IMLebanon

«لولا تدخّل حزب الله» تغريدة .. تنتصر لبكركي

لم تمضِ دقائق على بث حلقة «حديث العرب» على شاشة «سكاي نيوز عربية» التي حل البطريرك الماروني بشارة الراعي ضيفاً فيها يوم الجمعة، حتى انطلقت ضده على مواقع التواصل الاجتماعي حملة تحريضية و«شخصية» وصلت حد الشتم والسخرية اللاذعة عند بعض مغردي جمهور «حزب الله». هجوم غير مبرر اجتاح حسابات «المقاومة الافتراضية» وامتد ليومين متتاليين على هاشتاغ «#لولا_تدخل_حزب_الله»، رداً على تأكيد الراعي تفرّد «حزب الله» بقراره بالدخول في الحرب السورية ما ساهم في انقسام اللبنانيين»، موضحاً أن «حزب الله» دخل الحرب السورية من دون أيّ اعتبار لقرار الدولة اللبنانية بالنأي بالنفس الذي كان قد اتخذ في اعلان بعبدا»، واعتبر أنّ ذلك «أحرجَ اللبنانيين وقَسّمهم بين مؤيّد لتدخّله ورافض له».

بداية اختار المغردون نشر صور تم تجميعها من هنا وهناك لبعض عناصر الحزب امام الكنائس ودور العبادة المسيحية في سوريا، مثل عنصر يحمل تمثالاً للسيدة العذراء لحمايته من التشوّه، وآخر يقدّم التحية العسكرية لتمثال السيد المسيح في معلولا، وعنصر ثالث مدجج بالسلاح يلتقط سيلفي في غرفة ممتلئة بصور القديسين. مظاهر مصطنعة تم التقاطها كمادة توثيقية في الترويج الاعلامي لدفاع الحزب عن الاقليات، ولا سيما المسيحية في المنطقة. ثم بدأت تخرج نظريات اخرى من ضمن الهجوم المحضر سلفاً والذي بدا منتمياً الى زمن آخر عن انتقاد تدخل رجال الدين في الشؤون السياسية، فيما يدرك جمهور الحزب قبل اي احد آخر انه ينتمي الى تنظيم عسكري ديني في الدرجة الاولى يقوده رجل دين معمّم ويبني كل عصبه وسلوكه على فتاوى دينية مشددة.

الهجوم الذي استُتبع بتحقير واضح للمسيحيين، محمد خليل مثلاً، الذي يضع صورة نجل عماد مغنية على حسابه كتب «اكيد وكنت سعرك 10 دولارات بسوق النخاسة في امارة الخليفة عكل حال… حزب الله باق وسلاحه باق وقافلته تمشي… ولينبح من ينبح»، استعيد فيه نشر تصاريح لنائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم «لولا تدخل حزب الله لكان داعش يقيم الحواجز في جونية». وبين حملة السخرية من مواقف الراعي حيث نشر حساب «نبض المقاومة» صورة للراعي كتب عليها «شفتو راعي بيتحالف مع الذئاب ضد غنماتو»، وبين التهديد العلني كحساب علي جواد الذي كتب «#لولا_تدخل_حزب_الله لصار لبنان من بعد سوريا امارة من امارات اسرائيل واميركا الداعشية ومن يأبى رأيناه معلقاً على الصليب»، يسجّل للهجوم الهستيري الذي اجتاح موقع «تويتر» افتقاده لأدنى معايير الصدقية والحق البديهي بالرد. غابت ادلة جمهور الحزب وبراهينه حول كل ما ادعاه من محاربة الارهاب دفاعاً عن الاقليات المسيحية والتي اصلاً تصب عكس مصلحته، وبدا كل الكلام الذي قيل كلاماً في الهواء تماماً مثل التصاريح التي يُغدق فيها مسؤولو الحزب على اللبنانيين منذ خمس سنوات.

