IMLebanon

نهاد المشنوق  أنت أكبر منهم

حسناً، ما المشكلة إذا أراد أحدٌ أن يبيع بيتاً يملكه؟

وما المشكلة إذا أراد أحدٌ أن يشتري بيتاً؟

هل يُعقَل أنه حتى هذه الحركة العقارية أصبحت فضيحةً بالنسبة إلى البعض اللاهثين إلى دورٍ ما.

حسناً، ما المشكلة إذا أراد أحدٌ أن يواجه ظروف الدهر ببيعِ منزل يقيه سعرُه من العيش الكريم؟

كم من عائلة باعت منزلاً تملكه لتُعلِّم أبناءها؟

كم من عائلة باعت منزلاً لم يعد بإمكانها الوصول إليه بسبب الظروف التي مرّ بها لبنان؟

كم من عائلة باعت منزلها في الجبل أو البقاع أو الشمال أو الجنوب لأنه كان يتعذَّر عليها الوصول إليه؟

فأين الجريمة في ذلك؟

هل وصل التدخل بشؤون الناس الخاصة حدَّ ملاحقتهم إذا ما باعوا بيتاً أو اشتروا بيتاً؟

***

وزير الداخلية نهاد الشنوق واحدٌ من الناس الذي كان يملك بيتاً في ضهور الشوير، في مطلع القرن الحادي والعشرين، فتمَّ تركيب ملفٍّ أمنيله، وأُمهل ساعات لمغادرة البلد. كان القصد من ذلك الأهداف التالية:

تشويه سمعته وإلصاق تهم به غير موجودة بل مفبركة.

إبعاده عن الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

تجرَّع سُمَّ التلفيق وغادر لبنان، وكانت ممنوعة عليه العودة إليه.

من فرنسا كان نهاد المشنوق يتتبَّع حركة الإمعان في إحباطه، لم يرضخ ولو كان ذلك على حسابه. أدرك أنَّ المرحلة طويلة وأن العيش في باريس له كلفته العالية. بدأ ببيع ما يملك، فكان أن باع منزله في ضهور الشوير بأبخس الأسعار، إذ اليوم يساوي منزلة ثلاثة أضعاف إن لم يكن أكثر. وأيُّ جريمةٍ إرتكبها! لقد باع منزلاً يملكه. نام المتضرِّرون من نهاد المشنوق على القصة، فالرجل في باريس واعتقدوا بأنَّه في موتٍ سياسي ولا لزوم لضربه مجدداً، فمرَّ بيع المنزل مثله مثل أيِّ بيعٍ عادي.

***

بعد أكثر من عقدٍ، عاد نهاد المشنوق إلى لبنان حراً طليقاً مستقلاً، وللمفارقة صار هو على رأس الوزارة السيادية التي تتبع لها الأجهزة الأمنية، من أمن عام وقوى أمن وغيرها، فمجلس الأمن المركزي ينعقد برئاسته، وقد حقَّق نهاد المشنوق في وزارته وعهده فيها ما عجز سابقون من أمنيين ووزراء على تحقيقه:

أنهى إمارة سجن روميه، ومَن كان يتجرَّأ على ذلك.

غطَّى التوقيفات في طرابلس وتوقيف أحمد الأسير وغيره.

غطَّى تطبيق الخطة الأمنية بالشمال والبقاع.

لم يستطيعوا أن ينالوا منه في حاضره فبدأوا ينبشون الماضي المفبرك.

***

نهاد المنشوق لا تتلفَّت إليهم، أنت تعرف كم من حاسد اصبحوا في النسيان يملكون الملف، وزودوا أناساً أرادوا أن يسجلوا حراكاً باء بالفشل لأن الحراك، أيُّ حراك، لا يبنى على قطع أرزاق المواطنين، وإقفال متاجرهم وأبواب رزقهم إلا من عنده نزعة فاشستية سقطت في العالم أجمع، لكنهم لا يجرؤون بالوقت ذاته على كشف الملف كله لأن فيه شيكات تدينهم أو على الأقل تدين أولياء نعمتهم الذين أصبحوا في ذمة الله.