IMLebanon

نصرالله يقول وينفّذ…

 

على جري عادتها لم تتأخر اسرائيل طويلا قبل الرد على كلام امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله الذي تخطى في سقفه هذه المرة كل الخطوط، علما انه يأتي في ظل تطورات كبيرة شهدتها المنطقة، من الاتفاق النووي الايراني-الغربي وما تركه من آثار على العلاقات الاميركية ـ الاسرائيلية، رغم اصرار الطرفين على فصل الشق السياسي عن مسالة امن اسرائيل الحيوية بالنسبة لاسرائيل، وصولا الى الازمة السورية وما رافقها من دخول وخروج روسي، ونجاح حزب الله اللافت في تخطي المستنقع مراكما خبرات عسكرية وقتالية عالية.

واذا كان ثمة من رأى في الانسحاب الروسي خطوة اولية نحو عودة حزب الله الى الداخل من البوابة الجنوبية، مع اعادة «تفعيل» محركات المقاومة» على طول الحدود من الناقورة الى الجولان مرورا بمزارع شبعا، بعد سلسلة الاغتيالات التي اصابت جسم الحزب «المقاوم» من اغتيال جهاد مغنية الى سمير القنطار، في حرب امنية-عسكرية حافظت على قواعد اللعبة التي رعتها التوازنات الاقليمية والدولية، وهو ما خصص له الامين العام لحزب الله قسما كبيرا من اطلالته الاخيرة، في اعادة تأكيده على الرد غير المنتظر في حال اي «محاولة اسرائيلية مجنونة» لكسر المعادلات عبر ضرب لبنان.

مصادر سياسية متابعة اكدت ان الامين العام للامم المتحدة سيطرح ملف الحدود مع اسرائيل على طاولة المسؤولين اللبنانية من بوابة القرار الـ1701 وتفهمه «لاخلال» لبنان بالتزاماته في ما خص نشر 15000 جندي لبناني، اضطرت قيادة الجيش الى سحبهم نتيجة الضغوط الامنية التي ترزح تحتها البلاد واقتصار العدد على حوالى 2500 جندي، الامر الذي حاولت اسرائيل استغلاله وما زالت في التقارير التي ترفعها الى الامانة العامة.

الا ان اللافت خلال الساعات الماضية، كان التسريب من مصادر اعلامية عن تحليق طائرة «ايوب» تابعة لحزب الله فوق شمال اسرائيل لمدة 14 دقيقة دون ان يتم رصدها، وعودتها الى قاعدتها سالمة، خاصة ان ثمة من عاد بالذاكرة اربع سنوات الى الوراء يوم حلقت طائرة مجهولة من دون طيار فوق مفاعل «ديمونا»، تزامنا مع وصول الامين العام للامم المتحدة الى بيروت وبدأ زيارته من الناقورة في اشارة لافتة الى دور قوات الطوارئ الدولية الحيوي في الحفاظ على الاستقرار عند الخط الازرق، رغم سقف الخطابات الاعلامية المرتفع على طرفي الحدود، والتسريبات الاميركية عن عزم تل ابيب توجيه ضربة للبنان تنتظر تحديد ساعتها الصفر.

«رسالة ايوب» اذا ما صحت، بانتظار تأكيد حزب الله خلال الساعات المقبلة، وضعتها مصادر مطلعة في سياق الرد العملي على الكلام التهديدي الصادر عن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي كرر الإشارة الى قدرة إسرائيل وحزمها ونيتها مطاردة نصرالله واستهدافه، في الوقت الذي واصلت فيه تل ابيب بثّ رسائل التهديد غير المباشرة بالحرب على لبنان، عبر استعراض قدراتها الدفاعية والهجومية للحرب المقبلة.

