IMLebanon

وزيرات لبنانيات يُنافسنَ الرجال في «حلبة» السياسة

يُعتبر يوم المرأة العالمي في 8 آذار مناسبةً للوقوف عند حال النساء وتحديد موقعهن على طريق المساواة الطويل. فهن توصّلن إلى نَيل بعضٍ من حقوقهن، فيما لائحة المطالب لا تزال طويلة، وحقّهن بالمساواة بعيد المنال.

يحتكر الرجل في بلدنا السلطة منذ نشوء الدولة اللبنانية، حيث غابت النساء كليّاً عن مجلس النواب من العام 1953 حتّى 1990 حين اخترقت وجوه أنثوية قليلة الصفوف، ما أدّى إلى قبوع لبنان عام 2016 في المرتبة 181 بين 193 دولة في تمثيل النساء في البرلمان.

أما الحكومات اللبنانية المتتالية فلم تعرف سوى 8 وزيرات. ولم تدعم الأحزاب النساء وتوصِلهنّ إلى مراكز القرار إلّا في حالات نادرة على رغم انتساب العديد من الناشطات إليها، فتكرّست سيطرة الرجال في المعترك السياسي. كما لم تضمّ الحكومة الحالية سوى سيدة واحدة هي وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية عناية عزّ الدين، على رغم جهود المجتمع المدني والنسوي ووعود الأحزاب بدعم النساء.

عناية عزّ الدين

وفي مقابلة مع «الجمهورية» تؤكّد الوزيرة عز الدين دعمها لإقرار كوتا نسائية تضمن للنساء نسبة 30 في المئة من المقاعد في قانون الانتخابات المقبلة. وتوضح: «الكوتا ستشكل إجراءً مرحلياً وترسم بداية مشاركة النساء بفاعلية في الحياة السياسية اللبنانية».

وتشير إلى أنّ إقرار الكوتا سيساهم في زيادة ثقة السيدات بأنفسهنّ مع الوقت وسيحثّ الرجال على تقبّل مشاركتهنّ في عالم السياسة، ما سيفتح الطريق أمام قانون يترشّح فيه الرجال والنساء خارج موضوع الجندر، فتصبح الكفاءة هي الحاكمة.

وبينما تلفت إلى أنّ الوصول إلى هذا الواقع يتطلّب مساراً طويلاً وثقافةً تربوية واجتماعية وإعلامية تراكمية تحسّن دور المرأة، خصوصاً أنّ إقناع المجتمع يمرّ بالعمل الاعلامي والتربوي، تؤكّد أنه يمكن التأسيس لمشاركة المرأة بفاعلية من خلال اعتماد الكوتا النسائية.

كما تتطرّق إلى أهمية دور الأحزاب في تدريب الناشطات في صفوفهن ودعمهنّ ليتمكنّ من الوصول إلى مواقع صنع القرار، خصوصاً أنّ السيدة اللبنانية أخذت حق الترشح والاقتراع في القانون عام 1953 قبل كلّ الدول المحيطة، ولكن في التطبيق تخطتنا هذه الدول.

ريا الحسن

من جهتها، تؤكد وزيرة المال السابقة ريّا الحفار الحسن لـ»الجمهورية» صعوبة اختراق النساء صفوف السياسيين على مستوى السلطتين التشريعية والتنفيذية إذا لم تتبنّاهن جهة أو حزب سياسي.

وتلفت إلى أنّ «النظام الطائفي الموجود يحدّ من وصول أيّ شخص من خارج الإطار الحزبي، فكيف حال المرأة التي تواجه حاجزاً إضافياً هو حاجز الثقافة الذكورية والأبوية». وبينما ترى أنّ الأحزاب لا تحارب النساء إنما لا تشجعهنّ، تشدّد: «بدون الكوتا من الصعب جداً أن تبادر الأحزاب إلى ترشيح النساء».

وتشير إلى أنّ «اللبنانيات يعتلين مراكز عالية في القطاعين العام والخاص، بينما لا نعرف في النظام السياسي سوى طغيان قرار الرجال»، آملةً أن يؤدّي تشارك السلطة بين النساء والرجال إلى إدخال لبنان بُعداً اجتماعياً مختلفاً، يخفّف من التخاصم الذي ينشب بين الأحزاب من حين لآخر». وتضيف: «هناك ضرورة لتنمية الوعي عند الرجال حتّى يروا أنّ التنويع في صنع القرار مهم لما له مصلحة المجتمع، ومصلحتهم أيضاً».

