IMLebanon

المختلط الأوفر حظاً… والحريري وجنبلاط اقتنعا

تسيطر الأجواء الإيجابية على وضع القانون الانتخابي الجديد في لبنان، على ما أكّدت أوساط سياسية مواكبة، إذ بدأت بعض الأطراف تليّن موقفها بالنسبة للطروحات الأخيرة التي تخلط بين النظام الأكثري والنسبي والتي باتت على قاب قوسين من التوافق عليها من قبل جميع المكوّنات السياسية. ففي آخر التطوّرات الناجمة عن اللقاءات والاتصالات برئيس الحكومة سعد الحريري من جهة، كما برئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط من جهة أخرى، سوف تذهب الكتل النيابية الى مجلس النوّاب لإقرار قانون الانتخابات الجديد، بعد إقرار السلسلة الأسبوع المقبل، على أمل أن يتمّ ذلك قبل 20 آذار الجاري.

الخطوات تتسارع، وكذلك اللقاءات الثنائية التي تصبّ في باب التسوية نفسها التي أوصلت العماد عون الى بعبدا، والحريري الى رئاسة الحكومة إذ لم يعد يفصل لبنان عن تاريخ 20 آذار سوى أقلّ من عشرة أيّام. هذا التاريخ الذي يبعد 60 يوماً عن موعد انتهاء ولاية مجلس النوّاب الحالي الذي سبق وأن مدّد لنفسه مرتين، ولا يجوز له بأي حال من الأحوال أن يُمدّد لنفسه مرة ثالثة في ظلّ العهد الرئاسي الجديد. فإذا مرّ التاريخ المذكور دون التوافق على القانون الجديد المقترح على أساس النظامين النسبي والأكثري، فإنّ مجلس النوّاب يكون مضطراً لأن يُقفل أبوابه في 20 حزيران المقبل، وتدخل عندئذ السلطة التشريعية في الفراغ الفعلي.

ولأنّ أياً من المكوّنات السياسية لا يريد إيصال نفسه الى الحائط المسدود، تضيف الاوساط، إذ انّ الكتل النيابية للأحزاب والتيّارات السياسية تفقد شرعيتها في حزيران المقبل، نجد أنّها تسعى فيما تبقّى لها من مهلة دستورية الى التوافق، تجنّباً لإدخال نفسها والبلاد في الفراغ المحتّم. وانطلاقاً من المسؤولية التي يتقاسمها الجميع، تقول الأوساط إنّ الحريري قد وافق على اعتماد النسبية بعدما كان في البدء معارضاً لها، كما أنّ كتلة جنبلاط بدأت تقترب من فكرة قانون المختلط، في حال كانت النسبية التي ستُطبّق فيه الى جانب الأكثري، لن تمسّ بوجودها ولا بعدد نوّابها.

في المقابل، فإنّ رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، على ما أشارت الأوساط، والأمين العام لـ «حزب الله» السيّد حسن نصرالله موافقان على النظام المختلط، رغم أنّهما كانا يحبّذان تطبيق النسبية الكاملة بدائرة واحدة أو بدوائر موسّعة (من 13 الى 15 دائرة). كما أنّ الأطراف السياسية الأخرى ستجد نفسها في هذا القانون المختلط تمهيداً لتطبيق النسبية في دورات لاحقة، علماً أنّ الهدف من التأخير في وضع قانون الانتخاب الجديد كان التوافق على القانون الأنسب الذي لا يجري تغييره أو تعديله مع كلّ دورة إنتخابية.

ويعلم الجميع بالتالي أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يجد أنّ النسبية هي المثلى للبنان لأنّها تُسهم في تمثيل المكوّنات السياسية كافة في المجلس النيابي، كلّ بحسب حجمه، ولا تؤدّي الى تهميش أي طرف سياسي له حضوره على الساحة السياسية. إلاّ أنّ ما يهمّه في الوقت نفسه عدم تمرير المهل الدستورية من دون التوافق على أي قانون جديد، إذ من شأن ذلك أن يؤدّي الى الفراغ الذي يرفضه الرئيس جملة وتفصيلاً. وفي حال وافقت الأكثرية على القانون المقترح، فإنّ الرئيس عون سيوقّع عندئذ على مرسوم دعوة الهيئة الناخبة وفق القانون الجديد.

علماً أنّه من حسنات النظام النسبي، على ما تقول المعلومات، أنّه يعمل على زيادة حظوظ ممثلي الأقليّات في الفوز بالانتخاب. كذلك عندما يقترع الناخبون بما يتماشى مع واقع تركيبة مجتمع ما، يمكن لنظام اللائحة النسبية أن يُساهم في إفراز سلطة تشريعية تضمّ ممثّلين عن كلّ مجموعات الأكثرية والأقليات فيه. وذلك كون النظام يهمل كحافز لدى الأحزاب السياسية لتقديم لوائح متوازنة من المرشحين يستطيعون من خلالها التطلّع لدعم أوسع شريحة ممكنة من الناخبين. كما أنّ النظام النسبي يُعطي فرصاً أكبر لحصول المرأة على تمثيل لها في الندوة البرلمانية، من النظام الأكثري، إذ يُمكّن الأحزاب من تضمين لوائحها أسماء لمرشّحات يتمّ التصويت لها من قبل الناخبين.

في حين أنّه من سيئات النظام النسبي هي العلاقة غير الوثيقة بين الممثلين والناخبين. وفي حال استخدام اللوائح المغلقة، لا يملك الناخبون عندئذ أي إمكانية لتحديد هوية ممثليهم، أو دائرتهم، أو منطقتهم أو بلدتهم في البرلمان، ولا يعود بإمكانهم «محاسبة» أو إقصاء أي نائب انتخبوه إذا ما أخفق في تمثيلهم خير تمثيل، ولم يُدافع عن مصالحهم. كذلك فإنّ السلطة تكون في يدّ الأحزاب والقيادات السياسية، لا سيما إذا ما اعتمدت اللوائح المغلقة. علماً أنّه يُسمح للمرشّحين المستقلّين المشاركة في الانتخابات في ظلّ تركيبات مختلفة من النظام النسبي، إلاّ أنّه أمر صعب التطبيق، ويفرض المزيد من التعقيدات لا سيما في ما يتعلّق بالأصوات الضائعة.

وفي حال حصل التوافق على القانون المختلط فإنّ إقراره سيتطلّب بعض الوقت من أجل وضع بنوده والتوافق عليها، ما سيؤجّل حتماً موعد الانتخابات الى أيلول المقبل، على أبعد تقدير، على ما أكّدت الأوساط، على أن يُصار الى نوع من التمديد التقني للانتخاب. فضلاً عن «تمديد» استثنائي آخر لمجلس النوّاب لاشهر قليلة فقط، في حال تطلّب إقرار القانون الجديد بعض الأشهر الإضافية.

من هنا، فإنّ قبول غالبية الأطراف النظام المختلط، الذي يحسبه البعض محاصصة وتوزيع المقاعد على الأحزاب والطوائف والمذاهب، هو أمر واقع في المرحلة الراهنة، إذ لا يُمكن بحسب رأي الاوساط، تطبيق النسبية على أساس لبنان دائرة واحدة في ظلّ الدستور الحالي أي «اتفاق الطائف» الذي يُطالب بتطبيق التساوي بين المسيحيين والمسلمين. فالمادة 24 منه تنصّ على أنّه «الى أن يضع مجلس النوّاب قانون انتخاب خارج القيد الطائفي، توزّع المقاعد النيابية وفقاً للقواعد الآتية: بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين، نسبياً بين طوائف كلّ من الفئتين، ونسبياً بين المناطق.