IMLebanon

لا شيء صحيحا  وكل شيء ممكن؟

لبنان دخل من بوابة السور الأمامي الى باحة النادي النفطي، بعدما سبقته قبرص واسرائيل. مسافة تأخرنا في قطعها سنوات، ولم تكن تحتاج الى أكثر من قفزة واحدة قام بها سريعا مجلس الوزراء في العهد الجديد باقرار مرسومي النفط. والمسافة الباقية للانتقال من العضوية على الورق الى العضوية الفعلية في النادي تحتاج الى سنوات. وكما في التأخر كذلك في الاسراع: أحاديث لدى البعض عن لعبة محاصصة انتقلت من الخلاف الى الاتفاق، وخطاب لدى البعض الآخر عن الحرص على ثروة وطنية للأجيال. وفي الحالين سؤالان: اذا كانت المراسيم الجاهزة منذ سنوات كاملة، فلماذا تأخر اقرارها ومن فرض ذلك؟ واذا كانت في حاجة الى تعديلات وملء نواقص، فلماذا لم يأخذ مجلس الوزراء فرصة قصيرة لدراستها وجعلها كاملة؟

لا أحد يجهل صعوبة اقناع الناس بأن الشفافية مصانة في مواضيع تتعلق بالنفط والغاز. ففي البلدان المنتجة والمصدّرة للذهب الأسود كثير من الكلام على تأثر السياسات بمصالح الشركات وإغراق السياسيين بالرشاوى والهدايا والحسابات المصرفية. وليس أمرا قليل الدلالات ان تكون المؤهلات التي جعلت ركس تيلرسون يتقدم على كل المرشحين لمنصب وزير الخارجية الأميركية هي صداقته للرئيس فلاديمير بوتين وعلاقاته مع رؤساء ومسؤولين في دول المنطقة والعالم ومونته على بعضهم من خلال الصفقات التي عقدها كمدير لشركة اكسون موبيل. وفي البلدان التي لا تزال مستهلكة مثل لبنان روايات وحتى شهادات عن المحاصصة السياسية في القطاع النفطي وأرقام الثروات.

والأنظار موجهة بالطبع الى دورة التراخيص الأولى والشركات المؤهلة القديمة والتي أنشئت أخيرا على أمل ألاّ تكون الشفافية هي التوزيع العادل للحصص. فما يقطع الشك باليقين، ولو كان مجلس الوزراء من الملائكة، هو وجود دور فعلي مهم لأجهزة الرقابة والقضاء ووجود موازنة. وما يطمئن اللبنانيين الى انهم في مرحلة جديدة بالفعل ليس فقط مديح السرعة في القرار بل أيضا القطع الواضح مع الماضي وممارساته.

لكن المهم ان الطريق صارت سالكة وآمنة أمام حصول لبنان على الثروة الوطنية بعد سنوات من تحمّل أثقال الدين العام من أجل الانفاق الاستهلاكي. فالبدء في التنقيب عن النفط والغاز مصدر جاذبية للاستثمارات. واطمئنان المستثمرين الى وجود ثروة نفطية وطنية في لبنان يشجع أصحاب المشاريع في الداخل والخارج على توسّع الاستثمارات في قطاعات متعددة وتأمين فرص عمل للشباب اللبناني المضطر للهجرة بسبب ضيق مجال العمل هنا.

والرجاء ألاّ ينطبق علينا عنوان كتاب بيتر بوميرانشيف عن روسيا: لا شيء صحيحا، وكل شيء ممكن.