم يسمِّ هو رئيساً للجمهورية يلتزم سياسة هذا الخارج، ولأن المشترع لم يسمع بأن نواباً تعمدوا في الماضي التغيب عن جلسة انتخاب رئيس للجمهورية من دون عذر مشروع بقصد تعطيل نصابها والحؤول دون انتخابه، وإلا كان لحظ في الدستور نصاً يمنع ذلك.

أما وقد لجأ نواب للمرة الاولى في تاريخ لبنان السياسي الى تعطيل نصاب جلسة الانتخابات الرئاسية، فانه يُخشى ان يلجأوا الى تعطيل جلسة انتخاب رئيس لمجلس النواب اذا لم يكن المرشح مقبولاً منهم، وكذلك تعطيل الاستشارات لتسمية رئيس الحكومة بعدم المشاركة فيها، ويواصل وزراء تعطيل جلسات الحكومة بالتغيب عنها اذا لم يؤخذ بمطالبهم وشروطهم. لذلك بات من الضروري والملح اسقاط سلاح تعطيل الاستحقاقات الدستورية بقصد تعطيل عمل المؤسسات لغايات وأهداف شتى، باتخاذ قرار يمنع تغيّب النواب عن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية فينتفي عندئذ الجدل حول وجوب حضور الثلثين وإمكان انتخاب رئيس الجمهورية بالنصف زائداً واحداً. وعدم التغيّب أيضاً عن جلسة انتخاب رئيس للمجلس، أو مقاطعة استشارات تسمية رئيس الحكومة، إذ على النائب ان يحضر الجلسة ويقترع بورقة بيضاء اذا لم يكن يؤيد أي مرشح للرئاسة، وان يفعل الشيء نفسه في انتخاب رئيس للمجلس وان لا يسمّي احداً في الاستشارات التي يجريها رئيس الجمهورية لتكليف من يشكل الحكومة. وينبغي ان يحضر الوزراء جلسة مجلس الوزراء ويصوّتوا مع المشروع المطروح أو ضده أو يمتنعوا عن التصويت، فالنظام الديموقراطي يحمي عمل المؤسسات ولا يعطلها وفقاً لمزاج هذا النائب أو هذا الوزير، وليس من المعقول ولا من المنطق أن يفرض النظام الداخلي لمجلس النواب عقوبات على كل عضو في لجنة نيابية اذا تغيّب عن ثلاث جلسات من دون عذر مشروع، ويعتبر مستقيلاً منها، ولا يعاقب من يتغيب من دون عذر أيضاً عن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية او رئيس مجلس النواب وعن كل استحقاق دستوري بهدف شل عمل كل المؤسسات.

لذلك بات من المصلحة الوطنية اسقاط سلاح التعطيل من كل يد داخلية أو خارجية، وإلا سقط كل نظام وانهارت الدولة.