أليس شبطيني

وتذهب وزيرة المهجّرين أليس شبطيني إلى أبعد من ذلك في حديث مع «الجمهورية»، فتؤكّد أنّ تواجد النساء في مكان ما يساهم في خلق السلام، وتنقل خبرتَها، إذ كانت المرأة الوحيدة في حكومة ذكورية لافتةً إلى أنّ «وجود المرأة يطرّي الأجواء، خصوصاً أنّ الرجال يتفادون الكلام البذيء أمامها ويَحترمونها».

وعن تطوّرها في هذا المحيط الذكوري تقول: «أنا لا أفرّق بين رجل أو امرأة بل أتعامل مع الانسان كإنسان»، مشدّدةً على أنّ «الرجل ليس أفضل من المرأة لتخاف منه».

وتضيف: «لا شيء يمنع المرأة من التعامل مع أيّ رجل بثبات وهدوء وتوازن ومن إعطاء رأيها بسهولة وإقناعه، مشيرةً إلى أنّ «المهم هو إقناعه بوجهة نظرها». وتلفت إلى أنّ المرأة اللبنانية أثبتت نجاحها بعلمها وكفاءتها على رغم كونها لا تمثل سوى 3 في المئة من مجلس النواب، ورأت أنّ «هذا السور بدأ يُفتح أمامها».

منى عفيش

بدورها، تروي وزيرة الدولة السابقة منى عفيش لـ «الجمهورية» كيف يؤدي النظام الطائفي الذي يهيمن عليه الرؤساء والأحزاب إلى اختيار أشخاص يميلون لهم حسب الطوائف والمذاهب والمناصب، «فكلّ زعيم يأتي بناسه»، ما يهمّش دور النساء.

وتؤكّد أنّ رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان فرضها على رغم عدم معرفتها الشخصية به، إذ كان يتمّ البحث عن وزيرة أورثوذوكسية زوجها أورثوذوكسي من بيروت.

وتقول: «هكذا يضعون المعايير للأسف، وسألوا عني وعن مركزي كمحامية وكفاحي في المجتمع المدني وحقوق المرأة والطفل، ومن ثمّ تمّ تعييني». وتأسف لمنحها فقط لقب وزيرة الدولة على رغم مطالبتها عبثاً بتخصيصها بشؤون المرأة أو حقوق الإنسان أو العائلة.

وتلفت إلى أنّ المرأة وإن تمّ تعيينها وزيرة قد تعطى وزارة دون حقيبة بدل إعطائها وزارة سيادية تمكنها من العمل والتطوّر. فلكلّ وزارة برنامجها وشروطها وفريق عملها، «أما أنا فلم ترافقني سوى سكرتيرة». وتؤكد أنّ التمييز ضد المرأة في السياسة كبير، ففي ظلّ العقلية الذكورية السائدة تُحرَم المرأة من الدعم لأنّ العائلة لا تتمثل إلّا بالرجل وكذلك الطائفة.

وفاء الضيقة حمزة

كان الرئيس الراحل عمر كرامي أول مَن عيّن وزيرتين في حكومته عام ٢٠٠٤ هما وزيرة الصناعة ليلى الصلح حماده، ووزيرة الدولة لشؤون مجلس النواب وفاء الضيقة حمزة.

تقارن الضيقة في حديث مع «الجمهورية»، بين واقع النساء عام 2004 حين عيّنت وزيرة واليوم، وهي التي تترأس حالياً التحالف الوطني لتحقيق المشاركة السياسية للنساء في لبنان. وتنقل الصعوبات والعراقيل التي واجهتها حينذاك لتمرير قضايا النساء.

وتقول: «منذ بدأنا في وضع البيان الوزاري لم يكن الوزراء متجاوبين لإدخال ما له علاقة بقضايا النساء، ولم يتداول المجلس موضوع الكوتا النسائية رغم أننا حضرناه مع وزارة الداخلية، وكان أول مشروع قانون يلحظ الكوتا. فالمرأة لم تكن أولوية».

وتوضح: «عندما بات هناك وزيرات، أصبحت البيانات الوزارية تذكر قضايا النساء، كما أنّ ما نسمعه اليوم من دعم لقضاياهن في حديث رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء لم يكن في السابق»، لافتةً إلى دور «الحركات النسائية وضغوط الجمعيات والهيئة الوطنية لشؤون المرأة في هذا الإطار».

وتؤكد: «اليوم ومع وجود وزارة لشؤون المرأة بات صوت النساء حاضراً في مجلس الوزراء ولم نعد نعتمد على المبادرات الشخصية للأفراد المؤمنين بقضايا النساء. فالوزير يتكلم ويطالب بتعديل القوانين وبالخطة التي يريد تنفيذها». وتكشف أنّ الهدف حالياً هو زيادة عدد النساء في مراكز صنع القرار، ما يعكس وجهة نظر النصف الآخر من المجتمع.