بنك الأهداف الذي تحدث عنه السيد نصرالله في مقابلته الأخيرة في حال اندلاع حرب يبدأ مع المنشآت الكيميائية في حيفا ومستودعات غاز الأمونيا والتي ستؤدي اصابتها بأي صاروخ الى كارثة بشرية تتسبب بآلاف القتلى والجرحى، كذلك ايضا منصات استخراج الغاز في خليج حيفا، ومنها الى اقصى الجنوب في صحراء النقب مفاعل ديمونا، ومراكز تخزين الرؤؤس النووية ومحطات الكهرباء النووية، يفترض عدم حاجة للحزب لامتلاك السلاح الكيميائي لأن بعض الأهداف الاسرائيلية اذا أصيبت ستعطي النتيجة المدمرة نفسها. فمن يهدد باستهداف اي نقطة في اسرائيل فهذا يعني بحسب مراكز الابحاث الاسرائيلية ان حزب الله يمتلك صواريخ متطورة كفاتح 110 الشديدة الدقة ، التي سينجح ما بين 20 الى 30% اهدافها ذلك ان انظمة الدفاع الصاروخي تستطيع اعتراض 70 الى 80 في المئة بأفضل الاحوال.

تحت هذا العنوان بثت القناة العاشرة العبرية، تقريرا حول الخط الدفاعي الذي باشر الجيش الاسرائيلي بناءه على طول الحدود مع لبنان، والذي بلغ في بعض النقاط الحساسة والخطرة التي قد تشكل منافذ لتسلل عناصر حزب الله الى المستوطنات الاسرائيلية القريبة من الحدود، تسعة امتار، بمتوسط خمسة امتار، ممتدا غربا من بلدة المطلة في أقصى شمال شمال إسرائيل وحتى قرية كفر كيلا اللبنانية، مشيرة الى أن الاشغال بدأت بالفعل في المقاطع القريبة من مستوطنة مسكافعام وعدة نقاط أخرى على الحدود، لافتة الى أن من شان الخط الدفاعي أن يعالج إمكان تسلل حزب الله، إضافة الى تصعيب العمل على نيران القناصة.

مراسل القناة للشؤون العسكرية، أور هيلر، المح الى أن الجيش الاسرائيلي يعمل على استكمال جاهزية خوض «حرب لبنان الثالثة»، وهو يسمع ويدرك جيداً التهديدات الصادرة عن الامين العام لحزب الله، مضيفا أن الاجهزة الاستخبارية المختصة في الجيش تعمل بشكل دائم على تحليل تجربة حزب الله في سوريا والقتال الذي تخوضه وحداته العسكرية هناك، لاستخلاص العبر وملاءمتها مع الاستعدادات والتدريبات التي يجريها الجيش لمواجهة كل السيناريوهات التي قد يلجأ اليها حزب الله في اي حرب مقبلة، وفي مقدمها تسلل مئات من المقاتلين الى إحدى المستوطنات واحتلالها.

وينقل هيلر عن مصادر عسكرية إسرائيلية أن خط السياج والجدار على الحدود اللبنانية يختلف تماماً عن مثيله على الحدود المصرية أو الاردنية، حيث يهدف الى منع عمليات تسلل مهاجرين أو مهربين، فيما السياج والجدار مع لبنان فهما جزء من استعداد الجيش للحرب المقبلة، ولهذا السبب تعمل وحدات الهندسة على تغيير الطابع الطوبوغرافي للمنطقة الحدودية، عبر جرف الاراضي وتحويلها الى جروف شاهقة، يصعب على حزب الله تجاوزها.

في اسرائيل يتعاملون بشكل عام بمنتهى الجدية مع تهديدات حزب الله، مكثفين من تهديداتهم له وللبنان مع حرص في كل مرة على التأكيد ان اياً من الطرفين لا يريد المواجهة العسكرية، غير انه عندما يصل التهديد الى المفاعل النووي في اسرائيل فالحسابات وقواعد اللعب مع الطرف الاخر، تبدو مختلفة وهذا ما لوحظ في تل ابيب في اعقاب تهديدات الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله حول استهداف المرافق الحيوية والاستراتيجية في الحرب المقبلة.

فكلام نصر الله كلام رادع لاي حرب اسرائيلية خصوصا بعد الحديث عن امكان شن حرب سريعة ضد الحزب مستفيدة من المواقف العربية الاخيرة وتعقيدات الواقع اللبناني من جهة ثانية .