IMLebanon

مؤتمر لندن: مخاوف التوطين وغياب الضمانات أليست مشاركة لبنان أفضل من عدمها؟

مع التسليم جدلا بأن مؤتمر المانحين في لندن الذي سيوفر دعما للاجئين السوريين للبقاء حيث هم، على حد تعبير وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، قد يحمل في طياته مخاوف من توطين سوري في لبنان على المدى المتوسط كأمر واقع نتيجة احتمال استمرار الحرب في سوريا سنوات عدة اضافية مما يبقي هؤلاء خارج سوريا لاستحالة عودتهم الى مناطقهم، او في حال بقي بشار الاسد على رأس النظام السوري بحيث تضطر غالبية هؤلاء اللاجئين وهم من السنّة الى البقاء حيث هم خشية تعرضهم للقتل اذا عادوا في حال نجحت روسيا وايران في ابقاء الاسد في موقعه حتى نهاية ولايته او ربما اكثر، او ايضا لان اجيالا جديدة ناشئة يمكن ان تبقى حيث هي متى بدأت مرحلة تعليمية او وجدت عملا مثمرا كما يطالب مؤتمر لندن ويسعى الى تأمينه. لا يود لبنان التوطين ويرفضه على ألسنة مسؤولين من تيارات او قوى مختلفة، خصوصا ان له تجربة مريرة مع استمرار الفلسطينيين على ارضه من دون افق لهم بالعودة الى بلادهم، ولا يبدو ان احدا يمكن ان يقدم الى لبنان ضمانات فعلية بعدم انزلاق الوضع الى ما قد يشبه التوطين اذا استمرت الحرب في سوريا مفتوحة على الغارب لسنوات طويلة، او اذا تغيرت معالم المنطقة التي تتحرك راهنا كما في حال الزلازل الطبيعية بحيث قد تؤدي الى خربطة التقسيمات الجغرافية فيغدو متعذرا على لاجئين كثر العودة الى اراضيهم. لكن واقع الامر هو انه ينبغي طرح السؤال بطريقة مختلفة وما اذا كان يجب على لبنان التجاوب مع مطالب مؤتمر لندن والمنح والقروض المالية التي ستتوافر له، او يجب الا يتجاوب مع مثل هذا المؤتمر؟ وهل اذا لم يتجاوب لبنان مع المؤتمر يمكن ان يخفف من مسؤولية اللاجئين الموجودين على ارضه ام لا من دون ان يكون لدى احد اوهام بان الغرب اذ يغدق عطاياه في موضوع اللاجئين السوريين فانما استنادا الى الرغبة في ابقاء هؤلاء في دول الجوار السوري ومنعهم تاليا من الهجرة وطلب اللجوء الى اوروبا وسواها، وتخفيفا من انزلاق الكثير من هؤلاء ايضا الى التطرف متى وجد اللاجئون انفسهم امام حائط مسدود. فالمصيبة موجودة كما قال مرة وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس بكل مضاعفاتها وآثارها. وتاليا هل سعي الدول الغربية الى تحقيق مصالحها في موضوع اللاجئين يعوق لبنان عن تحقيق مصالحه إن في منع استمرار الاطفال السوريين في الشوارع او عدم استثمار قدراتهم في المجالات التي تتيحها القوانين االلبنانية، علما ان كان هناك دوما ما يقارب او يزيد على نصف مليون عامل سوري في لبنان في قطاعي الزراعة والبناء، يسأل البعض، في ظل ثناء حقيقي على الورقة التي توجه بها رئيس الحكومة تمام سلام الى مؤتمر لندن، إن لجهة مد الهيكلية اللبنانية بالمساعدات التي يتم التوجه بها الى دول الجوار وليس فقط الى اللاجئين حصرا، او لجهة المساعدة على ان يهيئ لبنان نفسه للاستفادة لاحقا متى وضعت الحرب السورية اوزارها من اجل ان تتوافر في لبنان القواعد المؤهلة للمشاركة في اعادة تأهيل سوريا واعادة بنائها.

لا ينكر احد ان موضوع اللاجئين السوريين يثقل على لبنان على اكثر من مستوى بما في ذلك المستوى الشعبي الذي يلمس تمايزا في التعامل مع اللاجئين في الوقت الذي تعاني البيئة التي استقبلتهم من فقر وحاجة كبيرين. ومن الصعب الى حد كبير التخفيف من وطأة المخاوف من ان يبقى السوريون في لبنان كما بقي الفلسطينيون خصوصا في ظل اكثر من عامل قد يكون ابرزها توقعات القوى الدولية لاستمرار الحرب في سوريا سنوات طويلة على رغم محاولة المجتمع الدولي وضع هذه الحرب على خط المفاوضات لايجاد حل سلمي، مما يعوق او يقفل تاليا اي امل بعودة قريبة للاجئين الى بيوتهم واراضيهم ما دام لا حل للحرب السورية. ومن ابرز العوامل ايضا عدم ثقة اللبنانيين بطبقة سياسية ليست في الواقع محل ثقة، بل على العكس وقد عجزت ولا تزال حتى الان عن معالجة مشكلة كبيرة كمشكلة الشغور في سدة الرئاسة الاولى، كما عجزت في المقابل عن ايجاد حل لمشكلة عادة ما تكون تافهة ومن دون اهمية هي مشكلة النفايات التي تفاقمت خلال ما يزيد على ستة اشهر في ظل صراعات سياسية حادة تمنع الاتفاق على ترحيلها او ابعادها عن الشوارع وبيوت الناس. يضاف الى ذلك ان لا جدية يظهرها الافرقاء السياسيون في الجلوس الى طاولة مجلس الوزراء للاتفاق على مشكلة كبيرة تواجه لبنان، او اقله لا يعطون انطباعا بذلك في ظل خلافات ومطالب شخصية اعاقت حتى الان عملا فاعلا ومجديا للحكومة بحيث يبدو موضوع اللاجئين كأنه يدخل اكثر فاكثر في اطار المزايدات السياسية وتاليا الاعلامية، علما ان بريطانيا مثلا طلبت ان يكون وزير التربية الياس بو صعب من ضمن الوفد اللبناني الى مؤتمر لندن بناء على خطة للحكومة من اجل توفير التعليم للاطفال من اللاجئين السوريين فيما فريقه السياسي هو اكثر من يستخدم كلمة توطين اللاجئين ويرفع لواء السعي الى منع توطينهم كما لو ان هناك من يريد او يرغب في ذلك او يعمل له. في حين ان موضوع التعاطي مع اللاجئين قد يكون من بين المواضيع القليلة التي يتفق عليها الافرقاء في مجلس الوزراء وفق ما تؤكد مصادر وزارية، وتاليا هي ليست مسألة خلافية على الاقل على طاولة الحكومة.