IMLebanon

لا فراغ.. و«النسبيّة» قابلة للنفاذ

توحي المواقف الماثلة أنّ ملفّ قانون الانتخاب والاستحقاق النيابي برُمَّته قد دخلَ مرحلة التصفيات النهائية، نتيجة عامل الوقت الذي بدأ يضغط بقوّة مع اقتراب موعد انتهاء الولاية النيابية في 20 حزيران المقبل، وقبله 31 أيار الجاري موعد انتهاء العقد التشريعي الأوّل للمجلس النيابي، حيث عندها لا يعود في إمكان المجلس الانعقاد في الأيام العشرين المتبقّية من ولايته إلّا إذا فتِحت له دورة تشريع استثنائية.

مَن راقبَ المواقف التي صَدرت خلال اليومين الماضيَين عن رئيس مجلس النواب نبيه بري والأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله وكتلة «المستقبل» والوزير جبران باسيل وكذلك عن رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط وآخَرين، يجد أنّها أجمعَت كلّها على وجوب الاتفاق على قانون انتخاب يكون بمثابة تسوية، بل إنّ البعض تحدَّث بـ»ثقة» جازماً بأنّ هذا الاتفاق حاصل حتماً قبل نهاية الولاية النيابية.

وهناك خيارات عدة، يقول قطب سياسي، إنّها ما تزال مطروحة للوصول إلى قانون انتخاب في هذه العجالة لتجنّب أيّ فراغ نيابي وما يمكن أن تكون له من مضاعفات على مستقبل الأوضاع السياسية والعامة في البلاد.

وأبرز هذه الخيارات مشروع القانون القائم على النسبية الكاملة، حيث إنّ جميع الأفرقاء، من رئيس مجلس النواب نبيه بري وحركة أمل إلى «حزب الله»، ورئيس الحكومة سعد الحريري والقوى المسيحية التي اجتمعت في بكركي وأيَّدت النسبية الكاملة على أساس تقسيم لبنان إلى 15 دائرة، وكذلك بقيّة الأفرقاء والتيارات السياسية، حيث راوَحت الطروحات لتقسيم الدوائر على أساس النسبية وتدرَّجَت من لبنان الدائرة الواحدة التي لم يَقبلها الجميع، إلى المحافظات دوائر، وصولاً إلى مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي النسبي الذي يقسم لبنان إلى 13 دائرة مع إمكانية تعديل هذا الرقم ليصبح 15 دائرة تلبيةً لمطالب بعض القوى السياسية.

ولذلك، تتركّز الاتصالات علناً وبعيداً من الأضواء على إمكان الاتفاق على القانون النسبي، خصوصاً أنّ التباين في شأنه ينحصر فقط في عدد الدوائر بزيادة دائرة من هنا وتعديل أُخرى من هناك، فضلاً عن بعض تفاصيلها التقنية، فإذا حصَل اتّفاق عليه يقَرّ سريعاً في الحكومة والمجلس ويَحصل تمديد تقنيّ لانتخابات تجري في أسرع وقتٍ ممكن في خلال 3 أشهر وربّما أكثر، حسب ما يمكن أن تفرضه طبيعة التحضيرات الإدارية واللوجستية للانتخابات بموجب هذا القانون.

أمّا في حال عدم حصول اتّفاق على هذا القانون النسبي، فإنّ الجميع سيكونون أمام احتمال العودة إلى القانون النافذ بعد تجميله وإخراجه على أنّه «قانون جديد»، ذلك أنّ شعار «لا فراغ ولا تمديد ولا ستّين» الذي يطرحه هذا أو ذاك، كلٌّ على طريقته، لا يعني إلّا أنّ الانتخابات ستُجرى على أساس قانون جديد، وهذا القانون يفترض أن يولد قبل انتهاء الولاية النيابية حتى يصبح التمديد المنتظَر مبرَّراً ويَحفظ ماء وجه مَن يريدون حفظ ماءِ وجوههم، بحيث إنّه سيكون وفق جدول زمني واضح وثابت لإجراء الانتخابات.

ويبدو أنّ مراجعات داخلية للمواقف قد بدأت داخل صفوف كلّ فريق سياسي تَستند إلى ما حصل حتى الآن وتَستشرف المستقبل قبل أن تنتهي الولاية النيابية، خصوصاً أنّ «الفتاوى الدستورية» التي أبداها البعض والتي تُجيز إجراءَ الانتخابات النيابية بعد انتهاء ولاية مجلس النواب وعدم التمديد بحيث يصبح وكأنّه محلول بقرار لمجلس الوزراء بناءً على طلب رئيس الجمهورية، ثبتَ أنّها ليست سوى فتاوى سياسية من شأنها أن تُدخل البلاد في فوضى ونزاعات سياسية لا تُحمد عقباها، لأنّ انتهاء الولاية النيابية بلا تمديد وبلا انتخاب مجلس نيابي جديد يَجعل الحكومة مستقيلةً حكماً لأنّها تَحكم في الأصل بثقة المجلس الذي انتهَت ولايتُه ولم يعُد موجوداً، وبالتالي في هذه الحال من يُجري الانتخابات ومن يُحدّد المهل اللازمة لها، ومن يؤلّف لجنة الإشراف على هذه الانتخابات المنصوص عنها في القانون النافذ في حال تقرَّرَ اعتماده لإنجاز الاستحقاق النيابي في حال ظلّ الاتفاق على قانون جديد متعذّراً ؟؟

وربّما يكون هناك خيارٌ ثالث لإمرار الاستحقاق النيابي لم يتبلوَر بعد، خصوصاً أنّ الجميع يتهيّبون من الوصول إلى الفراغ النيابي، ويَجزم معنيّون بأنّ هذا الفراغ لن يحصل مهما كلّفَ الأمر، إذ حتى ولو أُريدَ للانتخابات أن تُجرى خلال ثلاثة أشهر من تاريخ انتهاء ولاية المجلس فإنّ ذلك لن يكون إلّا بعد تمديد هذه الولاية لكي تُجرى الانتخابات في وجود مجلس يمارس مهمّاته وتنتهي ولايته فور انتخاب المجلس الجديد.

ولذلك لن يكون هناك فراغ، بل إنّ بعض القوى السياسية سيُفرغ بعضَ ما تبقّى من مكنوناته في قابل الأيام قبل الاصطفاف في اتّجاه الاتفاق على قانون انتخابي بمبادئ عامّة تُترجَم لاحقاً أو قانون ناجز تُحدَّد مواعيد ثابتة لتنفيذه.