IMLebanon

تحييد لبنان يُنهي الصراعات على السلطة وأزماتها المتعاقبة

بات لدى كثير من اللبنانيين وقادتهم اقتناع بأنه لم يعد في الامكان حكم لبنان بالطريقة التي يحكم بها الآن، لأنها طريقة لم تعد تؤمن الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي الدائم والثابت. لقد حكم لبنان في الماضي بآلية النظام الديموقراطي الذي كانت الاكثرية بموجبه تحكم والاقلية تعارض، الى ان تصبح الاقلية اكثرية في انتخابات نيابية حرة ونزيهة فتحكم. واذا كان لبنان قد نجح في تطبيق الديموقراطية العددية او الاكثرية فلأن الاحزاب كانت احزابا وطنية والخلافات بينها سياسية وليست مذهبية، بحيث كان في الامكان تمثيل كل مذهب بشخصيات من وزن واحد ولم يكن كما هو اليوم حكراً على شخصيات يسميها هذا الحزب او ذاك او هذا التكتل او ذاك ويرفض القبول بسواها لأن التعددية داخل معظم المذاهب باتت معدومة او شبه معدومة.

لذلك بات على الزعماء في لبنان ان يختاروا آلية حكم جديدة تضمن له الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، فإما يعود الى النظام الديموقراطي كما كان في السابق، وهذا يتطلب قيام احزاب وطنية، واما بعودة التعددية الى داخل كل مذهب كي يستطيع رئيس الحكومة اختيار من يمثل المذهب من بين شخصيات عدة مع مراعاة الوزن وليس التوازن فقط، ولا يبقى اختيارها كما هي اليوم حكرا على حزب او تكتل، واما اختيار بدعة “الديموقراطية التوافقية” مع انها اثبتت فشلها، وقد فرضت الطائفية المستشرية هذه الديموقراطية التي تجعل انتخاب رئيس الجمهورية بالتوافق والا ظلت البلاد بلا رئيس والى أجل غير معروف، وتشكيل الحكومة يتم ايضا بالتوافق والا استمرت ازمة تشكيلها الى أجل غير معروف، ونتائج الانتخابات النيابية تصبح غير ذي اهمية عندما يتساوى الرابح فيها بالخاسر عند تشكيل الحكومات اذ يتمثل كل منهما فيها بحسب حجمه.

واذا كانت العودة الى النظام الديموقراطي متعذرة في ظل الطائفية، وكان لا بد من تطبيق “الديموقراطية التوافقية” وهي تشكل في الواقع شبه فيديرالية طوائف، فان الانتخابات الرئاسية وتشكيل الحكومات يتعرضان لأزمات قد تطول وتفتح على البلاد ابواب الفراغ. وثمة من يرى في تحييد لبنان عن صراعات المحاور الحل المناسب للجميع سواء تحرر لبنان من الطائفية او لم يتحرر منها، لأن التحييد يصب في مصلحة اللبنانيين على اختلاف اتجاهاتهم ومشاربهم ومذاهبهم ويجعلهم يطمئنون الى حاضرهم ومستقبلهم ولاسيما منهم المسيحيين، ولا يبقى لبنان بانحيازه الى هذا المحور او ذاك ساحة لصراع الآخرين على ارضه.

ثم ان تحييد لبنان ينهي من جهة اخرى الصراع على السلطة سواء كان سياسياً او مذهبياً، ويصير في الامكان اختيار الاصلح والأكفأ والأقدر للرئاسات الثلاث الى اي حزب او مذهب انتمى وكخطوة اولى على طريق الغاء الطائفية السياسية، لا ان تبقى حصراً بالطوائف الثلاث الكبرى كما هي حالياً. وثمة من يقترح اللامركزية الواسعة حلاً وسطاً.

الرئيس الجديد لحزب الكتائب سامي الجميّل قال في حوار تلفزيوني ان الوقت حان للبحث عن آلية جديدة لادارة التنوع في لبنان خصوصاً في ظل ما يجري في المنطقة والاوضاع فيها ذاهبة الى تغيير كبير جداً، ومن غير المقبول أن يكون لبنان معطلاً ولا يذهب نحو تغيير يتعلق باعادة النظر في طريقة ادارته. ورأى انه في ظل الانقسام حول المحاور الاقليمية يجب الحفاظ على لبنان النموذج بانقاذ ما تبقى من وحدة حال بين اللبنانيين وذلك بأن يقتنع الجميع بأن أحداً لا يستطيع أن يحكم لبنان وحده.

أما الوزير السابق ميشال إده فيرى ان الحفاظ على النظام الطائفي النموذجي يكون بتغيير الممارسة السياسية السيئة والمشوهة له. فلبنان هو البلد العربي الوحيد الذي لا ينص دستوره على دين رئيس الدولة، وهذا سر تمسك لبنانييه، مسيحيين ومسلمين، به وسر صمود لبنان بنظامه القائم على التمثيل السياسي للعائلات الروحية. ويرى ايضاً ان كل المجتمعات اصبحت تعددية، فيها أقلية مسلمة أو أقلية مسيحية، وان النظام الديموقراطي الأكثري في المجتمعات غير المتجانسة دينياً لا يعترف فعلاً بالآخر ولا يقيم وزناً له. ففي البلدان التي تضم جاليات مسلمة فقدت التجانس ولم تتمكن من ايجاد حل لاندماج المهاجرين المسلمين في مجتمعاتها.

أما العماد ميشال عون فقد فاجأ الساحة السياسية برمي قنبلة قديمة الصنع فيها هي اعتماد “الفيديرالية” نظاماً للبنان عله يستطيع أن يكون رئيساً ولو على ولاية أو إقليم فيها… بعدما فقد الأمل في أن يكون رئيساً لكل لبنان.