IMLebanon

العهد الجديد والإغتراب اللبناني

يملك الإغتراب اللبناني الإمكانية لأن يكون قوة فاعلة في عهد الرئيس ميشال عون لوضع لبنان على الطريق المستقيم، سواءٌ على الصعيد الدولي، الإداري، الإقتصادي، والمعلوماتي.

نصيحتي للعهد الجديد بأن يتمّ إشراك القوة الإغترابية في كلّ مفاصل الدولة لتحقيق الإصلاح والتغيير الذي يراود أفكار الرئيس عون والمخلصين، لنقل لبنان إلى مستوى البلاد المُتقدّمة في العالم.

إصلاحٌ يتطلّب ورشة عمل ضخمة تطاول المؤسسات اللبنانية الدستورية، مروراً بالأمن والإقتصاد، وفي ما يلي أبرز الاقتراحات:

على صعيد مجلس النواب: إنجاز قانون إنتخابي عصري وفق النظام الأكثري، يكون قوامه «الدائرة الإنتخابية الفردية»، وتنفيذ اتفاق الطائف بحيث يكون عدد النواب ١٠٨، مناصفة بين المسيحيين والمسلمين (٥٤ لكلّ منهما) مع مراعاة التوزيع الديني القائم حالياً بحسب الدستور.

وبذلك، نستحدث «مجلسَ ظلّ» يتألّف من المرشحين المنافسين الردفاء في الدوائر الـ ١٠٨، لمراقبة النواب وتذكيرهم بتعهداتهم وبرامجهم ووعدهم لناخبيهم. هذا من شأنه أن يُحسّن فرص إختيار الممثلين الأفضل في الانتخابات النيابية المقبلة. كما أنّه يمهّد الطريق لتشكيل حياة سياسية منتظمة على أساس حزبين أو كتلتين عابرتين للطوائف والمناطق والإقطاع.

وطالما أنّ التوزيع الطائفي الموجود حالياً في مجلس النواب، هو نسبي فلا حاجة لإدخال نسبية من نوع آخر في القانون الجديد.

كذلك، يُفترض إلغاء فكرة انشاء مجلس الشيوخ لأنّه يكرّس الطائفية أكثر ممّا هو عليه الوضع القائم.

على صعيد رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء: ينبغي إعادة صلاحيات رئيس الجمهورية اللبنانية، بحيث يكون في لبنان رئيس واحد وقوي للبلاد. وفي مجلس الوزراء ينبغي تعيين جميع الوزراء ممَّن هم خارج المجلس النيابي، بمَن فيهم رئيس الوزراء.

هذا فضلاً عن ضرورة إلغاء منصب وزراء الدولة وإتباع إصلاح وعرف جديد لعدم التوزير على أساس التوزيع الطائفي ومحاباة المناصرين السياسيين بإعطائهم مقعداً في السلطة التنفيذية.

أمّا في القضاء، لماذا لا يتمّ إجراء تعديل دستوري، بحيث ننشئ «مجلساً اعلى» يكون بمثابة رأس السلطة القضائية ينتخبه القضاة دورياً، ومن ثمّ إنشاء «محكمة عليا واحدة» لمختلف القضايا بما فيها القضايا السياسية الكبرى، بدلاً من وجود هيئات متعددة ذات توجّهات متضارِبة تفسح المجال أمام المحاباة والإرباك في عمل هذه الهيئات.

مبدأ «دستورية القوانين» يجب ان يُكرَّس، بما يمنع المحاكم عن تطبيق القوانين المخالفة للدستور، ومبدأ «ثبات القاضي» في مركزه فلا مناقلات ولا مراجعات. ولندخل الى المحاكمات «نظام المحلفين» تخفيفاً عن المحاكم وتسريعاً للمحاكمات.

جميع المواطنين يجب أن يكونوا متساوين، والاحكام يجب أن تصدر من دون تفريق ومحاباة. تعيين القضاة على اساس الانتماء السياسي يجب أن يتوقف، وعلى القاضي إبقاء سجلّات احكامه مفتوحة للعلن، تعزيزاً للشفافية ولروح المسؤولية، كما هو واقع الحال في الولايات المتحدة.

كما في الدول المتحضّرة إلغاء المحاكم العسكرية وحصر المحاكمات بالقضاء المدني.

