IMLebanon

يوم أوباما الأخير:  حساب رهانات خاسرة

الرئيس باراك أوباما يقضي يومه الأخير في البيت الأبيض، وهو يسمع عكس ما راهن عليه. لا فقط من الرئيس المنتخب دونالد ترامب الذي يتسلم المنصب الرفيع غدا بل أيضا من مسؤولين في دول معادية أو منافسة أو حليفة. فالبارز في ممارسته للسياسة الخارجية ضمن استراتيجية الخندقة هو خطان، كما يُستفاد من كتابين جديدين هما التراجع وعواقبه: سياسة أميركا الخارجية ومشكلة النظام العالمي للبروفسور روبرت ليبر والعصا الغليظة: محدودية القوة الناعمة وضرورة القوة العسكرية للبروفسور اليوت كوهين.

الخط الأول هو ان مصالحة أعداء أميركا ستقود الى متغيرات ايجابية في سياساتهم. والثاني انه اذا تراجعت أميركا خطوة في اطار القيادة من الخلف، فان حلفاءها يتقدمون خطوة ويتحملون مسؤولية أكبر في الحفاظ على النظام العالمي الليبرالي الذي قادته أميركا بعد الحرب العالمية الثانية.

على صعيد الخط الأول أعطى أوباما الأولوية للاتفاق النووي مع ايران، متصورا انه سيقودها الى الاعتدال والانفتاح والتفاهم مع واشنطن على القضايا الاقليمية. لكنه سمع منذ شهور كلاما حاسما للمرشد الأعلى علي خامنئي خلاصته لا حوار ولا تفاوض مع أميركا خارج الموضوع النووي. وهو يسمع في هذه الأيام اعتراض طهران على دعوة واشنطن الى مؤتمر استانة لحوار سوري – سوري بترتيب ورعاية من روسيا وتركيا وايران. ومتى؟ بعدما كانت كل مؤتمرات جنيف ولوزان وفيينا برعاية أميركية – روسية، وكانت دعوة ايران مجال أخذ وردّ.

وعلى الخط الثاني، فان الانكفاء الأميركي الذي مارسه أوباما خلق قلقا لدى حلفاء أميركا في أوروبا والشرق الأوسط، وساهم في تكبير أدوار لقوى اقليمية، وترك لروسيا ملء المسرح. كان الرئيس فلاديمير بوتين يضع قول أوباما ان روسيا قوة اقليمية في خانة الطعن ب الأم المقدسة روسيا. وكانت حرب سوريا الفرصة المفتوحة أمامه لتحقيق مجموعة أهداف بالانخراط العسكري: الحفاظ على النظام حيث كانت دمشق مهددة بالسقوط خلال أسبوعين كما اعترف وزير الخارجية سيرغي لافروف. ضمان قواعد بحرية وجوية على شاطئ المتوسط، القول لأميركا وسواها ان روسيا قوة عالمية. وضمان الشراكة مع أميركا في ادارة النظامين الاقليمي والعالمي.

وهذا ما تحقق، الى حد ان موسكو باتت تقوم بعمليات جوية مشتركة مع تركيا في سوريا، وتدعو الادارة الجديدة الى استانة بصفة مراقب. وبعدما كانت دول العالم تشكو من تدخل أميركا في شؤونها، صارت القوة العظمى تشكو من تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأميركية.

وغدا تبدأ مع ترامب المفتون بقوة بوتين مرحلة أسرع في المسار الانحداري لمكانة أميركا ودورها في العالم.