IMLebanon

(فيلم لبناني جديد)

 

على مدى الأيام الماضية، انشغل القضاء اللبناني مجدداً بقضية اختفاء الإمام موسى الصدر. ظهر شاهد جديد في القضية هو هنيبعل معمر القذافي. وأورد بعض الصحف اللبنانية، أن هذه هي المرة الأولى منذ 37 عاماً التي يقرّ أحد أفراد عائلة معمر القذافي بواقعة خطف موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين، ومسؤولية النظام الليبي السابق عن الجريمة. وبالغ بعضهم إلى حد القول: اتضح من التحقيق أن مصير الصدر ورفيقيه غير محسوم حتى الآن. لهذا، تحوَّل هنيبعل القذافي من شاهد إلى مدّعى عليه، وصدرت في حقه مذكرة توقيف بجرم إخفاء معلومات، ومحاولة تضليل العدالة في ملف الإمام الصدر ورفيقيه.

القول أن شهادة هنيبعل هي الأولى التي تثبت تورط نظام القذافي بخطف موسى الصدر، غير دقيق، وخلال الأشهر التي تلت سقوط النظام الليبي أقر بعض المسؤولين الليبيين في أحاديث تلفزيونية بمسؤولية النظام عن الجريمة. والأهم أن هنيبعل كان عمره ثلاث سنوات حين حصلت عملية الخطف عام 1978، وهو مولود في 20 أيلول (سبتمبر) 1975. لذلك، فإن عملية خطفه في الأراضي السورية، ونقله إلى لبنان، بمساعدة أجهزة استخبارات، وتصوير لحظة دخوله إلى قصر العدل في بيروت، بحماية الأجهزة الأمنية اللبنانية، كأنه مجرم خطير، ومسؤول مباشر عن خطف الصدر، كانت ملهاة تثير الحزن والدهشة، فضلاً عن أن سرد بعض الصحافة اللبنانية مجريات خطف هنيبعل والتحقيق، يُشعرك بأن المقبوض عليه هو أسامة بن لادن، وليس الشاب المتهوّر هنيبعل.

لا أحد يستطيع أن يلوم عائلة الصدر ومحبيه، بالتمسُّك بأي بارقة أمل تلوح، لكن القول أن استجواب هنيبعل، فتح باب الأمل بأن تصفية الإمام الصدر ورفيقيه غير أكيدة حتى الآن، و «لا يستبعد أن يكون الثلاثة أحياء»، فهذا قمة الميلودراما السياسية.

منذ ظهر هنيبعل القذافي على مسرح الحياة الليبية، ارتبط اسمه بقصص لا علاقة لها بالسياسة. كان شاباً مترفاً، وأشغل العالم بمغامراته التي تشبه بعض مغامرات نجوم هوليوود. لم يكن له دور، ولا قيمة سياسية، لهذا فإن استدراجه إلى سورية وخطفه، وتعذيبه، بحجة تورُّطه بخطف الإمام الصدر، مسرحية غير موفّقة لإرضاء أسرة الصدر ومحبيه، فضلاً عن أن معاودة فتح ملف اختفاء الصدر ورفيقيه، بين فترة وأخرى، تذكّرنا بقصة الأسرى الكويتيين الذين خطفهم نظام صدام. فعلى رغم أن من كان يتبنّاها يعرف يقيناً أن النظام قام بتصفيتهم، إلا أنه ظل يتاجر بهم، حتى سقوط النظام العراقي، وكُشِفت الحقيقة القديمة المفجعة. اليوم، لا ندري مَن الذي يستحق الشفقة؟ هل هو هنيبعل، الذي لا ناقة له ولا جمل في القضية، أم الذين عاودوا تكرار فيلم اعتقال أحمد الأسير، ولكن ببطولة ليبية هذه المرة؟