IMLebanon

«سيّدُ الكلام».. كلام سمير جعجع

كشّر حزبُ الله بالأمس عن «أنيابه» لرئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون، لم نتوقع أن يكشف قناع الوفاء لشخص ميشال عون «الدّيْن في رقبة حسن نصرالله إلى يوم القيامة»، ولكن ربّ ضارّة نافعة، فقد كشف مقال «كتب المحرّر السياسي» موقع الأزمة ودرجة خطورتها، فقد كشف المحرّر السياسي ـ وعلينا أن نشكره على هذا الكشف ـ أنّ هدف «الثنائيّة الشيعيّة» فرط المصالحة المعرابية التاريخيّة، المصالحة الكبرى بين المسيحيّين، وهي هنا تستخدم تماماً نفس أسلوب نظام الاحتلال السوري الذي كان يمنع أي تلاقٍ بين المسيحيّين والمسلمين، بلغة واضحة ومباشرة لا يريد ولا يناسب حزب الله وتابعه الحليف الرئيس نبيه بري أن يجتمع المسيحيّين موحدّين وأقوياء، ها هم وقفوا على أقدامهم من جديد بعدما «وأدهم أحياء» نظام الاحتلال السوري، يريدونهم اليوم كما حدث تماماً مع الطائفة السُنّية مستضعفين يقدّمون التنازل تلو الآخر، بعدما أدخلهم «راعي الحوار» إلى بيت الطاعة، وفي أفواههم ماء لأنّهم أوادم ولا يملكون سرايا مسلّحة بل جيش من الزّعران قادر على هزّ أمن البلد في كلّ لحظة، فصارا على طريقة «بدنا السترة»!!

أفضل كلام موزون وعقلاني ومنهجي لرجل دولةٍ قيل بالأمس، فكان «سيّد الكلام» هو كلام الدكتور سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانيّة لوكالة المركزيّة عندما حدّد أنّ «الوجه المبطّن لاستهداف التحالف بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية» ـ وما نحتاج إلى شرحه في مطوّلات اختصره الحكيم بكلمات ذهبت مباشرة إلى الهدف «نحن على يقين منذ اللحظة الاولى أنّ المسألة أبعد من توزيع حقائب، هي ممارسة معينة سُميت في حقبة زمنية معينة «ترويكا» حينما كان عهد الوصاية يوجّه بوصلته آنذاك نحو شرذمة السلطة اللبنانية بكل ما أتيح له من مجالات لمنع قيام الدولة اللبنانية فعلاً»، وبالتأكيد الهدف الحقيقي هو منع قيام الدولة، وهذا يزيدنا يقيناً بأنّ المصالحة الكبرى في قلعة معراب زلزلت الأرض بكثيرين، وأنّ ملاقاة الرئيس سعد الحريري للدكتور سمير جعجع في دعم وصول العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية خطوة «أفقدت الرئيس نبيه صوابه» أسقط في يده إذ لا يستطيع أن يضع نفسه في وجه المسيحيّين معطلاً لانتخاب الرئيس، ثم لمن يُربّحون رئيس البلاد ميشال عون جميلة أنّه لولا الرئيس نبيه بري لما كان انتخب رئيساً للجمهوريّة، نودّ أن نسألهم كيف كان الرئيس بري سيمتنع عن حضور وإدارة الجلسة؟؟ ألم يكن امتناعه عن القيام بدوره الدستوري ليقضي على ما تبقّى من سنواته السياسيّة الباقية في جنّة الحكم؟!

سيّدُ الكلام حدّد بالأمس أنّ «مركزية الصراع الداخلي اليوم تتمحور حول العهد، الذي نريده جديداً بكل ما للكلمة من معنى، في حين ثمة من لا يريد عهداً جديداً بل استمراراً للعهود القديمة وفي شكل خاص ذاك الذي ساد إبان عهد الوصاية بكل مفاهيمه»؛ انتهى زمن «لحّود الزّلمي المقاوم الأوّل»، حان الوقت لتفهم «الثنائيّة الشيعيّة» أنّ في قصر بعبدا رئيسٌ حقيقيّ للجمهوريّة اللبنانيّة، وأنّ هذا الرئيس تحديداً هو الذي قدّم الغطاء المسيحي لهذه الثنائيّة في أحلك أوقاتها، ومنذ الآن «الثنائيّة الشيعيّة» تتلطّى في حصان طروادة «خيّو لبشّار» النائب سليمان فرنجية، والمحزن أنّهم يعاملونه كما لو كان ليكون رئيساً بالفعل، فيما هو ولولا الخطأ الجسيم الذي ارتكبه الرئيس سعد الحريري ـ سامحه الله ـ بإبداء عدم ممانعة بالسير به رئيساً للجمهوريّة ما كان بيحلم فيها!!!

«كتبَ المحرّر السياسي» عنواناً نعرفه منذ كانت مقالات ذاك اللواء المتقاعد اليوم تتصدّر صدر صحيفة السفير أيام الوصاية «اللّحوديّة ـ البشاريّة»، لتصدير تهديد من هنا لكلّ من يرى فيه النظام الأمني المشترك البغيض رائحة نفس للخروج على التعليمات العليا، لذا لم يكن مفاجئاً بالأمس المحرّر السياسي الجديد الذي ـ وعلى سخافة ما كتبه من تهديدات مبطنة أصرت مع تكرر اسم رئيس البلاد مرّات عدة في المقال على حرمانه من أدب مخاطبة رئيس البلاد، ولم تذكر صفة فخامة الرئيس إلا في معرض «توبيخه» ومعايرته في «تحقير» شديد للرئيس المكلّف بأنّه فهم أنه «هل يجوز أن سعد الحريري بات يدرك أن خيارا كهذا يمكن أن يهدد كل مستقبله السياسي» بعد هذا التحقير والاستخفاف برأس الرئاسة الثالثة، قرّر المحرّر السياسي أن يعلّم رئيس البلاد درساً في كيفيّة قيادة «الجمهوريّة»، فهل هناك أفصح من عفّة هذا المحرّر السياسي وهو يهدّد رئيس البلاد بـ»إجهاض عهدك منذ شهره الأول»؟!

«سيّد الكلام» الحكيم الدكتور سمير جعجع وضع بالأمس نقطة على سطر كل التعطيلات وردّ الجميع إلى هناك حيث السقف الحقيقي للبنان تحت «سقف قلعة معراب» فقال: «أقصى أمنياتنا أن يتوسّع بيكار محور بعبدا – معراب- بيت الوسط ليشمل عين التينة والضاحية، علماً أنّ «نجمة» هذا المحور الدائمة هي الحزب التقدمي الاشتراكي، بيد أنّ البقاء ضمن شروط اللعبة التي طبقت منذ نهاية الحرب اللبنانية وحتى العام 2005 لم يعد جائزاً ولا مقبولاً ولا ممكناً، عهد الوصاية انتهى الى غير رجعة»…

هل سمعتم.. عهد الوصاية انتهى إلى غير رجعة، والجمهورية بخير وبات لها رأس ورئيس، تضحية سمير جعجع ومن بعده سعد الحريري سيجلّها لهما لبنان لقد حمى الرجلان لبنان وأنقذا الجمهوريّة والكيان ونقلا المرحلة للعيش في ظل الدستور اللبناني لا دستور الوثيقة السياسيّة لحزب الله، هل سمعتم؟!