IMLebanon

خطاب نصرالله: رسائل داخليّة وخارجيّة واعتراض 14 آذار تأكيد على الرهانات نفسها

شكل الخطاب الذي القاه الامين العام لحزب الله مساء يوم الاحد في عيد المقاومة والتحرير محطة استثنائية لما تضمنه من رؤية شاملة ومتكاملة ليس على الصعيد اللبناني فحسب انما على الصعيد الاقليمي تقول مصادر في 8 آذار، وما تواجهه المنـطقة من ظروف دقيقة وحساسة انطلاقا من هجمة الارهاب بكل تسمياته، الى الخطر الاسرائيلي المستمر على القضية الفلسطينية، وصولاً الى ما يعيشه الواقع العربي من تشظ وحروب في غير ساحة، على خلفية ما انتجه «الخريف العربي».

بداية، لقد بدا السيد نصرالله في خطـابه مطمـئناً الى قدرة قوى المقاومة والممانعة على اسقاط وهزيمة التحالف الاميركي – الخليجي – الارهابي الذي يريد من خلال «تمدد» خلافة البغدادي، ودعم دويلته بالسلاح والمال، ادخال المنطقة العربية في حروب تمتد لعشرات السنين لكي يتمكن هذا التحالف من ابقاء هيمنته على الشعوب العربية لسرقة ثرواتها وتاريخها ومستقبلها. ولهذا تقــول المصادر ان أهم ما تضـمنه خطاب نصرالله جملة ثوابت وتأكيدات هي الآتية:

– أولاً: لا تراجع ولا مساومة في كل ما يتعلق بالسيادة الوطنية على كل حبة من ترابه من الجنوب الى البقاع وكل المناطق اللبنانية، ولذلك كان واضحا في قضية تحرير جرود عرسال المحتلة من قبل المجموعات التكفيرية.

ثانياً: ابدى الثقة التامة بقدرة المقاومة وما تمثله من حتضان شعبي واسع بأنها قادرة على هزيمة التكفيريين وعدم السماح لهم بالتسلل الى اي منطقة، وهو بالتالي كان واضحا بقدرة حزب الله على تعبئة عشرات آلاف المقاتلين في حال كان هناك حاجة لهذه التعبئة.

ثالثاً: اعطى ضمانات لكل الاطراف السياسية الداخلية بدءا من الخصوم السياسيين بأن هزيمة التكفيريين لا تعني الاستقواء على الآخرين، او استثمار هذا الانتصار في الملفات الداخلية.

– رابعاً: اعاد الثقة ليس فقط الى جمهور المقاومة والحلفاء السياسيين بل الى كل اللبنانيين بمختلف انتماءاتهم الطائفية والسياسية، من ان لا خوف على لبنان من خطر التكفيريين، وهو بذلك ازال مكامن القلق التي استشعرها اكثرية اللبنانيين في الايام الماضية، بعد ان جرى تسريب مواقف عن السيد نصرالله نفسه من انه ينوي الدعوة للتعبئة العامة.

– خامساً: وضع الدولة وكل القوــى السياسية امام مسؤولية اتخاذ القــرار اليساسي لتغطــية ضرورة قيام الجيش بتطهــير جرود عرسال من الارهابيين بما يؤدي الى إخراج بلدة عرسال من «بازار» المساومات الذي تهدد به المجموعات المتطرفة بعد هزيمتها في جرود القلمون، وهو بالتالي وجه رســالة واضحــة الى كل المعنـيين بأن عدم حسم الامور مع الارهابــيين هناك سيضـطر ابناء بعلبك – الهرمل، وقواها الســياسية الى اتخاذ القرار لتطهير الجرود وبلدة عرسال.

اما خارجياً، فكانت كلمة السيد نصرالله مليئة بالرسائل والتأكيدات التي على النظام العربي ان يدركها بحسب المصادر، وهي:

1 – ان محور الممانعة والمقاومة على امتداد المنطقة اصبح اقوى من في اي وقــت مـضى، وإن من لا يزال يراهن على تحقيق انتصار في مواجهة هذا المحور هو واهمْ، فلدى دول واطراف هذا التـحالف الكثير من اوراق القوة التي لم يستخدمها حتى الآن.

2 – لقد وجه السيد نصرالله رسائل الى كل المعنيين بالازمة السورية ان محور الممانعة بدءاً من حزب الله لن يسمح بتعريض الدولة السورية للسقوط او تكرار ما حصل في دول اخرى، وكان تأكيد الامين العام لحزب الله، ان الحزب سيكون في كل موقع يجب ان يكون فيه في سوريا، وانه قادر على تعبئة عشرات الآلاف من المقاتلين تعبيراً واضحاً لكل تحالف الارهاب ومن يدعمه غربياً وخليجياً وان موضوع اسقاط سوريا اصبح من الماضي، مهما قدم من تمويل من مال وسلاح للارهابيين.

3 – دق ناقوس الخطر امام الانظمة الداعمة للارهاب بدءا من السعودية. ان هذه الدول لن تبقى بعيدة عن خطر الارهاب وامتداداته، اذا لم تغـير هذه الدول من سياساتها ومراهناتها على هذا الارهاب.

4 – لقد طمأن نصرالله كل المعنيين بالصراع مع العدو الاسرائيلي ان المعركة في مواجهة الارهاب لم ولن تعطل قوة الردع الذي تمثله المقاومة في مواجهة اطماع اسرائيل وعدوانيتها وهو بالتالي اكد بما لا يقبل التأويل القدرة على مواجهة هذا العدو ومعه الارهاب في آن واحد.

يبقى سؤال اخير، لماذا اثار كلام السيد نصرالله اعتراضات داخل فريق 14 آذار، وخاصة من جانب رئيس تيار المستقبل سعد الحريري،مع ان الامين العام لحزب الله كان حريصا على طمأنة الجميع بتحذيره من ان الارهاب لن يستثني احدا اذا تمدد نحو لبنان؟

تقول المصادر ان هذا الاعتراض مرده الى الآتي:

– المسألة الاولى: ان فريق 14 آذار بدءا من تيار المستقبل لم يغير في رهاناته الداخلية والخارجية. وهو بالتالي يكشف عن الوجه السيء لهذه الرهانات من حيث تفضيله انتصار التكفيريين على انتصار المقاومة وسوريا في هذه المعركة.

– المسألة الثانية: ان هذا افريق لا يرى في تمدد «داعش» وسيطرته على اكثر من نصف العراق وسوريا تهديداً للكيان اللبناني بكل خصائصه، وبالتالي اين يصرف الحرص على الدولة ومؤسساتها، اذا بلغ التهديد الارهابي لبنان ومكوناته؟