مقابل كل هذا الهجوم برز الاصطفاف المسيحي موحداً في مواجهة الحملة، وكان تصريح الراعي وحده كافياً ليُسقط زيف ادعاءات الحزب الذي اتخذ منذ دخوله الحرب السورية من الشعارات الدينية وحماية المراقد والاقليات المسيحية خصوصاً من التوغل الارهابي غطاءً تضليلياً لحربه ضد الشعب السوري إكراماً للمصلحة الايرانية. ألين كتبت «لولا_تدخل_حزب_الله ما كان في شباب شيعة عم يطقوا حنك ع تويتر ويتطاولوا على كرسي الموارنة الاعلى. وحماية!!»، فيما ثمّن جابر موقف بكركي التاريخي قائلاً «بكركي نطقت بالحق. هكذا كانت وهكذا ستظل»، وتوجه خليل يموني الى كل المسيحيين الداعمين للحزب في قراره بدخول الحرب بالقول «لكل المشككين او المغشوشين او المستهبلين او الانبطاحيين، قراءة شتائم جمهور حزب الله بحق البطريرك #لولا_تدخل_حزب_الله»، وبدوره علّق يورغوس باختصار مكتفياً بإظهار تداعيات مشاركة الحزب في الحرب على لبنان برمّته «#لولا_تدخل_حزب_الله كنا ع الاقل دولة مش مزرعة»، فيما علّقت إلسي باسيل بوضوح اكثر مؤكدة تراجع دور لبنان الريادي بسبب السياسات الانفرادية للحزب «#لولا_تدخل_حزب_الله لعاد لبنان قبلة الشرق وعاليه وبحمدون وصوفر عروس المصايف وبيروت ست الدنيا».

ومن جديد أعرب جابر عن امتعاضه ومعارضته الكبيرة لمشروع «حزب الله» واهدافه البعيدة عن مصلحة لبنان «فئة خائنة لجغرافيتها واصلها، عميلة لبني فارس وأحقادهم، دمى في يد مشاريع غريبة عن وطننا، لا بارك الله فيكم #لولا_تدخل_حزب_الله»، فيما انتقد شربل عيد هجوم جمهور الحزب على الراعي بعد ادعاء حماية المسيحيين «اسوأ ما في هجوم حزب الله على البطريرك ادعاؤهم انهم بسلاحهم يحمون المسيحيين، وفاتهم ان المسيحيين في لبنان هم من اسس المقاومة منذ 1400 سنة»، ومرة اخرى لفتت إلسي باسيل في تغريدتها إلى ان هدف الحزب لا يختلف عن هدف الدولة الاسرائيلية بوجوب ابقاء الاسد في السلطة «#لولا_تدخل_حزب_الله الايراني لكانت اسرائيل اضطرت للتدخل لحماية المجرم بشار حامي حماها وحارس حدودها. فضيحة»، وعلّق جابر مرة اخرى مؤكداً ان حزب الله اوقع لبنان في مأزق خدمة لايران «حزب الله ما حمي حدا لا مسيحيين ولا مسلمين، حزب الله تورّط وورّط لبنان بمسيحييه ومسلميه بدماء شعب اعزل واستعمل شباب لبنانيين كوقود لافراغ حقده»، واستغرب بعد مقارنته لانتقاد جمهور الحزب لاعلى مرجعية دينية مسيحية من ردة فعل هذا الجمهور نفسه فيما لو تم انتقاد الامين العام للحزب «احدى الفئات بتقوم قيامتها اذا مرق الهوا مرقِة طريق على رموزها، بس هيي ممكن تعمل العمايل القبيحة والفظيعة برموز غيرها لمجرد ابداء الرأي».

