IMLebanon

ملفّات معيشية في مطمر النفايات!

فقدت الأيام معانيها والأعياد رهجتها في وطن فَقَدَ الإنسان فيه قيمته والمواطن حقوقه! فلا يوم المرأة كان محطة فرح في مسيرة إمرأة تميّزت عن محيطها العربي بالعلم والعمل والإنجازات، وتخلّفت عنه بالحقوق والعدالة، ولا المعلِّم كُرِّم في عيده حيث بقيت مطالبه أسيرة الملفّات السياسية وبقي هو معلَّقاً بالوعود التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع.

ففي وقت إحتفلت المرأة في العالم بما حقّقته من إنجازات وشدّدت على الخطوات القادمة لتحقيق المزيد من المساواة المهنية والشخصية، كانت المرأة في لبنان لا تزال في مرحلة الإنتظار للعدالة حتى تأخذ مجراها وتحكم على القتلة الذين استباحوا حياة نسائهم بكل برودة ووقاحة، وكأنهم على يقين أنهم سيفلتون من العقاب، وهم في تزايد كنتيجة طبيعية لتقاعس القضاء في إلحاق أقصى العقوبة التي يستحقها المجرمون. نعم، لا تزال المرأة في لبنان تُطالب بأبسط درجات العدالة، آخرها إجراءات ضد الإغتصاب، في وطن إرتهن للسياسة في لقمة عيشه ونفاياته وحتى قوانين الأحوال الشخصية فيه، فتستّر المجرم وراء أعذار واهية ونكَّل بضحيته، تارة وراء قضبان السجن الزوجي وطوراً تحت عيون أهلها، إمعاناً بالتعذيب وإرواءً لرجولته المريضة، أو إغتصاباً إرضاءً لغرائزه الحيوانية المتفلِّتة في الدولة الفانية!

أضف إلى ذلك، أن قمّة العار في المواطنية هي حرمان الأم اللبنانية من إعطاء الجنسية لأولادها، بحجّة التوازن الطائفي البغيض الذي بات يتحكَّم بمفاصل حياتنا اليومية ويعطِّلها.

أمّا المعلِّم، فقصّته ليست بأفضل، فإذا به يتحوَّل من الطبقة الوسطى إلى الطبقة المعدومة، مهدور الحقوق، فاقد الإيمان بالرسالة التي تحوَّلت إلى إبريق الزيت بين أزمة معيشية خانقة وعجز رسمي مستديم عن المعالجة.

أخيراً، ماذا يمكن أن نتمنّى في ظل دولة عجزت عن تصريف نفاياتها والحفاظ على مؤسساتها، وغرق القيّمون عليها في وحول خلافاتهم السقيمة وطائفيتهم المميتة؟

في شهر طغت فيه المناسبات الإنسانية على جمود الأحداث السياسية، يشعر اللبنانيون بوطأتها أكثر من أي وقت مضى، فلا الظروف المعيشية تسمح بالإنفراجات ولا الإستقرار السياسي يبشِّر بحلّ قريب للأزمات المتلاحقة داخلياً وإقليمياً، ولا الدولة قادرة على لملمة شتاتها وإعادة مؤسساتها على السكّة الصحيحة! إنه الأمن الذاتي للمرأة في يومها والمعلِّم متروك وحده يتخبّط في ريّاح الأزمات المعيشية، ولم يبقَ للبنانيين سوى النفايات لتقضي على ما بقي من كرامة العيش في وطن وليس مزبلة الأوطان.. كل آذار ولبنان بخير!