IMLebanon

لا أرانب في السياسة…  بل أرانب مشوية على موائد الحكم!

لا أرانب في السياسة إلاّ اذا تحوّلت الساحة الى سيرك يبهر الجمهور بنجومه من أصحاب ألعاب الخفّة والخداع البصري، ومروّضي الحيوانات الأليفة! وموضوع قانون الانتخاب يرتفع بذاته الى مستوى القضية الوطنية المصيرية ولا يجوز النظر اليه بعين الخفّة والاستهانة، وكأنه مجرد أرنب يخرج من قبعة أو كِمّ ساحر محترف بألعاب الخفّة والخداع. غير أن وصول الأمر الى هذه الدرجة من الاستخفاف يعود الى اصرار الجماعة السياسية حتى الآن، على عدم الفصل بين المناورة السياسية، والعمل الوطني المستقل والموضوعي، في التعاطي مع قانون الانتخاب…

المفارقة المدهشة هي أن واقع ما يجري اليوم على الساحة السياسية من ارتباك وتخبّط، والدوران في حلقات مفرغة في موضوع قانون الانتخاب وغيره من القضايا السياسية، هو صورة مناقضة تماما لما كان في التصور والأذهان في اليوم التالي لنهاية الشغور الرئاسي وبزوغ العهد الجديد. وكان في الظنّ والأمل أن الأمور ستجري بانسياب أفضل، وان يقلع السياسيون عن ألاعيبهم، وان يفتحوا صفحة جديدة مع بداية عهد جديد.

لا يقتصر الأمر على الشأن السياسي التقليدي وهذا أمر مفهوم، ولكنه تجاوز ذلك الى القضايا المعيشية والفئات المسحوقة التي انتظرت طويلا عهدا يوليها بعض الاهتمام والرعاية. وما يحدث اليوم هو النقيض تماما، ويدعو الى القلق الشديد من أخبار هي بمثابة نذير شؤم، مثل الحديث عن احتمال افلاس الضمان الاجتماعي الذي يرعى منظومة واسعة من الفئات الشعبية. بل ان الوزارات المحسوبة على العهد هي التي تنكل بالفئات الضعيفة مثل تنكّر وزارة الطاقة لحقوق المياومين، ومثل اقدام وزارة الشؤون الاجتماعية على صرف المتعاقدين دون سابق انذار بذريعة واهية…

الأمل كبير بأن تكون هذه الحالة عارضة وموقتة، وتنتهي مع انتهاء مهلة الشهر، باقرار قانون انتخاب جديد وجامع على قاعدتي العدل والانصاف، ومنبثق من رحم الدستور، لينصرف الجميع في مؤسسات الدولة بعد ذلك الى الأهم، وهو الاهتمام بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وفي المقدمة الفئات المحرومة التي دأبت العهود السابقة على تجاهلها وتهميشها، على قاعدة: من معه يعطى ويزاد، ومن ليس معه يؤخذ منه!.. وكأن هذه الفئات المحرومة هي الأرانب المشوية على موائد الحكم!