في الشق الأمني، لا بدّ من ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا وبين لبنان وإسرائيل، وعدم ادّخار أيّ جهد لإعادة المهجّرين السوريين إلى بلادهم من دون استثناء، فضلاً عن إقفال كلّ المعابر غير الشرعية بين لبنان وسوريا وحصر الدخول والخروج براً من لبنان عبر معبر المصنع.

أمّا المخيّمات الفلسطينية فيجب إزالتها، وينبغي على المسؤولين اللبنانيين والفلسطينيين والمجتمع الدولي أن يعالجوا على وجه السرعة قضية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. الحلّ الوحيد لهذه المشكلة المستمرة منذ 60 عاماً ونيف هو إصدار قرار عن مجلس الأمن في الأمم المتحدة بنقل الفلسطينيين من لبنان بطريقة قانونية وإنسانية الى بلاد تمتلك إمكانية استيعاب وجودهم فيها حول العالم، بموافقة السلطتين اللبنانية والفلسطينية.

فهناك على سبيل المثال لا الحصر، حكومات تتبع سياسات محفّزة للهجرة الى أراضيها مثل تشيلي والأرجنتين وكندا وأوستراليا وباراغواي والولايات المتحدة وفنزويلا، حيث في امكانهم أن يعيشوا حياة منتجة مع امكانية انداماج حقيقي، فيصبحوا قوة إقتصادية لدولة فلسطين الجديدة، إلى حين تحقيق العودة الى الاراضي الفلسطينية عند الحل النهائي للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.

وفي لبنان، ينبغي عدم اغفال متابعة تنفيذ كل القرارات الدولية الداعمة للسيادة اللبنانية وخصوصاً قرارات مجلس الأمن ١٦٨٠، ١٥٥٩، و١٧٠١.

بالإنتقال الى الإقتصاد، ينبغي اجراء تغييرات لنقل لبنان الى عصر جديد، يضمن تحقيق الازدهار الاقتصادي لجميع اللبنانيين. إنّ القوة الاقتصادية الوحيدة التي كانت، وهي اليوم، وسوف تبقى الى جانبكم هي قوة الاغتراب اللبناني. فمن أجل خفض قيمة الدين الوطني العام الى الحدّ الأدنى، ووضع الإقتصاد اللبناني على السكة الصحيحة، يتعيّن على الحكومة اللبنانية شدّ الأحزمة فوراً بتطبيق الإصلاحات الاقتصادية التالية في كلّ مؤسسات الدولة: وقف أسلوب التعاقد على اساس المصلحة السياسية والمحاباة بدلاً من الحاجات والكفاءات، تحديد عدد الوزراء بعدد الوزارات القائمة، وقف دفع الرواتب لمدى العمر للنواب المنتخبين لأكثر من مرة واحدة، تحسين نوعية العمل في كلّ وزارة من الوزارات، ووقف المنافع الأخرى والمصاريف العامة المرتفعة، تنظيم أعمال تصدير البضائع الى الخارج لكي يستفيد العاملون في الزراعة والصانعة والتجارة مباشرة، وإزالة جميع الصناديق والمجالس التي استُحدثت طائفياً لجمعها في وزارة واحدة كوزارة التصميم.

هذه عيّنة صغيرة من الإصلاحات الجذرية التي يحتاج إليها لبنان والقابلة للتطبيق في وقت مقبول نسبياً.

وعلى العهد الجديد ضمن الإمكانات الحالية إعادة مكانة لبنان وهيبته ضمن الأسرة الدولية. منذ أيام الفينيقيين وايام حكم المعنيين والشهابيين لجبل لبنان وحتى أيامنا هذه، كانت هناك على الدوام علاقة رائعة بين الاغتراب اللبناني ولبنان.

على مرّ التاريخ، هاجر هؤلاء لبنان جسدياً، لكنّهم لم يتخلّوا عنه أبداً في قلبهم ووجدانهم، ولم يسمحوا أبداً للمجتمع الدولي بأن يتركه للذئاب، فعملوا دائماً ليستعيد لبنان ديموقراطيته الحقة واستقلاله الحقيقي. وبمساعدة العهد الجديد مُجسَّداً بالرئيس ميشال عون سوف ينتصر لبنان مرة اخرى ومن جديد، وسيبقى لبنان لبنانياً على الدوام، ومنارة الشرق.

* ديبلوماسي أميركي سابق