وعاد خليل يموني ليعلّق على نظرته إلى تدخل الحزب حماية للمسيحيين في سوريا بالقول «يمكن مسيحيي سوريا مبسوطين ومقتنعين انو نظام الاسد وحزب الله حاميينهم. انا كلبناني مسيحي بقلن… فيكن وبحمايتكن»، وباستهزاء غرّدت راشيل جعجع منتقدة هجوم جمهور الحزب «الخيالي» مبررين فضلهم في ابقاء المسيحيين في ارضهم «يعني نصرالله بحد ذاته لو شافن شو عم يكتبوا وينهبلوا عالهاشتاغ كان بلش يخبط على راسه ويقول شو هالمساطيل اللي عندي»، ليرد على تغريدتها بو مخايل بالقول «هو بيعرف والا مين بيمشي وراه على الانتحار كرمال دولة خارجية بحجة انها بتمثل ارادة الله عالارض وبيدخل الجنة؟ بمين بتذكرنا هاي؟»، وشاركت الين بالرد قائلة «عارف شو عندو ومتكل عليهن ليبعت رسالة للبطرك بلا ما هو او نوابه يردوا ع تصريحه»، خاتمة «المسيحيين وبالاخص الموارنة اللي عم يشاركوا بهيدا الهاشتاغ ارجعوا لتاريخ البطاركة الموارنة لتتذكروا معنى الشجاعة والوطنية #لولا_تدخل_حزب_الله».

لن ندخل مجدداً في النقاش حول اهداف ودوافع «حزب الله» الحقيقية لحربه في سوريا، حول استجرار العمليات الارهابية والجماعات المتطرفة لخلق اوكار لها في الداخل اللبناني او على الاقل تأمينه للحجج الحقيقية لنشاطات هذه الجماعات، وحول دائرة المأساة الحقيقية التي دخلت فيها الدولة اللبنانية ومجتمع الحزب على كافة الاصعدة، فكل ذلك بات تكراره فاقعاً ومستفزاً للبنانيين بأغلبيتهم الساحقة المجبرين على الرضوخ ولو شكلياً امام كل هذه الفوقية والتعنّت والتهديد المبطن بفرط عقد السلم الداخلي متى اقتضى الامر، لكن النقاش حول هجوم جمهور الحزب على البطريرك الراعي، ما يطرح علامات استفهام اخرى، حول مجاهرة الحزب بفناء نفسه دفاعاً عن الاقليات المسيحية، فيما يستشري الغضب والتحريض الاعلامي الممنهج تجاه اعلى مرجعية مسيحية دينية في الشرق عند مواجهته بحقيقة ادعاءاته، وعلامات استفهام اخرى حول الرسالة الواضحة التي اراد الحزب ارسالها الى اي موقع مسيحي، دينياً كان ام سياسياً، فيما لو تجرأ على نقد نهجه واستعمال حجة الاقليات تغطية لاهدافه الحقيقية، ويأتي ذلك بعد ايام قليلة على موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عند زيارته الى مصر، وعلامات استفهام ايضا حول الاعدامات العلنية التي ارتكبتها ايران بحق مئات المسيحيين عقاباً على انتمائهم الديني، وهل يمكن للمسيحيين ان يتناسوا ارتكابات بشار الاسد بحقهم من قتل واعتقال وتهجير وتنكيل وحتى تضييق مالي وتسكير مؤسساتهم وتقويضهم خدمة لنظامه؟، وعلامات استفهام أخرى حول اشارة التحقيقات الى ضلوع النظام السوري في التفجيرات الارهابية التي طالت بلدة القاع المسيحية الحدودية منذ اقل من سنة.

وبعد كل هذا الهجوم والهجوم المضاد، لا بد من التساؤل: هل ان انغماس الحزب في الحرب السورية قسّم اللبنانيين بين مؤيد ومعارض له ام لا؟، وهل ان حزب الله اخذ قرار دخوله في الحرب السورية منفرداً ضارباً عرض الحائط بقرار الدولة الشرعية بالنأي بالنفس عن هذا الصراع ام لا؟…الجواب واضح طبعاً.