IMLebanon

العقلية الميليشاوية

خصصت الحكومة الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء لمناقشة الموضوع الامني في البلاد بعدما تدهور الوضع الامني بشكل مقلق في كل ارجاء الوطن واصبحت الجريمة خبراً عادياً تتناقله وسائل الاعلام كل يوم.

سبق هذا القرار ان طرح هذا الموضوع على مجلس الوزراء في جلسته الاخيرة من زاوية ان انفلاش جرائم القتل بهذا الشكل المروع بات يستدعي حلاً من الحكومة المسؤولة عن أمن المواطن، وضمان سلامته في التنقل حيث شاء داخل الاراضي اللبنانية، وافضل الحلول هو ما اقترحه الوزير المسؤول عن الأمن، العودة الى قانون الاعدام بوصفه وحده يشكل رادعاً يمنع ارتكاب الجرائم عن سابق قصد، لكن المناقشات التي دارت في تلك الجلسة حول هذا الموضوع دلت على ان اكثرية الوزراء لا يحبذون العودة الى قانون الاعدام بعدما اسقطته كل الدول الحضارية مثل الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الاميركية وغيرها من الدول الراقية، فضلاً عن لجنة حقوق الانسان في الامم المتحدة واللجان التي تعنى بشؤون الانسان وحقوقه في كل ارجاء العالم.

ومع هذه التحفظات البديهية يصح القول بأن لبنان اليوم تحول الى مكان يسرح فيه القتلة بلا رقيب ولا حسيب، والى مكان للسلاح المتفشي بين الناس بلا حسيب ولا رقيب ايضاً، الامر الذي يصح به القول انه تحول الى غابة كل مين ايدو إلو وتحولت الدول الى مراقب او متفرج لا حول لها ولا قوة وهذا الواقع الذي وصلنا اليه في لبنان ما كان ليحصل لو طبق اتفاق الطائف بحذافيره وحلت جميع الميليشيات وجمع كل السلاح الثقيل والفردي من المواطنين، وتخلصنا من عقلية الميليشيات التي ما زالت متسلطة على الحكم حتى اليوم، وتحكم بعقلية الميليشيات تماماً دون ان تأخذ الدولة مسؤوليتها الاولى في المحافظة على امن وحياة المواطن فوق كل الاراضي اللبنانية التي تسيطر عليها. ومع الاسف الشديد والحزن الاشد فإن الدولة لا تملك بعد مثل هذه السلطة لان الميليشيات نفسها التي حملت السلاح وقوَّضت الدولة بإقامة دويلات فوقها وعلى حسابها ما زالت ممسكة بالسلطة مما ادى الى تفلت السلاح بيد المواطنين من كل المستويات والمكونات، والى هذه الفوضى الامنية العارمة التي بات يشكو منها حتى الوزير المسؤول الاول عن حفظ امن المواطن، وطالب بالعودة الى قانون اعدام القاتل كونه حسب رأيه يخفف من جرائم القتل والموصوفة والتي ليس اخرها الشاب المسكين روي الحاموش الذي ذهب ضحية غياب السلطة واستمرار العقلية الميليشياوية رغم القرار الذي اتخذ في اجتماع الطائف والقاضي بالغاء الميليشيات وجمع سلاحها بحيث لا يبقى اي سلاح في يد اي مواطن ما عدا في يد الاجهزة الامنية التي تتولى بحكم وظيفتها الحفاظ على امن الدولة وعلى امن المواطن والحؤول اولا وآخراً دون استفحال الجريمة المنظمة كما هو الحال الآن في لبنان، وان اي تدبير آخر يمكن ان تقدم عليه الحكومة في تلك الجلسة الامنية لا يلغي ولا يخفف من التفشي الامني الذي نشهده، والذي حول هذا البلد الى مرتع للعابثين بالامن من مجرمين ومهربين وقطاع طرق.