IMLebanon

الفرد نوار .. و«الشرق»  

 

الصحافي لا يتقاعد .. والصحافة لا تموت.

مناسبة هذا القول أن زميلنا الاستاذ المخضرم الفرد نوار قرر الاستراحة من مهنة التعب والمتاعب في وقت تعيش الصحافة الورقية أزمة عالمية.

الفرد أمضى أكثر من من نصف قرن، نصفها في جريدة الشرق، في خضم الاحداث، يواكبها يوميا بمقالاته وتعليقاته، عدا عن ادارة «مطبخ» التحرير. فتولى مواقع هامة في عدد من المنشورات والمطبوعات اللبنانية البارزة، كما كتب في كبريات الصحف العربية. وهو اذ يغادر عرينه بارادته، لا يستسلم لمرض أعياه ، ولا لظروف مادية أضنته، وانما ينتقل الى استراحة طويلة يستحقها، مطمئنا الى ما خلّفه من ارث. هو لا يتقاعد، فعمله ليس مهنة .. بل حياة. والصحافي يبقى كذلك حتى آخر رمق، باحثا عن الخبر، مداعبا الفكرة ، ومطوعا الكلمة .

أما أزمة الصحافة فيمكن الكلام كثيرا عنها، في شرح مسبباتها المادية والسياسية والاجتماعية الى آخره .. الا أن كل ما كتب، يتجاهل أمرا اساسيا : انها ازمة مؤسسات وأفراد وليست ازمة قطاع، وهي ليست أزمة مهنة هي بمثابة العصب لاي حياة سياسية واقتصادية واجتماعية …

جريدة «الشرق» المستمرة في الصدور منذ العام 1926 خير مثال على ارادة الاستمرار في خدمة القارىء مهما كانت الظروف.

هذه الجريدة انطلقت في عهد الانتداب الفرنسي وتجاوزته، وعايشت مرحلة التحرر الوطني والمد القومي العربي وواكبته، وخاضت الصراع العربي الاسرائيلي وشكلت رأس حربة اعلامية فيه، وآمنت بالسلام العادل والشامل الذي يضمن الحق الفلسطيني والعربي عاجلا أو آجلا ، كما عاصرت كل الانقلابات السياسية والعسكرية في الدول العربية، وكل الحروب التي تعرضت لها الامة العربية والاسلامية، في الداخل ومن الخارج، وأخيرا، فانها آمنت بربيع عربي بشّر ببزوغ فجر .. تأخر بزوغه .

«الشرق» ليست مجرد صحيفة بل هي تاريخ وحياة . ومن نافل القول أن لا التاريخ يتوقف ولا الحياة تنقطع.

لذلك نستمر .

الفرد نوار يكفيك فخرا أن جهدك الجسدي والفكري لم يذهب سدى، فقد صنعت في أسرتك الصغيرة ثلاثة رجال ناجحين متميزين، وربيت داخل الاسرة الصحافية الكبيرة أجيالا من المحررين المتمرسين.

منهم جميعا لك تحية حب ووفاء.